الغزاويون يسمعون جرشاً ولا يرون طحيناً

رغم الديباجة الجميلة لتقرير أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي جدد فيه الخميس الماضي الدعوة لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والمتواصل منذ ست سنوات عجاف، إلا أن ذلك التقرير المقدم من الأمانة العامة للجامعة إلى مجلس الشعب المصري، كشف عن أن الجامعة العربية ما زالت تعيش أزمتها المستفحلة والمزمنة، وهي ما زالت أعجز عن أن تلبي طموحات وآمال الشعوب العربية.
فالتقرير بدا كمحاولة عربية رسمية بائسة للتنصل من الجريمة الصهيونية في قطاع غزة، حيث حمل خلطاً فاضحاً بين المطالب الإنسانية الملحة لأهالي القطاع والتي لا تقبل التسويف والتأجيل وأهمها إمداد القطاع بالوقود اللازم لإعادة الكهرباء بعد أن أصبح توقف محطة الكهرباء الأساسية في القطاع للمرة الثانية خلال شهر ينذر بكارثة إنسانية ليس فقط على حياة مئات الخدج والمرضى، بل وعلى البيئة بدءاً من مجاري الصرف الصحي وحتى نقاوة المياه، إضافة إلى الآثار الاقتصادية والتعليمية والحياة العامة القاسية على أبناء القطاع، وبين القضايا والخلافات السياسية الخاضعة لأجندات مختلفة، فالتقاعس عن تلبية استغاثة أهل القطاع يجب ألا يعلق على مشجب المصالحة المتعثرة بسبب الضغوط الأميركية- الصهيونية على نهج أوسلو الذي ما زال متمسكاً بالتنسيق الأمني مع الاحتلال ولم يبرز جدية كافية بتحقيق المصالحة وإنجاز مهام الإصلاح الوطني الحقيقي التي تضمن إعادة تفعيل الوحدة الوطنية الفلسطينية بعيداً عن الأجندات الخارجية والفيتو الأميركي.
كما أن تحميل الكيان الصهيوني مسؤولية ما يحدث في القطاع ومطالبة المجتمع الدولي الذي أثبت على مدى عقود طويلة تواطؤه مع الاحتلال بإلزام «إسرائيل» برفع الحصار هو محاولة عربية بائسة للتنصل من الجريمة الصهيونية المتواصلة ضد القطاع، خاصة وأن الكيان الصهيوني يتمرد على كل قرارات الشرعية الدولية دون أن يردعه رادع في ظل استهتار العالم الذي لا يحترم سوى لغة القوة بالضعف والهوان والذل الذي فرضه النظام العربي الرسمي على الشعوب العربية.
وفي ظل الصحوة العربية التي تجسدت بثورات الشعوب «الربيع العربي» أو بتسمية أخرى «الشتاء الإسلامي» فإن استمرار الجامعة العربية في سياستها الانتظارية لما يفعله الآخرون قد يفقدها الشرعية الشعبية التي تدعي منذ نشأتها امتلاكها لها، الأمر الذي يتطلب إقدام الجامعة العربية على مبادرات جريئة وسريعة لإغاثة القطاع المحاصر وإنقاذ الشعب الفلسطيني من العقاب الجماعي اللاأخلاقي واللاشرعي واللاقانوني المفروض عليهم بسبب إصرارهم على حقهم المشروع في مقاومة الاحتلال والإذلال والإبادة العنصرية الصهيونية المتواصلة ضدهم.
جميلة هي الجمل الإنشائية لتقرير الأمين العام للجامعة العربية وهي تعبر عن إحساس بالتضامن مع مأساة الفلسطينيين في القطاع، لكن الأحاسيس الطيبة والجمل الرنانة ليست كافية لمنع الكوارث الإنسانية التي بات شبحها يلوح في الظلام الدامس وانقطاع الكهرباء عن القطاع بسبب العنصرية الصهيونية والتقاعس العربي، فالغزاويون يستحقون أكثر من ذلك من إخوانهم العرب، فهل تجد الدعوة لنصرة الشعب الفلسطيني التي أطلقتها الشعوب العربية آذانا صاغية لدى النظام السياسي العربي الرسمي؟
صحيفة الوطن القطرية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...