السبت 10/مايو/2025

الغزاويون يسمعون جرشاً ولا يرون طحيناً

الغزاويون يسمعون جرشاً ولا يرون طحيناً

رغم الديباجة الجميلة لتقرير أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي جدد فيه الخميس الماضي الدعوة لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والمتواصل منذ ست سنوات عجاف، إلا أن ذلك التقرير المقدم من الأمانة العامة للجامعة إلى مجلس الشعب المصري، كشف عن أن الجامعة العربية ما زالت تعيش أزمتها المستفحلة والمزمنة، وهي ما زالت أعجز عن أن تلبي طموحات وآمال الشعوب العربية.
فالتقرير بدا كمحاولة عربية رسمية بائسة للتنصل من الجريمة الصهيونية في قطاع غزة، حيث حمل خلطاً فاضحاً بين المطالب الإنسانية الملحة لأهالي القطاع والتي لا تقبل التسويف والتأجيل وأهمها إمداد القطاع بالوقود اللازم لإعادة الكهرباء بعد أن أصبح توقف محطة الكهرباء الأساسية في القطاع للمرة الثانية خلال شهر ينذر بكارثة إنسانية ليس فقط على حياة مئات الخدج والمرضى، بل وعلى البيئة بدءاً من مجاري الصرف الصحي وحتى نقاوة المياه، إضافة إلى الآثار الاقتصادية والتعليمية والحياة العامة القاسية على أبناء القطاع، وبين القضايا والخلافات السياسية الخاضعة لأجندات مختلفة، فالتقاعس عن تلبية استغاثة أهل القطاع يجب ألا يعلق على مشجب المصالحة المتعثرة بسبب الضغوط الأميركية- الصهيونية على نهج أوسلو الذي ما زال متمسكاً بالتنسيق الأمني مع الاحتلال ولم يبرز جدية كافية بتحقيق المصالحة وإنجاز مهام الإصلاح الوطني الحقيقي التي تضمن إعادة تفعيل الوحدة الوطنية الفلسطينية بعيداً عن الأجندات الخارجية والفيتو الأميركي.
كما أن تحميل الكيان الصهيوني مسؤولية ما يحدث في القطاع ومطالبة المجتمع الدولي الذي أثبت على مدى عقود طويلة تواطؤه مع الاحتلال بإلزام «إسرائيل» برفع الحصار هو محاولة عربية بائسة للتنصل من الجريمة الصهيونية المتواصلة ضد القطاع، خاصة وأن الكيان الصهيوني يتمرد على كل قرارات الشرعية الدولية دون أن يردعه رادع في ظل استهتار العالم الذي لا يحترم سوى لغة القوة بالضعف والهوان والذل الذي فرضه النظام العربي الرسمي على الشعوب العربية.
وفي ظل الصحوة العربية التي تجسدت بثورات الشعوب «الربيع العربي» أو بتسمية أخرى «الشتاء الإسلامي» فإن استمرار الجامعة العربية في سياستها الانتظارية لما يفعله الآخرون قد يفقدها الشرعية الشعبية التي تدعي منذ نشأتها امتلاكها لها، الأمر الذي يتطلب إقدام الجامعة العربية على مبادرات جريئة وسريعة لإغاثة القطاع المحاصر وإنقاذ الشعب الفلسطيني من العقاب الجماعي اللاأخلاقي واللاشرعي واللاقانوني المفروض عليهم بسبب إصرارهم على حقهم المشروع في مقاومة الاحتلال والإذلال والإبادة العنصرية الصهيونية المتواصلة ضدهم.
جميلة هي الجمل الإنشائية لتقرير الأمين العام للجامعة العربية وهي تعبر عن إحساس بالتضامن مع مأساة الفلسطينيين في القطاع، لكن الأحاسيس الطيبة والجمل الرنانة ليست كافية لمنع الكوارث الإنسانية التي بات شبحها يلوح في الظلام الدامس وانقطاع الكهرباء عن القطاع بسبب العنصرية الصهيونية والتقاعس العربي، فالغزاويون يستحقون أكثر من ذلك من إخوانهم العرب، فهل تجد الدعوة لنصرة الشعب الفلسطيني التي أطلقتها الشعوب العربية آذانا صاغية لدى النظام السياسي العربي الرسمي؟
صحيفة الوطن القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات