رام الله أقرب إلى القدس

لا شك أن المبادرة لعقد مؤتمر دولي خاص بالقدس المحتلة هي مبادرة جيدة، ولا سيما إذا كانت التوصيات التي صدرت مماثلة لتلك الصادرة عن مؤتمر القدس الذي انعقد الأسبوع الماضي في الدوحة، والذي طلب من مجلس الأمن تشكيل لجنة تحقيق دولية خاصة بالانتهاكات “الإسرائيلية” في المدينة المقدسة.
غير أن البيانات لا تكفي، وخصوصاً إذا لم ترفق بإجراءات فعلية على أرض الواقع. بعد انفضاض مؤتمر القدس لم نسمع شيئاً عن آلية التوجه إلى مجلس الأمن لطلب تشكيل لجنة التحقيق، أو عن إعلان لجنة مهمتها التواصل مع المنظمة الدولية في هذا الخصوص. انتهى الاجتماع بعد الخطب الرنانة والمناشدات، وصدر الإعلان الختامي وكل من المؤتمرين ذهب في حال سبيله وبقيت القدس على حالها: انتهاكات يومية وعمليات تهويد.
المؤتمر، ورغم مناشدته أو دعوته لتشكيل اللجنة، وضع حل قضية القدس المحتلة في إطار عملية التسوية، أي أن المدينة ستبقى متروكة إلى مزاج ومساومات المتفاوضين، مع العلم أن عملية التسوية برمتها متعثرة ومتوقفة عند أمور لا توازي أهمية المدينة المحتلة، التي سبق أن أدت إلى مفاوضات كامب ديفيد الثانية في العام 2000.
عن أي تسوية، خاصة على المدينة نتحدث؟ هل يتوقع أحد أن يتم تقديم أفكار أهم من المقترحات التي قدمها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في كامب ديفيد، التي رفضت في حينها؟ لا أحد من المسؤولين الفلسطينيين يشير إلى مثل هذه الإمكانية، إلا إذا كانت دفة المفاوضات قد تغيرت وما رفضه الزعيم الراحل ياسر عرفات من الممكن أن يقبله الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس. كثير من التسريبات خلال العامين الماضيين أشارت إلى مثل هذه الإمكانية، غير أن لا تأكيد خرج على لسان الفلسطينيين ولا نفي أيضاً.
الآن، ومع جمود التسوية، ما هي صيغة إنقاذ القدس من الهجمة التهويدية؟ هذا إذا صح أن المؤتمرين، وفي مقدمتهم الطرف الفلسطيني، جادون في مسعى نجدة المدينة التي تفقد يوماً بعد آخر طابعها. من المؤكد أن مجلس الأمن سيغلق أبوابه في وجه اللجنة، هذا إذا أرسلت وفداً لبحث تشكيل لجنة التحقيق، خصوصاً أن “الفيتو” الأمريكي سيكون جاهزاً، وهو استخدم في قضايا أقل من هذه.
لماذا لا تتم تجربة خيار آخر. أليست رام الله أقرب إلى القدس من الدوحة، ألا تستحق المدينة المقدسة الثورة أو الانتفاض من أجلها، ولينضم بذلك الفلسطينيون إلى ركب الربيع العربي؟ أسئلة برسم القيادة الفلسطينية.
صحيفة الخليج الإماراتية