واشنطن الجديدة… ونتنياهو القديم!

يأمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يزور واشنطن ليجدها مختلفة للغاية هذا الأسبوع؛ حيث إن جميع زياراته السابقة قد تعثرت، من وجهة نظره، بسبب الموضوع الفلسطيني المزعج. ففي إحداها ضُغط عليه كي يعترف بالحاجة إلى حل الدولتين، وفي أخرى تعرض للوم بشأن برنامجه للتوسع في بناء المستوطنات؛ ومنذ عام واحد فقط ذكـِّر بأن حدود 1967 تعتبر هي الأساس لأي اتفاقية سلام مع الفلسطينيين.
وكعادته، تعامل نتنياهو مع كل “إزعاج” من هذه الإزعاجات بأسلوب يختلف كل مرة، فناور في إحداها، وفكك الثانية، ولجأ للبلاغة الخطابية في الثالثة، وعندما فشل كل ذلك، لجأ إلى حلفائه في الكونجرس الأميركي الذين دافعوا بقدر غير قليل من القوة، عن موقفه ضد رئيسهم.
وهو يأمل في هذه الزيارة الجديدة أن تكون جميع تلك “المنغصات” قد باتت شيئاً من الماضي. فمع اندلاع النيران في سوريا، ومع طبول الحرب ضد إيران التي تدق بلا توقف، يأتي نتنياهو إلى مدينة مقتنعة الآن بأن المسألة الفلسطينية تكاد تكون قد نُسيت، وهو يأتي حاملاً ليس غصن زيتون، وإنما عيدان ثقاب يأمل أن يشعل بها عاصفة نار.
ونظراً إلى أن موضوعي فلسطين والسلام باتا غير مطروحين على الطاولة، فإن إيران ستصبح هي بؤرة تركيز هذه الزيارة. ومُضيفو نتنياهو، في لجنة الشؤون العامة الأميركية- الإسرائيلية (آيباك) يدعمون في الوقت الراهن مشروع قانون يمهد الطريق لمواجهة إسرائيلية مع إيران، ترعاه مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين. ومشروع القانون هذا سوف يدفع -كما هو متوقع- الإدارة الأميركية لرفض أي برنامج إيراني لتخصيب اليورانيوم، مع استبعاد خيار الاكتفاء بمجرد “احتواء” هذا البرنامج.
والمنطق الكامن خلف هذا المشروع التشريعي لافت للنظر شأنه في ذلك تماماً شأن السابقة التي يخلقها. فأنا لا أكاد أتذكر واقعة أصدر فيها الكونجرس تفويضاً -أوحتى اقترب من ذلك- بالحد من الخيارات المتاحة أمام إدارة أميركية للسعي لأي خيار بخلاف خيار الحرب، من دون أن يطلب الرئيس نفسه هذا التفويض، أو يدفع من أجله. و”آيباك” و”الليكود” اللذان أرادا هذه المواجهة لما يزيد على عقد من الزمن، أصبحا الآن أقرب مما كانا عليه، في أي وقت مضى، من تحقيق طموحهما.
وهكذا فإن ما حدث هو أن الطاولات جميعاً قد قلبت في واشنطن، التي سترحب برئيس الوزراء الإسرائيلي الزائر، ولن تضغط عليه هذه المرة من أجل إقناعه بعمل الشيء الذي ظل طويلاً يمقت القيام به وهو معالجة موضوع الحقوق الفلسطينية. ففي هذه المرة سيكون “نتنياهو” في مقعد السائق، الذي يضغط على أوباما كي يتخلى مرة واحدة وإلى الأبد، عن الدبلوماسية كتكتيك للاحتواء، أو كخيار استراتيجي، والانضمام لجهود “إسرائيل” في السير قدماً نحو الحرب مع إيران.
وعلينا أن نتوقع انفجار حمى الحرب مع مؤتمر “آيباك” السنوي الذي يبدأ الأحد ويتوقع أن يتركز فيه الحديث عن إيران طوال المؤتمر.
ويتحول الاهتمام في الوقت الراهن إلى أوباما الذي سيتحدث في بداية هذا المؤتمر مع المرشحين الجمهوريين الرئاسيين (باستثناء رون بول) الذين سيقودون جوقة الحرب، وينتقدون “ليونة أوباما”، هم والعديدون من حلفائه “الديمقراطيين” في الكونجرس، وهو ما سيجعل الرئيس يستشعر حرارة لهيب تلك الانتقادات. وعلى رغم أن المنتقدين العرب للرئيس أوباما يشعرون بأنه “سلم المخزن” في سبتمبر الماضي في الأمم المتحدة، إلا أن الإسرائيليين سيستمرون -مع ذلك- في الضغط عليه من أجل الحصول على المزيد باستمرار.
وخلال الفترة الماضية كان أنصار “إسرائيل” في الولايات المتحدة يتميزون غيظاً بسبب الجهود التي يبذلها البيت الأبيض لصب الماء البارد على محاولاتها إشعال نيران الحرب مع إيران. ونتنياهو على وجه الخصوص يشعر بالاستياء بسبب التحذيرات التي وجهها كبار مسؤولي الإدارة بشأن العواقب المحتملة المدمرة التي ستترتب على إقدامه على توجيه ضربة ضد إيران، والمخاوف التي أعرب عنها كبار القادة الأميركيين العسكريين حول مدى فعالية الهجوم الإسرائيلي.
وهم -أنصار إسرائيل- يريدون رسالة دعم واضحة من الرئيس لجهودهم الرامية للدفع من أجل إنهاء الخيار الدبلوماسي، والعمل على عزل، ثم معاقبة إيران. ويريدون أيضاً من أوباما أن يتبنى “الخطوط الحمراء” التي رسموها بشأن برنامج إيران النووي، وأن ينضم إليهم في تأجيج الخطاب المناوئ لها، فضلًا عن أنهم لا يريدون من الرئيس أن يذكرهم بالشيء الذي يسعون جهدهم لنسيانه، وهو الانتقادات لتوسعهم في بناء المستوطنات على أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية، والاحتجاجات على إقدامهم على هدم بيوت الفلسطينيين أو ممارسة القمع مجدداً في الأراضي المحتلة -وكلها أنشطة تفاقمت في الأسابيع الأخيرة (على وجه التحدي لإحراج الرئيس الأميركي في الأغلب الأعم).
إن أنصار إسرائيل، ورئيس وزرائها الذي تبنوه، يريدون ستار دخان إيران، والمناورات السياسية للعام الانتخابي، للحيلولة دون النطق بأي شيء عن موضوع يرغبون في أن ينساه الجميع، هو ممارساتهم الاحتلالية. ولذلك يهدفون لأن تكون هذه الزيارة مغايرة لأي من زيارات نتنياهو السابقة.
رئيس المعهد العربي الأميركي- واشنطن
صحيفة الاتحاد الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قتلى وجرحى في تفجير مبنى بقوة من لواء غولاني برفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قتل عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخرين في رفح، اليوم الخميس، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فيما قالت كتائب...

شهيد وجرحى في سلسلة غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن لبناني وجرح آخرون، في سلسلة غارات شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على جنوبي لبنان، اليوم الخميس، على ما...

حصيلة الإبادة ترتفع إلى أكثر من 172 شهيدا وجريحا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الخميس، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 106 شهداء، و367 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

الادعاء الروماني يحيل شكوى ضد جندي إسرائيلي إلى النيابة العسكرية
بوخارست - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مؤسسة “هند رجب” أن المدعي العام في رومانيا أحال الشكوى التي تقدمت بها المؤسسة ضد جندي إسرائيلي إلى مكتب...

الاحتلال يحول الصحافي الفلسطيني علي السمودي إلى الاعتقال الإداري
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام حوّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، الصحافي الفلسطيني علي السمودي من جنين، شمالي الضفة الغربية،...

“موت ودمار لا يمكن تصوره”.. منظمة دولية تطلق نداءً لوقف النار في غزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت "منظمة أوكسفام الدولية"، نداءً مفتوحًا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، محذّرة من استمرار الكارثة...

إصابات برصاص الاحتلال وحالات اختناق في مواجهات بنابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب عدد من الشبان، ظهر اليوم الخميس، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في البلدة القديمة بمدينة...