الجمعة 09/مايو/2025

أزمة الجيش الإسرائيلي

أزمة الجيش الإسرائيلي

تتوالى “التقارير” في وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، حول ما يسمى “أزمة الميزانية” في جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي تصل ميزانيته السنوية المعلنة إلى 19 مليار دولار أو أكثر، من بينها 3 مليارات دولار هي الدعم الأميركي السنوي، عدا أموال دعم أميركية استثنائية تصل إلى مئات ملايين الدولارات من حين إلى آخر.

وحينما نقول ميزانية الجيش، فإنها الميزانية التي تصرف على الجيش وحده، وهي تقتطع 19% من الموازنة العامة في “إسرائيل”. ولكن حينما نأتي إلى احتساب الميزانية الإجمالية لما يسمى بـ”الأمن” والاحتلال والاستيطان، فإن نسبة كل هذا الصرف من الموازنة العامة تفوق 31%، هذا عدا عن أن لهذا الصرف الحربي حصة كبيرة من الديون العامة، التي يشكل تسديدها السنوي أيضا أكثر من 30% من الموازنة العامة.

في السنوات الأخيرة، خاصة تلك التي ليس فيها حروب، يجري فتح ملف ميزانية الجيش وحده بوتيرة عالية. وقد ثار الجدل بشكل خاص، في أعقاب حملة الاحتجاجات الشعبية، وظهور مطالبات بتقليص ميزانية الجيش بين 550 مليوناً إلى 800 مليون دولار.

ولكن من المفارقات أن ميزانية الجيش المقررة للعام الماضي كانت في حدود 14.5 مليار دولار، وعلى مر العام، طلب الجيش وحصل على مليار ونصف مليار دولار كميزانية إضافية؛ ومرّة أخرى، فإن هذا لا يشمل الدعم الأميركي.

وبعد هذه الزيادة، قررت الحكومة الإسرائيلية إجراء تقليص بنسبة 4% من ميزانيات الوزارات المختلفة لتمويل بنود تتعلق بالقضايا الاجتماعية، وكان الطلب بتقليص 200 مليون دولار فقط من ميزانية الجيش. وعملياً، فإن هذا تقليص إن تم، سيكون من الزيادة الكبيرة التي حصل عليها الجيش في الأشهر الأخيرة.

وبطبيعة الحال، فإن قادة جيش الاحتلال، ومعهم وزيرهم إيهود باراك، يرفضون هذا التقليص. ومن أجل إثارة الرأي العام الإسرائيلي، الذي يتغذى يومياً على حملة الترهيب الرسمية، والتي في صلبها أن “إسرائيل معرضة للإبادة”، فقد راح الجيش يعلن كل يوم عن تقليص نشاطات في أمور حساسة من ناحية المجتمع الإسرائيلي، مثل وقف تطوير منظومة الصواريخ “الدفاعية” قبالة قطاع غزة، وفي يوم تال، أعلن الجيش عن وقف تدريب ما يسمى “ضباط الأمن” في مستوطنات الضفة؛ وكأنه بهذا يهز بيت الدبابير. وفي يوم آخر، أعلن الجيش عن وقف تدريبات الدفاع المدني، وهنا أيضاً ثارت ضجة.

إن قيمة التقليص المطلوب تساوي ثمن طائرة ونصف طائرة F-35 الأميركية، من أصل 20 طائرة تطلب “إسرائيل” شراءها. ولكن النهاية لكل قضية كهذه عرفناها في السنوات الأخيرة، وهي زيادة الميزانية وليس تقليصها. بطبيعة الحال، فإن هذا لا يمر بدون صخب إعلامي وسياسي، يتم فيه تقاسم الأدوار، وتظهر صور الوجوه العابسة، تارة لرئيس الأركان، وأخرى لوزير المالية، وبينهما وزير الحرب، ونتنياهو لا يكون بعيداً عن المشهد.

وهناك من يقع في الفخ، وينتظر “استفحال الأزمة” الموهومة، “فها هو جيش الاحتلال على شفا الإفلاس”! ولكن الحقيقة لا تحتاج إلى جهد. وفي هذا ما يؤكد ما نعرفه، بأن الحركة الصهيونية بنت دولة ومجتمعاً قائمين على العسكرة، ويقدسان مبدأ القوة، بفعل سياسة الترهيب التي يخضع لها مجتمع كامل على مدى الساعات الأربع والعشرين يومياً، وأيام السنة بطولها. وما يجري من بث تقارير وخلافات مزعومة بين أقطاب الحكومة حول ميزانية الجيش، ما هو إلا تقسيم أدوار، لغرض إلهاء المجتمع الإسرائيلي وامتصاص النقمة إن وجدت أصلاً، قبل إقرار زيادة إضافية لجيش دموي شرس، يطبق على الأرض سياسة إرهاب الدولة.

والمؤسسة الحاكمة مطمئنة للمجتمع الذي يقدس العسكرة، وفي نهاية المطاف لن يعترض على دفع ميزانيات ضخمة “من أجل حماية نفسه من الإبادة”! إن سياسة الحرب في “إسرائيل” تحولت إلى صناعة واقتصاد، تبلغ حصته 30% من الناتج القومي العام. ف”إسرائيل” من أكبر الدول المصدرة للصناعات الحربية، وعندها جيش “يستهلك” المعدات والذخيرة. وهذا جانب لا أقل خطورة في هذا الملف؛ بمعنى أن عقلية الحرب لم تعد، منذ سنوات، تهدف إلى حماية المشروع السياسي والأيديولوجي فقط، وإنما هي مشروع اقتصادي لجني الأرباح.
 
صحيفة الغد الأردنية 25/2/2012

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...