الجمعة 09/مايو/2025

تهديدات كيسنجر تفتح ملفات المؤامرة

تهديدات كيسنجر تفتح ملفات المؤامرة

ما بين ملفات قديمة قرأناها من برنارد لويس إلى بريجنسكي إلى كوندوليزا أميركياً، إلى بن جوريون وآفي ديختر وعاموس يادلين صهيونياً، وتحركات غريبة رأيناها، وتصريحات مريبة نسمعها، وإزاء ما يجري متوالياً ودامياً في أكثر من موقع في الوطن العربي والإسلامي متكرراً بذات السيناريو.

وفي وقت واحد، دفع العديد من المحللين لطرح الكثير من الشكوك والأسئلة، من بينها، هل ما جرى ومازال يجري هو من قبيل الصدفة التاريخية، أم هو مخطط واحد بوجوه متعددة وبأدوات متجددة وبشعارات ثورية خادعة ظاهرها الحرية وباطنها الاحتلال، وظاهرها الديمقراطية وباطنها التقسيم، وظاهرها «الفوضى البناءة» وباطنها «الفوضى الهدامة»؟

وهل ما جرى ومازال يجري من حراك شعبي وانتفاضات ثورية ومن حروب أهلية وتدخلات عسكرية أجنبية هي مؤامرات خارجية أم ثورات شعبية، وإذا اختلطت الأوراق أمام من يحاول القراءة وظهرت المشاهد ملتبسة أمام من يحاول الرؤية، فأين المؤامرة وأين الثورة؟

وهل هناك صلة بين وصف الغرب للانتفاضات الشعبية بــ «الربيع العربي» بينما يقصدون أن يصدروا لشعوبهم أنه» الربيع الغربي «ضمن ما سبق وخططوا له في إطار مشاريعهم الاستعمارية الجديدة للشرق الأوسط «الجديد» الصهيوني و«الكبير» الأميركي؟ وبعد عام من «الربيع» هل يكمن الإقرار بكونه «ربيعاً» بعد كل هذه الدماء وهذا العنف.

وتلك الفوضى في ظل ضبابية المشهد الذي لم تتضح ملامحه النهائية بعد عن حقائق مرغوب فيها وطنياً وعربياً وإسلامياً؟ خصوصا في مرحلة مابين الانتقالية هنا والانتقامية هناك والمتحركة هنا والمتجمدة هناك، سواء في تونس حيث كل شيء مؤقت، أو في مصر.

حيث الوصول إلى منتصف الطريق، ومع أوضاع بعضها قد يدفع للتفاؤل أو التشاؤم لكنها لا تكشف عن ملامح واضحة للمستقبل في ليبيا واليمن وسوريا، في ظل تجاذبات متضادة حتى بين قوى الثورة أو المعارضة ذاتها تبقى الرؤية ما بين شتائية معتمة أو خريفية غائمة ولكنها ليست بأي حال ربيعية صافية!

غير أنه مع التسليم بحقيقة وجود المؤامرات الخارجية سواء قبل الانتفاضات أو بالتوازي معها أو ركوبا لموجتها لاحتوائها ووقف اندفاعها وتحجيم تداعياتها والتحكم في اتجاهها.

فإن ذلك لا ينبغي أن يدفعنا لرؤية كل شيء بهذا المنظار متغافلين عن حقيقة أن الواقع كان يشهد العديد من المظالم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية بغير حلول عادلة، مما أنضج الظروف الموضوعية للانفجار الشعبي وللاختراق الأجنبي أيضاً في ذات الوقت. ليبقى الفصل بين الثورات الشعبية الوطنية وشهود الزور عليها أو أدوات الاختراق للوطن تحت مظلتها ضرورة ومسؤولية على الثوار الوطنيين أولاً.

أما عن ما يتصل بدور المؤامرة في المشهد فينبع من حقيقة أن قدر الأمة الإسلامية وفي قلبها الوطن العربي، بموقعها الجغرافي الاستراتيجي في قلب العالم، وبكونها منبع الحضارات الكبرى في تاريخ الإنسانية في مصر والشام والعراق واليمن، ومهبط الرسالات السماوية الثلاث الكبرى، وبما وهبها الله من الثروات الطبيعية الإستراتيجية وأهمها البترول الدافع الرئيسي للنهضة الاقتصادية العالمية.

ومن هنا واجهت الأمة ولا تزال تواجه في الماضي كما في الحاضر ضغوطاً وتحديات وتهديدات هائلة نظراً لوقوعها في قلب خريطة المصالح المتقاطعة والمتشابكة للقوى الاستعمارية الغربية المتنافسة على النهب والسيطرة والنفوذ في الماضي بما أوقعها تحت الاحتلال وبما عرضها للتقسيم في سايكس – بيكو والأولى.

مثلما كانت تواجه نفس الضغوط والتحديات والتهديدات لوقوعها بين طرفي الاستقطاب الحاد بين الشرق الاشتراكي والغرب الرأسمالي خلال الحرب الباردة، لكنها مع ذلك كله كانت تحت مظلة توازن دولي يتيح لها نوعاً من الحياد الإيجابي وعدم الانحياز وقدراً من الاستقلال في تحديد الخيار الوطني. لكن ما واجهته أمتنا بعد انتهاء الحرب الباردة بخروج الاتحاد السوفييتي من معادلة التوازن الاستراتيجي بين القوتين العظميين.

وبروز اللاعب الأميركي كوحيد القرن متطلعاً إلى تحقيق استراتيجية القرن الأميركي وتصفية الحسابات بالقوة العسكرية كان باهظ الثمن ولا يزال يدفع في أكثر من موقع عربي وإسلامي دامياً بحروب ساخنة، ضمن مخططات قديمة وحديثة لإعادة السيطرة على ثروات المنطقة وإعادة رسم خرائط النفوذ فيها. آخر صفحات ملفات الأطماع والتهديدات الصهيو أميركية كشفها في الأسبوع الماضي هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق متحدثاً عن خطة أميركية ترمي إلى احتلال سبع دول في الشرق الأوسط.

ولم يخف الطمع في ثروات الشعوب، مبرراً دواعي ذلك الاستعمار السافر للدول السبع بأهميتها الإستراتيجية واحتوائها على البترول، لكن أخطر ما نبه النائمين العرب والغافلين المسلمين إليه هو قوله: «إن طبول الحرب تدق الآن في الشرق الأوسط وبقوة ومن لا يسمعها فهو بكل تأكيد أصم»، هكذا بكل غطرسة القوة وحماقة الغرور!

الأخطر في كلام العجوز الأميركي الصهيوني هو تبشيره للغافلين من العرب وللمغيبين من المسلمين أنه «إذا سارت الأمور وفق ما هو مخطط لها فسيكون نصف الشرق الأوسط ل”إسرائيل”، وأن جنودهم المدربين جاهزين للقتال ضد العرب والمسلمين ومحاربة تلك «الذقون المجنونة» حسب تعبيره، ويحولونهم إلى رماد، وأضاف لم يبق إلا خطوة واحدة وهي ضرب إيران.

وقال الثعلب كيسنجر «إن إيران ستكون المسمار الأخير في النعش الذي تجهزه أميركا و«إسرائيل» لكل من روسيا والصين. نبني مجتمعاً عالمياً وبعدها نبني عالماً جديداً لقوة واحدة وحكومة واحدة للعالم.

ما كشف عنه كيسنجر يعيد إلى الذاكرة ما تحدثت عنه وثيقة صهيونية أخرى حول نفس الموضوع، نشرتها مجلة كيفونيم لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية عام 1982 تحت عنوان «استراتيجية إسرائيل في الثمانينات» وتحدثت أيضاً عن مؤامرة تقسيم 7 دول عربية هي الصومال والعراق والسودان وسوريا ولبنان والسعودية ومصر هي الجائزة الكبرى.

وهذا كله ملف واحد من ملفات كثيرة ينبغي منا قراءتها بالتفصيل واحداً بعد الآخر، لنعرف ونعي ما يدبر لنا.

[email protected]

صحيفة البيان الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...