السبت 10/مايو/2025

الاحتلال المجرم

الاحتلال المجرم

الكارثة التي ما تزال تزلزل أعماقنا، حزناً وألماً وغضباً، ولن تغادر ذاكرتنا أبداً، هي مأساة حافلة الأطفال التي كانت متجهة من قرية عناتا شمال القدس إلى حديقة الألعاب في مدينة رام الله، في ذلك الصباح المعتم ليوم الخميس من الأسبوع الماضي، لا تبدأ من الخطأ القاتل الذي ارتكبه سائق الشاحنة، أو الطقس العاصف الذي كان يسود المنطقة، أو إهمال إدارة المدرسة التي سمحت بهذه الرحلة الترفيهية في هذا الطقس، بل من الاحتلال “الإسرائيلي” الذي مزق مدن وقرى الضفة الغربية كلها عن بعضها بعضاً، بالجدار الأخطبوطي والحواجز العسكرية والطرق الالتفافية، والطرق الفرعية، إضافة إلى عزلها جميعها عن القدس.

حوادث سير عديدة، تصل إلى المئات وربما إلى الآلاف، حصلت وما تزال تحصل، بسبب هذا التمزيق “الإسرائيلي” لجغرافية طرق المواصلات الفلسطينية، من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، وهي في أغلبيتها قاتلة ومسببة لكثير من الضحايا، وللخسائر المادية. ومع أن السلطة الفلسطينية تسميها “حوادث سير” إلا أنها في الحقيقة، حوادث إجرامية من فعل الاحتلال “الإسرائيلي” نفسه، لا شأن لها بمشكلات السير العادية والمألوفة، تضاف إلى جرائمه الأخرى التي لا تتوقف على مدار الساعة.

جريمة مقتل أطفال عناتا يجب ألا تمر مثل غيرها من الحوادث، وكأنها حادثة سير عادية يطوي المواطنون الفلسطينيون أحزانهم فيها على أوجاعهم الدفينة، كما يفعلون في كل حادث، بل يجب الخروج بها إلى العالم كله، مؤكدين أن هذا الاحتلال الذي ينهش أراضيهم ويقتل أطفالهم، في سبيل رفاهية مستوطنيه، وعنصريتهم وإرهابهم، لا يمكن له أن يستمر دون مواجهة صارمة، ودون أن يدفع ثمن جرائمه.

المستوطنون اليهود من جانبهم، وهم في الأساس، تعبير ميداني مباشر عن الأيديولوجية العنصرية التي يرسخ عليها المجتمع “الإسرائيلي” كله، يقومون في هذه المرحلة، بما يسمونه “تدفيع الثمن”، ما يعني تدفيع الفلسطينيين ثمن وجودهم على أرضهم، بهجماتهم العدوانية المتلاحقة والمكررة على قراهم وأطراف مدنهم، حرقاً وقتلاً واستيلاء على الممتلكات، وتخريباً للمزروعات وتدنيساً للمقدسات، بحماية الجيش “الإسرائيلي” نفسه.

لا بد بالمقابل، من أن يقوم الفلسطينيون من جانبهم، بتدفيع الثمن لهؤلاء الغزاة. صحيح أن الرؤية الفلسطينية الحالية، في سياق البرنامج الوطني المتوافق عليه، لا تتضمن المقاومة المسلحة في التصدي لهم. إلا أن المقاومة الشعبية السلمية متوافرة للعمل الجمعي على امتداد كل المدن والقرى والمخيمات، وهي موجودة فعلاً بإنجازاتها في بعض القرى الحدودية مثل بلعين الصامدة على طريق هذه المقاومة منذ سنوات عدة، والتي استطاعت أن تحقق النموذج الراقي للاقتداء بها.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...