الاحتلال المجرم

الكارثة التي ما تزال تزلزل أعماقنا، حزناً وألماً وغضباً، ولن تغادر ذاكرتنا أبداً، هي مأساة حافلة الأطفال التي كانت متجهة من قرية عناتا شمال القدس إلى حديقة الألعاب في مدينة رام الله، في ذلك الصباح المعتم ليوم الخميس من الأسبوع الماضي، لا تبدأ من الخطأ القاتل الذي ارتكبه سائق الشاحنة، أو الطقس العاصف الذي كان يسود المنطقة، أو إهمال إدارة المدرسة التي سمحت بهذه الرحلة الترفيهية في هذا الطقس، بل من الاحتلال “الإسرائيلي” الذي مزق مدن وقرى الضفة الغربية كلها عن بعضها بعضاً، بالجدار الأخطبوطي والحواجز العسكرية والطرق الالتفافية، والطرق الفرعية، إضافة إلى عزلها جميعها عن القدس.
حوادث سير عديدة، تصل إلى المئات وربما إلى الآلاف، حصلت وما تزال تحصل، بسبب هذا التمزيق “الإسرائيلي” لجغرافية طرق المواصلات الفلسطينية، من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، وهي في أغلبيتها قاتلة ومسببة لكثير من الضحايا، وللخسائر المادية. ومع أن السلطة الفلسطينية تسميها “حوادث سير” إلا أنها في الحقيقة، حوادث إجرامية من فعل الاحتلال “الإسرائيلي” نفسه، لا شأن لها بمشكلات السير العادية والمألوفة، تضاف إلى جرائمه الأخرى التي لا تتوقف على مدار الساعة.
جريمة مقتل أطفال عناتا يجب ألا تمر مثل غيرها من الحوادث، وكأنها حادثة سير عادية يطوي المواطنون الفلسطينيون أحزانهم فيها على أوجاعهم الدفينة، كما يفعلون في كل حادث، بل يجب الخروج بها إلى العالم كله، مؤكدين أن هذا الاحتلال الذي ينهش أراضيهم ويقتل أطفالهم، في سبيل رفاهية مستوطنيه، وعنصريتهم وإرهابهم، لا يمكن له أن يستمر دون مواجهة صارمة، ودون أن يدفع ثمن جرائمه.
المستوطنون اليهود من جانبهم، وهم في الأساس، تعبير ميداني مباشر عن الأيديولوجية العنصرية التي يرسخ عليها المجتمع “الإسرائيلي” كله، يقومون في هذه المرحلة، بما يسمونه “تدفيع الثمن”، ما يعني تدفيع الفلسطينيين ثمن وجودهم على أرضهم، بهجماتهم العدوانية المتلاحقة والمكررة على قراهم وأطراف مدنهم، حرقاً وقتلاً واستيلاء على الممتلكات، وتخريباً للمزروعات وتدنيساً للمقدسات، بحماية الجيش “الإسرائيلي” نفسه.
لا بد بالمقابل، من أن يقوم الفلسطينيون من جانبهم، بتدفيع الثمن لهؤلاء الغزاة. صحيح أن الرؤية الفلسطينية الحالية، في سياق البرنامج الوطني المتوافق عليه، لا تتضمن المقاومة المسلحة في التصدي لهم. إلا أن المقاومة الشعبية السلمية متوافرة للعمل الجمعي على امتداد كل المدن والقرى والمخيمات، وهي موجودة فعلاً بإنجازاتها في بعض القرى الحدودية مثل بلعين الصامدة على طريق هذه المقاومة منذ سنوات عدة، والتي استطاعت أن تحقق النموذج الراقي للاقتداء بها.
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...