الخميس 08/مايو/2025

هي نصائح أم مواجهات.. على صفحات الإعلام؟

هي نصائح أم مواجهات.. على صفحات الإعلام؟

أوساط صحفية تحدثت عن ارتباك داخل حماس على خلفية توقيع إعلان في الدوحة بين مشعل وعباس وساقوا تصريحات السيد محمود الزهار عضو مكتب سياسي حماس التي اعترض فيها على مشعل وحمل فيها على الإعلان كدليل على ذلك.. وحسب زاوية النظر والاستثمار السياسي والإعلامي الحزبي أو الشخصي الذي يريد أن يصل إليه كل أحد تناولوا الخلاف وتوصيفاته وما يستنتج منه.. فمنهم من اعتبره دليلاً على وجود ما يسمى بحماس الخارج وحماس الداخل ثم حماس الضفة وحماس غزة.. ومنهم من اعتبره خلافاً طبيعياً وظاهرة صحية؛ وبين هؤلاء وأولئك آخرون راحوا يسودون صحفاً وصحائف ويشغلون الرأي العام بإنشاء لغوي لا يقوم على ساق ولا يسمن من شبع ولا يغني من جوع..

والصحيح والمقرر وبالاستقراء لتاريخ هذه الحركة – الكبيرة والناجحة – وباعتبار هذا الإشكال ليس عاماً في صورتها وليس مكرراً في سلوك قادتها وبالنظر لممارساتها الانتخابية التي اطلع عليها الناس ولمفرزاتها في مفاصل العمل اليومي السياسي والإعلامي والميداني.. هو أن الانسجام والتفاهم فيها حقيقيان.. وأن آلية اتخاذ القرارات ومراجعتها صحيحة.. ولكن من الواضح أن لدى السيد الزهار ولكونه تكرر منه ذات التصرف – ومع كل الاحترام لمكانته التنظيمية وكأب لشهيدين – من الواضح أن لديه هو فقط إشكالية إما فهم ماهية العلاقة وحدود المقبول والممنوع من طرائق النقد الداخلي في حركة كبيرة لها نظامها ولوائحها وأعرافها، أو أنه بسبب زحمة مشاعر الإخلاص والتخوف من مردودات المصالحة على مكتسبات حماس الاستراتيجية قد غفل عن استخدام الأمثل والأوصل من القنوات الرسمية، وغفل عما حوله وحول حركته من متربصين يستفزونها ومن أعداء يحاولون استزلاقها إلى كل خطأ.. وأقول:

من الضروري التفريق بين نقد بناء منسجم مع روح النصيحة ومقصود الإصلاح وبين نقد لا يسترجع الحد الأدنى من الود المسفوح؛ ومن الضروري فيمن يريد الإصلاح أن يتوقى حظوظ النفس، وأن يسير بنصيحته في مجاريها وضمن مرجعياتها، وأن يختار لها الأمثل من الأسلوب والأقوم من أسباب الاستجابة.. في هذه اللحظة لا تكون الوجاهة للسؤال عن مدى الإخلاص ولا عن حسن النية، ولا عن السجل الجهادي أو الدعوي للواعظ الناصح، ولا عن كلمات الاحترام المتخللة لخطاب يصنف كله في التجريح، ولا عن قدرة الناقد – الناصح – على تصفيف الألفاظ وكسر المجرور ورفع الفاعل ولا عن قواعد النحو والصرف، بل ولا عن المضمون النهائي للفكرة المراد توصيلها والاعتراض بها؛ ولكن تنظر وترصد وتقيم صحة اختياره لأسلوب على سواه، ووجاهة اختياره لوسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية والمقابلات الصحافية كسبيل يراه موصلاً للمقصود وبديلاً عن المرجعيات التنظيمية والقنوات الرسمية والخطاب المباشر.. وينظر ويرصد ويقيم الاحترام “الحقيقي” المتمثل في احترام الموقع واحترام المؤسسة واحترام الخصوصية والاختصاص..

في هذا السياق أيضاً يحضرني خطاب أو رسالة وجهها الداعية – المحبوب – وجدي غنيم – ناقداً السيد هنية في زيارته لإيران وأورد في رسالته كلمات وأوصافاً لا تمت لأي مستوى من مستويات الأخوة.. ولست أدري ماذا يبقي من الاحترام بعد أن يتعرض داعية محترم لشخص يناديه بالأخ بكلمات الخيانة والشذوذ! صحيح أنه نسب ذلك للعوام الذين يقول إنه ينقل عنهم.. ولكن حتى مع ذلك فهل يصح أو يليق الاستدلال بكلام العامة على خاصة الخاصة؟ وهل فكر السيد غنيم في أثر ما أوصله لتلامذته ومريديه ومن يسمعونه عبر اليوتيوب على موقفهم من السيد هنية ومن حماس ومن مؤسساتها ومن شوراها..

لنعد لموضوع اعتراض السيد الزهار الذي وصل الإعلام وأوهم الخلاف الكبير ولإضافة شيء ذي قيمة تحليلية للقارئ.. ونسأل: هل موافقة السيد مشعل على عباس في منصب رئيس الوزراء أضافت كثيراً لعباس على الصعيد الشخصي أو الوجاهي؟ وهل هذا المنصب أعلى أم أدنى مما عليه الرجل الآن؟ ثم أليس كل الذين توافقت عليهم حماس من حركة فتح لهذا المنصب.. أليسوا موظفين لديه وخاضعين لأمره ومنصاعين حتى لخلجات صدره؟ ولماذا لا ينظر السيد الزهار إلى الجزء الممتلئ من الكأس؛ أليس القبول بعباس سيمرر الاتفاق المعقود والمتوقف منذ شهور؟ أم أن التوقف طويلاً والتأرجح بين الإقدام والتلبث قدام الانتخابات المتعددة – التشريعي والوطني والرئاسة – والتي لم يبق عليها إلا شهران هو المطلوب وهو الصواب وهو المصلحة الراجحة؟ ثم إن كانت إزاحة فياض عن المشهد مصلحة راجحة فهل ممكنة بشخصية دون عباس؟ من يعرف كيف تم إعداد فياض هذا لهذا المنصب ويعرف ما جرى في مجاري التغييرات في السلطة وفي المنظمة وحتى في فتح ولجنتها المركزية لأجله يعرف أن إزاحته في حد ذاتها إنجاز وطني كبير وفتح معنوي تصحيحي لمسيرة كان يمكن أن تنطلق في أية لحظة وقد لا يمكن السيطرة عليها بدون دماء كثيرة ودون بعثرة ما تبقى من الثوابت..

آخر القول: أن يختلف أبو الشهيدين – الزهار – مع أخيه السيد خالد مشعل في رأي أو في أفضلية ما، وأن ينتقد الداعية الداعية المحبوب وجدي غنيم أخاه السيد إسماعيل هنية؛ فهذا مما لا بأس فيه ولا سبب لإدانته أو رفضه.. ولكن أن تظهر هذه الخلافات على صفحات الإعلام بعد اتخاذ القرار المركزي، وأن تقدم منحاً مجانية للمتربصين يستثمرونها سياسياً وإعلامياً وليصعدوا بها على كسور المواقف والآراء وليشغلوا الرأي العام بها.. فذاك هو المرفوض وذلك هو المذموم..

[email protected]

صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات