الأحد 11/مايو/2025

مبدئية خضر عدنان

مبدئية خضر عدنان

يدخل الأسير الفلسطيني خضر عدنان يومه الرابع والستين وهو في حالة إضراب عن الطعام تدهورت خلالها صحته، لكن إرادته قوية ومعنوياته عالية بحسب وسائل إعلام تتابع حالة عدنان التي تعتبر حلقة جديدة وصلبة في مسيرة الإرادة الفلسطينية الرافضة للاحتلال “الإسرائيلي”، التي تؤكد ثقافة المقاومة بهذا النموذج الاحتجاجي المدني على سياسة الاعتقالات الإدارية التي تمارسها “إسرائيل” منذ سنوات ولا ترتكز إلى قواعد قانونية وأخلاقية.

حالة الإضراب عن الطعام الذي بدأه خضر عدنان منذ السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، إن لم تكن الأطول في تاريخ مثل هذه المقاومة السلمية على المستوى الفلسطيني وربما في العالم، فإنها واحدة من الحالات التي تؤشر على صلابة في الموقف النضالي يقل نظيرها في زمننا هذا الذي تتحول فيه بعض القيادات الفلسطينية إلى متفرّج على الأسير وعذاباته القاسية، والأسوأ من ذلك أن يتحول هؤلاء إلى متضامنين، فقط متضامنين مع رجل مبدئي يتجه بجسده وبكينونته البشرية إلى الموت من دون أدنى شعور بالخوف أو التنازل عن القضية الأساسية التي تحركه وتحوّله إلى نموذج بطولي.

هنا، مربط الفرس كما يقولون، المبدئية، وثقافة المقاومة، والإرادة الحرّة.

من هذه المنطلقات ينمو نموذج البطل في شخصية هذا الأسير الفلسطيني، فيما يموت أو يتلاشى نموذج “القيادي” في بعض شخصيات فلسطينية سياسية.

أمام بؤس سياسي فلسطيني يسطع حضور الأسير خضر عدنان كمثال ليس أخيراً ونهائياً على إعادة الروح الفلسطينية إلى عافيتها وإلى ضميرها المقاوم، حتى لو كانت وسيلته إلى ذلك تدهور صحته وقتل جسده بقراره وإرادته.

ضمنياً لا يريد خضر عدنان إنهاء إضرابه إلا بتحقق الهدف الذي بدأ من أجله الإضراب، ولكن إذا أردنا قراءة هذه الحالة الفلسطينية المقاومة بإحالات ودلالات أوسع وأكثر شمولية سياسية، فإن جزءاً من الاحتجاج الداخلي لهذا المقاوم الفلسطيني قد يكون احتجاجاً موجّهاً للحالة الفلسطينية برمتها، التي تحتاج إلى أقصى درجات المساءلة والنقد، وعلى نحو مبدئي أيضاً.

[email protected]

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات