الأربعاء 07/مايو/2025

الفلسطينيون يستعيدون قرارهم

الفلسطينيون يستعيدون قرارهم

لا بد من وضع اتفاق المصالحة الفلسطينية بين «فتح» و«حماس» في إطاره الحقيقي، أي في إطار ما تشهده المنطقة العربية من تحولات. فالثورات تميل إلى وضع مصالح شعوبها في مرتبة تتقدم على الشعارات الخارجية التي كانت الأنظمة السابقة تحاول أن تحتمي بها، سواء كانت هذه الحماية «غربية»، تحت شعار مواجهة هذه الأنظمة للحركات الإسلامية، كما كانت الحال في كل من تونس ومصر، أو كانت حماية لمواقف النظام «الممانعة» بحجة تفرغه للمواجهة والتحرير، كما هي الحال الآن في سورية.

بهذا المعنى يمكن فهم اندفاع خالد مشعل إلى المصالحة مع محمود عباس، وهو الذي قال ما قاله في الرئيس الفلسطيني، عندما كانت متاحة لأبو الوليد الإقامة في دمشق. إنه اندفاع إلى وضع الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام فوق كل اعتبار، ما عدا اعتبار المصلحة الفلسطينية. وكأن مشعل يرفع الصوت أخيراً ليقول: كفى متاجرة من أي كان بهذه القضية، وليؤكد بعد توقيع الاتفاق في الدوحة على عودة القرار الفلسطيني موحداً على قاعدة الشراكة، سواء في إطار السلطة أو في أطار منظمة التحرير الفلسطينية.

لماذا بات هذا ممكناً الآن، بعد أن كان متعذراً طوال السنوات الأربع الماضية، رغم الدعوات المتكررة من حركة «فتح» إلى إنهاء الوضع الشاذ في قطاع غزة، الذي كلف الفلسطينيين دماء واقتصاداً وشللاً سياسياً؟ الجواب أن قرار الفصائل الفلسطينية بات الآن ملكاً لهذه الفصائل، ولم يعد يخضع لاعتبارات الإقامة ومراعاة سياسات الأنظمة، كما كانت حال «حماس» مع النظام السوري. ذلك أن ميل المنظمات الفلسطينية إلى الوحدة يجب أن يكون هماً وطنياً، إذ أنها لا تتمتع برفاهية الانقسام في ظل الضغوط التي تواجهها أمام الاحتلال الإسرائيلي.

وليس أفضل من الحكم على أهمية هذا الاتفاق المتأخر بين الفلسطينيين من رد فعل الجانب الإسرائيلي عليه، إذ اعتبر بنيامين نتانياهو أن على أبو مازن أن يختار «بين السلام مع حماس أو السلام مع إسرائيل»، في محاولة واضحة الأهداف لتبني الاتهامات التقليدية التي كانت توجهها «حماس» في زمن الانقسام إلى الرئيس الفلسطيني.

طبعاً ستكون هناك اختبارات جمّة على طريق تطبيق الاتفاق بين الفلسطينيين، سواء داخل «فتح» التي أكد رئيسها أبو مازن مجدداً أنه لا ينوي الاستمرار في الرئاسة، أو داخل «حماس» التي سبق لرئيسها أن أعلن الأمر نفسه، في الوقت الذي يواجه قراره الأخير بالمصالحة اعتراضات من قبل مسؤولين كبار في الحركة، داخل غزة وخارجها. وهو ما يشير إلى أن الحركة الفلسطينية مقبلة على تغيرات أساسية على مستوياتها القيادية، سيبقى معها اتفاق الوحدة والمصالحة قابلاً للمراجعة وللتراجع في أي وقت، سواء تحت ضغط مصالح الزعامات الداخلية أو بفعل الضغوط الخارجية.

غير أن المهم أن اتفاق الدوحة الفلسطيني يتمتع بحظوظ للبقاء أفضل من تلك التي حظي بها اتفاق الدوحة اللبناني. فهذا الاتفاق كان لإنقاذ لبنان ولحماية ما أمكن من مصالح سورية فيه بعد انسحاب جيشها، وعلى قاعدة «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم»، وقد سقط بفعل تراجع دمشق عن التزاماتها بموجبه. أما الاتفاق الفلسطيني فقد جاء رغم الإرادة السورية ومن دون اعتبار لـ «مصالحها» على الساحة الفلسطينية، وهي المصالح التي لم تتأمن في أي وقت إلا على حساب وحدة الفلسطينيين واتفاق فصائلهم.

صحيفة الحياة اللندنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...