الأحد 11/مايو/2025

الليكوديون الصهاينة يستحضرون برنامج ضفتان للأردن مجددا!

الليكوديون الصهاينة يستحضرون برنامج ضفتان للأردن مجددا!
مرة اخرى، يتأجج الجدل في اروقة الليكود الصهيوني حول “الاردن والوطن البديل” وحول “اسرائيل الكبرى”، ومرة اخرى تتعالى الأصوات داخل الليكود مطالبة بالعودة الى برنامج جابوتنسكي “ضفتان للاردن” والذي يعتبر عمليا الاردن جزءا مما يسمونها ب”ارض اسرائيل” والتي تشمل فلسطين التاريخية والأردن، وهذه الاصوات ليست يتيمة او منقطعة الجذور والامتدادات، بل هناك مطالب قوية بان تتبنى قيادة الليكود هذا البرنامج كما قال ايتاي هارئيل، مؤسس البؤرة الاستيطانية “مجرون” لموقع “واينت”، موضحا:” ان طريق جابوتنسكي “ضفتان للاردن” هي الطريق المناسب له ولكن يجب الاهتمام بان تسير قيادة الحزب في هذا الطريق”، ولا يخفي هارئيل، انه موجود في الليكود لكي يؤثر على برنامجه وخطواته السياسية، بكل ما يتعلق بالاستيطان والمستوطنات.

ويذكر وزير الحرب الاسرائيلي الاسبق موشيه أرنس بـ ” طريق جابوتنسكي” تحت عنوان “يوم التمرد” قائلا:”في شهادة أمام لجنة بيل في لندن في الحادي عشر من شباط ،1937 قال فلاديمير “زئيف” جابوتنسكي، ان هدف الصهيونية هو انشاء دولة يهودية على جانبي نهر الاردن; دولة يكون فيها مكان “للسكان العرب وذريتهم ولملايين اليهود”، كان عدد سكان الاستيطان اليهودي في أرض اسرائيل في تلك الايام نحو 400 ألف نسمة”، مضيفا:”تبين بعد الحرب للقادة الصهاينة، انه فضلا عن انه لا يوجد ما يكفي من اليهود لانشاء اكثرية يهودية صلبة في ارض اسرائيل – وهذا شرط لانشاء دولة يهودية غربي الاردن وشرقيه – لن يكون قدر كاف في الهجرة اليهودية المتوقعة لانشاء اكثرية هكذا حتى في المنطقة غربي الاردن”.

فحينما يصر الليكوديون المتشددون في الخريطة السياسية الاسرائيلية بين آونة واخرى على استحضار شعارهم الجابوتنسكي”ضفتان للاردن”، فان المسألة اذن ليست عفوية، وليست لمرة واحدة، وليست ردة فعل ابدا، بل هي برنامج سياسي معزز بالايديولوجيا الصهيونية والتوراتية، لذلك لم تكن عملية “اقتحام الحدود الاردنية في الثاني والعشرين من كانون اول/2011 على يد مجموعة من المستوطنين المتطرفين” عفوية وبدون مناخات ايديولوجية وسياسية ناضجة، ففي الخلفية كم هائل من الادبيات السياسية والتوراتية التي تزعم ان “الاردن جزء من ارض اسرائيل”، و”ان الدولة اليهودية كان يجب ان تقام على ضفتي الاردن”، و”ان الوقت لم يفت على مثل هذه الدولة”…!

فرئيس الكنيست الاسرائيلي السابق روبي رفلين كان أعلن “أن قيام دولة إسرائيل على ضفتي نهر الأردن هدف قابل للتحقيق الآن أكثر من أى وقت مضى”، وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت- الثلاثاء 28 / 07 / 2009″ذكرت” إن مراقبين سياسيين في إسرائيل رأوا أن تصريحات ريفلين تعني أن تل أبيب تعتبر أرض الأردن أرضا إسرائيلية، وأنه لا يجوز التفريط بها أو التفريط بالضفة الشرقية”، وأفادت الصحيفة “أن تصريح ريفلين كان للرد على رئيس الدولة “شيمون بيريز” الذى قال: “إن أمنية زئيف جابوتنسكي، أحد مؤسسى الحركة الصهيونية، بقيام دولة إسرائيل على ضفتى نهر الأردن أصبحت صعبة التحقيق”، وأكد بيريز خلال الجلسة أن “جابوتنسكي كان يحلم بدولة يهودية على ضفتي نهر الأردن، وأن هذا الحلم كان حلما كبيرا بالنسبة لنا، ربما أكبر من الحياة والزعماء قد يرتكبون أخطاء كبيرة أحيانا”، وفي رده عليه قال رفلين: “إن أمنية جابوتنسكي بقيام دولة إسرائيل على ضفتي نهر الأردن تصلح اليوم أكثر من أى وقت مضى في تاريخ إسرائيل”، مضيفا بأن “جابوتنسكي لم يكن مخطئا”.

وكذلك كانت دعوات سابقة صدرت من الكنيست الإسرائيلى لمطالبة الحكومة بعدم “التنازل عن جزء من أراضيها”، معتبرة أن “الأراضي الواقعة غربي وشرقي ضفتي نهر الأردن هى جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل الكبرى”.

ونتنياهو يزعم في كتابه “مكان تحت الشمس” مثلا: ” أن اسرائيل نفذت سنة 1948 قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الصادر بعد تسعة عشر سنة في تشرين الثاني ،1967 وذلك بتخليها عن الضفة الشرقية لنهر الأردن.. وأن هذه الضفة هي حصة الفلسطينيين من فلسطين، تنفيذا للقرار المذكور..?، ويستحضر نتنياهو الماضي الاستعماري مذكرا أنه قد “تم في فرساي التعهد لليهود بإقامة دولة في فلسطين، وشمل الوطن القومي آنذاك ضفتي نهر الأردن..هذه المنطقة التي تسمى أرض إسرائيل الانتدابية..تشمل أراضي دولتي الأردن وإسرائيل اليوم..”، ويرى أن بريطانيا التي كلفت بالانتداب على هذا الوطن القومي لليهود قد تراجعت عن التعهدات التي أخذتها على عاتقها بموجب وعد بلفور ففي عام 1922 انتزعت بريطانيا شرق الأردن من الوطن القومي لليهود، وبجرة قلم واحدة انتزع من الأراضي المخصصة للشعب اليهودي ما يقارب 80% من هذه الأراضي، وتم إغلاق شرق الأردن بكامله في وجه الاستيطان اليهودي حتى يومنا هذا. ص109″، ويزعم:”أن البريطانيين اقتطعوا الأردن من أرض إسرائيل، وقدموه هدية للعرب ليكسبوا ودهم، وبذلك”تقلص الوطن القومي اليهودي إلى ثلث مساحة فلسطين”، ص 121.

وكان بلدوزرهم – شارون – اوضح من عبر هذه الادبيات عندما صرح في اعقاب فوزه في الانتخابات /عام2001/مع الصحيفة الالمانية “فوكس ” قائلا : ” ايضا شرقي الاردن جزء من ارض اسرائيل”، اما النائب اليميني أريه ألداد من حزب “الاتحاد الوطني” المتطرف، فيواصل تاكيده تمسكه بموقفه الداعي لإيجاد “وطن بديل للفلسطينيين في الأردن”، رغم الاحتجاجات الأردنية على تصريحاته، ونقلت صحيفة /معاريف/ العبرية-“2/5/2009” عن الداد قوله “لا يستطيع أحد أن يقنعني بأن الأردن ليست للفلسطينيين وأرفض بشدة الانتقادات الأردنية”، وأضاف “هذا ليس شيئا جديدا فقد أكد على ذلك بن غوريون وأرئيل شارون ورحبعام زئيفي” وجميعهم من كبار قادة اليمين الإسرائيلي المتطرف”.

غير ان عضو الكنيست المتطرف ميخائيل بان أري رد عليه قائلا بأنه “لا يمكن لإسرائيل التنازل عن جزء من أراضيها فالأراضي الواقعة غربي وشرقي ضفتي نهر الأردن هي جزء لا يتجزأ من ارض إسرائيل الكبرى/اذاعة الجيش 27 / 05 / 2009”.

فالواضح في الخريطة السياسية الاسرائيلية ان هذه الاصوات الليكودية الداعية الى العودة الى برنامج”ضفتان للاردن”، ليست يتيمة او قليلة، فحسب المحلل الاسرائيلي جدعون ليفي- هآرتس-30 أيار 2011- فان”الليكود” هو الحزب الأكبر في إسرائيل، وهو الأكبر في تاريخ إسرائيل، وهو الأكبر في العالم الديمقراطي، اذ يبلغ عدد ممثليه في الكنيست، إذا ضممنا بناته وأخواته والتوائم ،86 لم تنشأ عندنا قط أميبا سياسية كهذه مدت أذرعها إلى جميع الأحزاب الكبيرة وألقت عليها ظلاً ثقيلاً”، مضيفا:”الليكود هو الحزب الأم; فقد نشأت كل قيادة “كديما” تقريباً فيه; وأنشأ افيغدور ليبرمان حزب “إسرائيل بيتنا” وهو أيضاً من خريجي “الليكود”; وجاء جزء كبير من مصوتي “شاس” من “الليكود”; وكتلة “الاستقلال” تابعة ل¯ “الليكود”، وهي معاً 86 نائباً-من مجموع 120 نائبا عدد اعضاء الكنيست- شعب واحد وحزب واحد وصوت واحد، ولا يوجد شيء كهذا في العالم الغربي”.

لنجد اننا ما زلنا امام مشروع صهيوني استعماري استيطاني اقتلاعي احلالي كبير ومرعب، يستهدف فلسطين والاردن معا، وليصل الى حدود الفرات، بل ان هذا المشروع لن يتوقف ابدا، وربما يشهد مسقبلا المزيد من التصعيد والترجمات الاحتلالية على الارض هناك، ولنجد انفسنا امام خريطة سياسية اسرائيلية تمتد مساحتها الحزبية لتشمل الليكود وتفريخاته اليمينية، وامام برامج سياسية يجمعون عليها مسعورة تتطلع ليس فقط لابتلاع فلسطين من بحرها الى نهرها، وانما لابتلاع الضفة الشرقية برمتها ايضا…!

العرب اليوم، 6/2/2012

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات