الأحد 11/مايو/2025

الخطيب في حوار مع المركز الفلسطيني للإعلام: الشعوب في خط المواجهة مع الكيان

الخطيب في حوار مع المركز الفلسطيني للإعلام: الشعوب في خط المواجهة مع الكيان
حذّر الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، الكيان الصهيوني من تنفيذ أي خطوات حمقاء ضد المقدسات الإسلامية، لا سيما المسجد الأقصى، لافتًا النظر إلى أن الشعوب العربية التي خلعت الزعماء المستبدين هي من ستتحرك ضد أي اعتداء صهيوني.

وقال الخطيب، في حوار مع “المركز الفلسطيني للإعلام” ينشر على التوالي: “على الكيان الصهيوني أن يعي الآن، في ظل تضييقه على المقدسات الإسلامية، أن يدرك بأن القوانين كلها قد تغيّرت، وأن الشعوب الآن هي التي في خط المواجهة وليس تلك الأنظمة، وبالتالي ما على الكيان الصهيوني إلا أن يدرك أن أي خطوة حمقاء يمكن أن يقوم بها لن تكون في صالحه”.

واعتبر القيادي الإسلامي في الداخل الفلسطيني أن مرحلة خلع هؤلاء الزعماء المستبدين تجعل الشعوب هي صاحبة القرار، كما ظهر ذلك جليًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في عدد من الدول العربية، وهذا يمثل مصدر قوة بإذن الله للمسجد الأقصى المبارك”، مذكّرا بأنه قبل أكثر من شهر كان هناك تفكير جدي لدى الاحتلال بهدم طريق باب المغاربة،  ثم عادوا ودرسوه بعد أسبوع، إلا أن الرسائل القوية التي خرجت من  الأردن ومصر والنداءات الشعبية من التظاهر  ضد هذه المخططات؛ جعل المؤسسة الصهيونية ترجئ مشروع الهدم هذا”.

ورأى الخطيب أن صعود الحركات الإسلامية في الدول العربية في ظل الربيع العربي “يمثل رصيدًا للأمة”، معتبرً أن ذلك هو “مصدر قوة كبير للقضية الفلسطينية  وللذين يتعاطفون مع قضية القدس، باعتبارها قضية دينية وعقائدية، وفيها يتقربون إلى الله سبحانه وتعالى”.

وفيما يتعلق بقضية الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في أراضي 48، والتي يخوضها في بريطانيا منذ عدة أشهر، أكد الخطيب أنه تم اتخاذ قرار، بالتنسيق مع الشيخ رائد صلاح، بعودته إلى فلسطين، بغض النظر عن قرار المحكمة الذي سيتخذ يوم الاثنين المقبل. “لأننا نعتبر أن وجوده هنا هو الأساس، ولن ننتظر إنصاف ولا عادلة من بريطانيا، التي عودتنا على موقفها المنحاز للمشروع الصهيوني وعلى حساب قضية شعبنا الفلسطيني”.
وفيما يلي نص الحوار:

 
س. أين وصلت قضية الشيخ رائد صلاح في بريطانيا؟
ج. معلوم أن الشيخ رائد صلاح اعتقل في يوم 29-6-2011، وذلك بعد أربعة أيام من جملة نشاطات قام بها، بسبب اتهامه بـ “اللاسامية”، وهذا لا شك كان يمثل جهدًا واضحًا للضغط الصهيوني عبر اللوبي الصهيوني في بريطانيا معززًا لملاحقة الشيخ رائد، وهم يعلمون أن وجوده هناك يؤدي إلى فضح الممارسات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني والقدس على وجه الخصوص وكذلك الداخل الفلسطيني.

عقب إطلاق سراحه؛ كان هناك مداولات في المحاكم البريطانية، المحكمة الأولى الابتدائية وافقت مع الأسف على ترحيل الشيخ رائد، إلا أن المحامين قاموا بالاستئناف، وهذه المدة الطويلة كانت تمثل مداولات في المحاكم.

يوم الاثنين والأربعاء القادمين، السادس والثامن من شباط (فبراير)، وهو موعد تناول القضية في محكمة عليا بريطانية، للبت في القضية. نحن نعتبر أن نتيجة المحكمة أيًا كان هو فوز بالنسبة لنا. فالشيخ رائد يتحدث ويحمل رسالة شعبه، وذهب إلى بريطانيا لنقل قضية شعبه العادلة، وبالتالي بقائه في بريطانيا أو عدم استقباله فيها مرة أخرى، لا يمثل إلا وصمة عار على جبين بريطانيا، التي يبدو أنها لم تتحرر من التأثير الصهيوني منذ وعد بلفور وحتى الآن.

 
س. في أي قضية ستبت المحكمة في جلستها القادمة؟
ج. ستبت في استئناف الشيخ رائد صلاح عبر محاميه البريطاني ضد قرار ترحيله من بريطانيا، حيث اعترض الشيخ على هذا الترحيل. وبالتالي هذا هو الاستئناف لماذا يتم إبعاده كونه دخل لبريطانيا بطريقة رسمية، وكونه مارس عدد من النشاطات إذ كان يوم اعتقاله يجب أن يزور مجلس العموم البريطاني بدعوة من النواب البريطانيين، فالمحامون يستأنفون ضد قرار المحكمة البريطانية لعدم السماح للشيخ رائد بالدخول إلى بريطانيا.

طبعا الهدف هو إلغاء القرار الماضي بعدم السماح له بالدخول إلى بريطانيا، وفي حال نجاح الاستئناف هذا معناه الدخول الملزم للشيخ رائد في أي مرة قادمة لبريطانيا.

لكن أنا أريد أن أؤكد  على أننا في الحركة الإسلامية، وبالتنسيق مع الشيخ صلاح، قررنا أنه بعد الجلسات القضائية سيتم عودة الشيخ أيًا كانت النتيجة، لأننا نعتبر أن وجوده هنا (فلسطين) هو الأساس، ولن ننتظر إنصافًا ولا عادلة من بريطانيا، التي عودتنا على موقفها المنحاز للمشروع الصهيوني وعلى حساب قضية شعبنا الفلسطيني.
 

س. أنتم بالتأكيد تجهزون لاستقبال الشيخ رائد صلاح بعد هذه القضية؟
ج. الشيخ رائد شخصية لها مكانتها، ليس فقط في الحركة الإسلامية كمسؤول وقائد، وإنما هو ضمن المجموعة القليلة من القادة في الوسط العربي، الذين يحظون بقبول ومصداقية بالمواقف الصادقة التي يقفها دائمًا من قضايا شعبه، وبالتالي يليق بالشيخ رائد الاستقبال الذي يتلاءم مع غيابه مدة ما يقرب من تسعة أشهر عن أرض الوطن، وهناك ولا شك لم يكن في رحلة نقاهة وإنما كان سفيرًا لقضية شعبنا الفلسطيني في تلك البلاد.

 
س. هذا يقودنا لسؤال غير تقليدي عن تقييمكم لوضع  الحركة الإسلامية في ظل هذه الأجواء المشحونة، التي تنامى فيها اليمين الصهيوني وأصبح تيارًا مركزيًا في الكيان، وحملة القوانين العنصرية التي تستهدف الوجود الفلسطيني داخل أراضي 48؟
ج. لا شك أن هناك الآن نمو وترعرع لليمين في الشارع الصهيوني، صحيح أن الانتخابات الماضية، انتخابات الكنيست، قد قادت إلى أن تصبح الأحزاب الدينية هي “بيضة القبان” في ظل التحالفات السياسية، والتي من خلالها تم تشكيل الحكومة الأخيرة برئاسة نتنياهو، لكن واضح جدًا أن هذا التيار في تصاعد مستمر، وأن الشارع الصهيوني بات ينحى منحًا خطيرًا في نزعته العنصرية، ولعل الحكومة القادمة ستكون أكثر تطرفًا وأكثر عنصرية.

وقد شهدت الدورة الانتخابية الأخيرة مجموعة من  القوانين العنصرية مثل قانون منع الأذان، قانون منع إحياء النكبة، قانون المواطنة، وأخيرًا كان توقيع المحكمة العليا الصهيونية على قانون منع لم الشمل الذي سيتضرر منه ما يقرب من 150 ألف فلسطيني في الداخل، ممن هم في علاقات زوجية وقرابة مع أهالي الضفة الغربية وأبناء شعبنا هناك، هذه الموجة العارمة من القوانين والتشريعات كلها تشير إلى ملامح المرحلة القادمة وأن “إسرائيل” بلا شك وكل الإشارات تدل على أنها ستُحكم من قبل  المتطرفين أكثر مما هي عليه في المرحلة الحالية.

هذا في تقديري لن ينصب في صالح المشروع الصهيوني؛ لأن مثل هذا التطرف وهذه النزعة اليمينية تقود إلى مزيد من الإشكالات ومزيد من العزلة، ومزيد من الأخطاء التي ترتكبها هذه الحكومات في ظل حالة الغرور التي تصيبها وفي ظل الأيديولوجية التي تتبناها، وهذا في النهاية سيقود إلى أن تزداد “إسرائيل” عزلة  ليس بالمنطقة بل في العالم.
 

س. ما وضع الحركة الإسلامية في ظل هذه الأجواء؟
ج. نحن نعترف أن الحركة الإسلامية هي مركب أساسي من مركبات الداخل الفلسطيني، وفي ظل وجود النزعة الدينية المتطرفة عند المجتمع الصهيوني. واضح جدًا أنه يوجه سهامه إلى أصحاب الفكر الإسلامي الديني في مجتمعنا الفلسطيني، وهؤلاء باعتزاز نقول  تتصدرهم الحركة الإسلامية، واليمين الصهيوني يدرك تمامًا أن الحركة الإسلامية تؤمن بالروابط المقدسة إن كان وفق قناعاتنا الوطنية أو القومية، ولكن الرباط الأكثر قداسة هو الرباط  الإسلامي، لذلك موقفنا مثلا من قضية القدس وجعلها قضية إسلامية عالمية هذا يثير المجتمع الصهيوني المتطرف.

قيام الحركة الإسلامية بالبحث عن مقدساتنا المدنسة التي يتم الاعتداء عليها في داخل الوطن الفلسطيني والقيام بترميمها وصيانتها والحفاظ عليها، هذا كذلك يثير حفيظة المجتمع الصهيوني المتطرف.

اعتزاز الحركة الإسلامية بهذا العمق الذي تنتمي إليه هو العمق الإسلامي، وما يحدث من تغيرات في المنطقة العربية في ظل تصاعد الحركات الإسلامية، كما هو حاصل في مصر وتونس وليبيا وسوريا وغيرها لا شك يجعل المشروع الصهيوني ينظر إلى الحركة  الإسلامية بمزيد من الحقد والكراهية والمواقف المتشددة، وبالتالي حتى قضية الشيخ رائد في بريطانيا هي جزء من هذا  الموقف، والتضييق على مؤسساتنا هو جزء من هذا الموقف ومنع البعض منا من الدخول إلى القدس هو جزء من الموقف، وإغلاق عدد من المؤسسات أيضًا جزء من الموقف، حملات الاستدعاءات المخابراتية النشطة في ظروف أداء الحركة الإسلامية كله جزء من الموقف من مشروع الملاحقة التي تقوم به المؤسسة الصهيونية  ضد الحركة الإسلامية.

وأود أن أضيف هنا أن الوزير الحالي إيهود باراك قبل أشهر قليلة تحدث عن تدني نسبة الملتحقين بصفوف الجيش الصهيوني من أهلنا في النقب، هذا بشكل واضح يعود إلى أن السبب هو دور الحركة الإسلامية في تحريض الشباب البدو على عدم الانتساب  للجيش الصهيوني، وهذه تهمة نحن نعتز بها ونعتز أننا نؤدي دورًا مباركًا في تثبيت وتنفيذ الهوية الوطنية، ونحارب بكل إمكاناتنا مشاريع التهويد و”الأسرلة” ومشاريع نسخ الهوية ومنها الالتحاق بالجيش الصهيوني أو ما يسمى مشروع الخدمة المدنية.
 
س. كيف تنظرون إلى إصرار قادة اليمين الصهيوني المتطرف على المس والاستفزاز للجماهير الفلسطينية داخل الخط الأخضر وخاصة تنظيم مظاهرة في أم الفحم مرة أخرى والإعلان عن مظاهرة أخرى في الناصرة؟
ج. أنا في تقديري أن ما يعيشه اليمين الصهيوني في ظل هذه الحكومة الحالية ممثلة بمثلث الشر نتنياهو باراك ليبرمان، لا شك أن الذين في هذه الحكومة يشعرون بحالة من يعبر عن هويتهم وقناعاتهم وبالتالي هم يجدون في فلسطينيي الداخل أقرب من يمكن الاحتكاك بهم أو التعبير عن العنصرية التي في داخلهم، وبالتالي تنفيسها من خلال ممارسات ضدنا كفلسطينيين، ويتم إقرار زيارة غريبة لمارزل وغيره لمدينة ام الفحم قبل سنة، والآن على ما يبدو سيقوم بعد فترة بزيارة استفزازية أخرى لمدينة الناصرة ضد النائب حنين الزعبي، وما نراه الآن من فتاوى الحاخامات اليهود التي تمنع الطلاب العرب من استئجار المساكن في بيوت الطلبة في مدينة صفد وغيرها والقيام بتحويل مسجد بئر السبع  لمتحف للجيش الصهيوني، الاعتداء على المقابر في يافا ومدينة بيسان، والدخول إلى مسجد الفاتح في مدينة يافا ومصادرة مكبرات الصوت تحت زعم أن الأذان  يؤثر على راحة ونفسية اليهود؛ كل هذه تشير إلى أن الفلسطينيين بالداخل يظن أنهم هم الخاصرة الضعيفة  التي يريد هذا اليمين أن يعبر عن أحقاده عبر الاستفزاز والاحتكاك والاعتداء من خلال ما سبق وقدم من أمثلة.

 
س. تعرضت مقدساتنا بشكل عام وخاصة المسجد الأقصى خلال المرحلة الأخيرة لسلسلة من الاعتداءات، إضافة إلى حرق حوالي 10 مساجد حتى الآن؛ كيف تنظرون إلى هذه الاعتداءات لماذا المسجد  والاصرار على اقتلاع مساجدنا ومقابرنا؟
ج. أولا لا بد من التأكيد على أن المجتمع الصهيوني الآن تقريبًا تكاد تختفي فيه الفوارق بين من يسمون أنفسهم العلمانيين وبين من يسمون أنفسهم المتدينين، فالنزعة العنصرية تكاد تسيطر. على الأقل هو الآن يعيش حالة شعور بالانكماش.

الأمر تجاوز القدس وتجاوز المسجد الأقصى المبارك، ليصبح العدوان ظاهرة ممنهجة على المساجد والمقابر، وهذا إذا ما قارناه مع السلوك الصهيوني المريب وبالموقف إياه منهم بينما يتم الاعتداء على مقبرة  في أحد ضواحي باريس تقوم الدنيا ولا تقعد، ويتم تجميع الرأي العام العالمي  بسبب تحطيم عدد من شواهد القبور، ونحن طبعا ضد تحطيم شواهد القبور حتى اليهود وأينما كانت، لأن هذه قيمنا وهذا ديننا وقبور اليهود إلى الآن لا تزال محفوظة ومصانة في القاهرة وليبيا والمغرب واسطنبول.

لكن الغريب أنهم هم يجدون

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات