السبت 10/مايو/2025

الهرولة نحو التطبيع

الهرولة نحو التطبيع

مع أن الاحتلال “الإسرائيلي” اغتصب فلسطين وأقام عليها كيانه اللاشرعي، إلا أن هناك العديد من الأوساط، أفراداً ودولاً ومؤسسات، تحاول إضفاء الشرعية على هذا الكيان ومنحه فلسطين التاريخية على طبق من ذهب من دون أي مقابل، رغم أن الأمم المتحدة ذاتها يجب ألا تعترف ب”إسرائيل” في وضعها الحالي، لأن قرار التقسيم الذي قامت على أساسه منح الكيان 48 في المئة من فلسطين التاريخية وليس ال80 في المئة الذي يحتله الآن.

ما يثير الانتباه هو هرولة بعض الفلسطينيين كأفراد نحو التطبيع مع “الإسرائيليين” من خلال المشاركة في مؤتمرات وندوات في الوطن المحتل أو في الخارج بمشاركة “إسرائيليين” تحت مسميات عديدة، تدعي في محصلتها البحث عن السلام. وهنا تجد غير الفلسطينيين يحاججون بأن أصحاب القضية تنازلوا فلماذا نبقى نحن “نحمل السلم بالعرض”؟ وبالتالي يقومون بفتح القنوات مع العدو الأول للأمتين العربية والإسلامية.

وللرد على هؤلاء ينبغي التأكيد أن الأغلبية العظمى من الفلسطينيين في الوطن والمهجر يرفضون التطبيع مع الاحتلال رغم مرور نحو 18 عاماً على توقيع اتفاق أوسلو، ويعتبرون الاتفاق، الذي تم من خلاله الاعتراف ب”إسرائيل”، شركاً وقع فيه الفلسطينيون، كما أن القيادات الفلسطينية منفصلة عن واقع الشارع الذي يرفض التسويات المذلة، وبالتالي فهي تمثل ذاتها ومصالحها فقط ولا تعبّر عن نبض الشارع، وما يتم من لقاءات تفاوضية أو تطبيعية تأتي في سياق الفردية والبحث عن المصالح الخاصة الضيقة والتسلق على دماء الشهداء وعذابات الجرحى وأنين الثكالى.

على الصعيدين العربي والعالمي ترى العديد من “الإسرائيليين” يصولون ويجولون في هذه الدول بجنسيات غربية أو بادعاءات أنهم صحافيون، كما في الغالب، وفي حقيقة الأمر أن العديد منهم ينفذون سياسات ومهمات موكلة لهم من قبل “الموساد”، كما جرى في حالة اختطاف المهندس الفلسطيني ضرار السيسي من أوكرانيا العام الماضي.

المستغرب أن العديد من دول ما يسمى “الربيع العربي” التي بدأت في خطواتها نحو الديمقراطية، سارعت إلى التأكيد أن لا مشكلة لديها مع الاحتلال “الإسرائيلي”، رغم أنها تعرضت لاعتداءات من قبل هذا الكيان، ومررتها الديكتاتوريات المخلوعة بسبب تحالفها الاستراتيجي مع هذا العدو، وها هي مجدداً تسير بعكس رغبات الشارع الذي يغلي ضد الصهيونية وعدوانها المتواصل ضد الفلسطينيين والعرب.

أن تجد “إسرائيليين” يتضامنون مع الفلسطينيين فهذا أمر طبيعي، لأنهم تيقنوا أنهم ليسوا أصحاب حق في هذه الأرض، وصحت ضمائرهم بعدما رأوه بأم أعينهم من الظلم والقهر الذي يمارس على الشعب الفلسطيني، أما العكس فهو غير مقبول لأنه بمثابة صك براءة لعدو محتل غاصب.

لذلك على المطبعين الذين يتطلعون إلى مصالحهم الضيقة أن يستعيدوا شريط الذكريات، ويروا كم أوغل هذا العدو في أبناء شعبهم وأمتهم، وماذا كان الهدف الأساسي من غرسه في قلب الأمة العربية، بعدها قد تصحو ضمائرهم ويعودون إلى رشدهم ويستعيدون قسطاً من وطنيتهم.

[email protected]

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات