الجمعة 09/مايو/2025

أرض المعراج

أرض المعراج

منذ أن احتلت “إسرائيل” القدس الغربية عام 1948، وبعدها القدس الشرقية عام 1967، والمدينة المقدسة تتعرض -مثل باقي أجزاء فلسطين- لسياسة إسرائيلية تهدف إلى اقتلاع سكانها ونزع جذور العربية والإسلامية وتزييف تاريخها.

المخطط الصهيوني كان يستهدف منذ بداية الاحتلال تطويق القدس من كل الاتجاهات، لتهويدها والاستيلاء عليها، وكان ذلك واضحاً في تصريحات القادة الإسرائيليين منذ قيام “إسرائيل”، حيث نجد وزير الأديان الإسرائيلي في ستينيات القرن الماضي، “زيرخ فارهافتك”، يصرح قائلاً: “أنا لا أناقش أحداً في أن الهدف النهائي لنا هو إقامة الهيكل، لكن الأوان لم يحن بعد، وحينما يحين الموعد لابد من حدوث زلزال يهدم الأقصى كي نبني الهيكل على أنقاضه”.

وكان بيجين رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق واضحاً هو الآخر عندما قال في عام 1979، “إن القدس الموحدة (شرقية وغربية) هي العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل”. وهو التوجه الذي أيده الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي أيما تأييد، حيث أصدر في عام 1980 قراراً اعتبر فيه “القدس الموحدة” عاصمةً ل”إسرائيل”.

وحتى خلال مفاوضات السلام كانت “إسرائيل” تستبعد موضوع القدس من طاولة المباحثات؛ ذلك أن الاستيطان الصهيوني يسعى لفرض الأمر الواقع والاستمرار في تزويره تاريخ أرض الإسراء والمعراج التي ذكرها الله في كتابه: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير”. وفي قوله تعالى: “ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها”. فهي الأرض التي عرج منها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، من بيت المقدس إلى السموات العلا، وهي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؛ أرض الأنبياء والديانات السماوية، أرض الرباط والجهاد.

لكن الحركة الصهيونية تريد تضليل العالم بالقول إن العرب والمسلمين ليس لهم حق في هذه الأرض، لذلك فهي تحاول فعل كل شيء في سبيل طمس الحقائق التاريخية، واستئصال الهوية العربية لهذه الأرض المباركة، ومن أجل ذلك فهي تنفق أكثر من 700 مليون دولار سنوياً على تهويد القدس، حيث تفيد التقارير بأن البؤر الاستيطانية تنتشر في كل الأرض المقدسة، وذلك ضمن مخطط لتسريع عملية الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من أرض فلسطين، إذ تنظر السياسة الصهيونية إلى هذه الأرض (والقدس ضمنها) على أنها جزء من مشروعها الاستعماري المتنامي في هذه المرحلة.

إن ما يحدث اليوم في أرض المعراج لا يمكن فصله عن موضوع الاحتلال وشموليته، وعن المخطط الصهيوني الذي جرى تنفيذه على مراحل منذ بداية القرن التاسع عشر، ويحاول الآن إثارة الخلافات بين طوائف الأمة، وإشعال نيران الحروب والنزاعات في المنطقة. وما بعض الرسائل والأصوات التي تصدر الآن من “إسرائيل” وأماكن أخرى، إلا بهدف تقاسم النفوذ في المنطقة وإعطاء “إسرائيل” الفرصة لتنفيذ مخططاتها وتوسيع دائرة نفوذها، بحيث لا تقتصر على فلسطين فحسب، بل تمتد لتشمل الوطن العربي بأكمله، من منظور استراتيجيتها الرامية إلى إخضاع المجال الجغرافي الممتد من الفرات إلى النيل.

القدس في خطر، وهذه حقيقة يجب أن تدركها الأمة العربية كلها، وأن تقف في وجه سياسات التهويد والاحتلال. وعلى كل المنظمات العربية والإسلامية دور مهم في التوعية بخطورة هذه السياسات، وبيان أثرها المستقبلي على أمن منطقة الشرق الأوسط، بما تمثله من أهمية اقتصادية واستراتيجية للأمن العالمي ككل.

 صحيفة الاتحاد الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات