الثلاثاء 13/مايو/2025

تحديات الشباب الفلسطيني

تحديات الشباب الفلسطيني

الحراك الشبابي الآخذ بالتبلور في فلسطين المحتلة، الذي بدأنا نشهده من خلال مواقف عديدة، من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر، الوقفة الشبابية التي شهدها مدخل مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله (المقاطعة)، وبروز توجهات شبابية جديدة، من ضمنها الحراك الشبابي المستقل، الذي يضع محاربة التطبيع على رأس الأولويات ويرفض العودة إلى مسيرة تسوية حسمت “إسرائيل” مصيرها مسبقاً، تؤكد مستوى الوعي الذي يتمسك ويتحلى به الشباب الفلسطينيون، وتبشّر ببروز قوى جديدة على الساحة الفلسطينية، محركها الدافع الشباب، وبوصلتها الوطن.

المشهد الجديد جاء كالتالي؛ المكان: الشارع الرئيس على مدخل مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، الزمان: السبت الماضي، تحت الأمطار وفي البرد القارس، الحدث: تظاهرة شبابية حملت اللافتات المطالبة بوقف لقاءات عمّان “الاستكشافية”، واختار المعتصمون الوقفة الاحتجاجية الصامتة تعبيراً عن رفضهم لهذه التحركات بشكل قاطع، خاصة أنهم “سئموا ممثلين لا يمثلونهم، وإجماعاً وطنياً لا يجمعهم، ودولة مستقبلية لا تضمن حقهم جميعاً وعلى رأسهم أغلبية الشعب الفلسطيني المتمثلة باللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى الديار”، على حد تعبيرهم.

مشهد آخر جدير بالملاحظة، مركزه أيضاً الشباب الفلسطينيون في الحراك الشبابي المستقل، الذين برز في نشاطهم بدايات العام الحالي، التركيز على قضايا محاربة التطبيع مع الاحتلال، ومقاطعة أية مؤسسة فلسطينية تسهّل أو تشارك في لقاءات مع أخرى “إسرائيلية”، ورفض التفاوض، والمطالبة بالتغيير الديمقراطي لمؤسسات الشعب الفلسطيني التمثيلية.

هذه الحالة الآخذة بالتبلور أكثر فأكثر تدعو للإعجاب والتقدير، وفي الوقت ذاته وبشكل أكثر أهمية تدعو إلى الوعي واليقظة، كون التجربة التي شهدناها على مستوى حراك التغيير العربي، تشكل إنذاراً للشباب الفلسطيني الناشط، وتحذيراً من خطورة مصادرة إرادته وتوظيف قوته الدافعة لحساب حزبي أو فئوي ضيق، وفي أسوأ الحالات ترك المجال النضالي مفتوحاً له ليعمل ويحقق الإنجازات ويشكل الضغوط، وركوب الموجة لتحقيق مكاسب سياسية.

الخريطة السياسية الفلسطينية تزود المتابع بعناصر رئيسية لا يمكن إغفالها، وتضع في الحسبان القوى الكامنة التي يختزنها الشعب الفلسطيني، والتي تستطيع البروز والتقدم في المشهد، وأخذ الدور الريادي والقيادي، لكنها في الوقت ذاته تضع جملة من التحديات المهمة أمام هذه القوى الكامنة الآخذة بالبروز، وعلى رأسها الشباب الفلسطيني.

أهم التحديات أمام الشباب على الساحة الفلسطينية، بعد الاحتلال “الإسرائيلي” الذي يستهدفهم جسدياً وفكرياً وإعلامياً، ومن جميع النواحي الأخرى، حالة التفرد التي تشهدها الساحة السياسية على صعيد القرار المنقسم، بين قوة وحيدة تقريباً في الضفة الغربية المحتلة، ومثلها في قطاع غزة، مع الإقرار بمرونة الأولى تجاه الحراك الشبابي في سياق محاولة احتوائه وتطويعه، وإقصائية الأخيرة التي ترفض بشكل واضح بروز قوى غيرها، وتقيد الحراك بطرائق ووسائل عدة. وأمام هذا التحدي الكبير ليس على الشباب سوى التسلح بالوعي والصبر، والاستمرار في العمل، ومجابهة أية محاولة للاحتواء أو الإقصاء بالتمسك باستقلالية الحراك.

على صعيد آخر، ومهم أيضاً، تبرز تحديات محاولات الاختراق والنفاذ إلى الحركة الشبابية من الداخل والخارج، خصوصاً في جزئية التمويل، الذي يشكل تحدياً كبيراً لحركات مستقلة لا تعتمد على موارد محددة لدعم نشاطاتها، وهنا مكمن الخطورة، بسبب تغوّل المال المسيس في فلسطين سواء كان حزبياً، أو عن طريق المؤسسات غير الحكومية، التي لها أجنداتها الخاصة، والتي لا تعنى بالضرورة بمطالب وحراك الشباب.

بذرة جيدة أنبتت وعياً شبابياً ليبرز إلى العلن، ويضع نقاطاً على حروف جملة صعبة القراءة، لكنها تحتاج إلى مزيد من التدعيم والرعاية الذاتية أمام عواصف السياسة والمال التي لا ترحم، فانتبهوا أيها الشباب.

[email protected]

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات