عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

أبعاد وأهداف الحرب التقنية الصهيونية

أبعاد وأهداف الحرب التقنية الصهيونية
قررت الحكومة الصهيونية تشكل طاقم من المختصين من مسؤولين من وزارتي المالية والقضاء وخبراء في التكنولوجيا لمواجهة حملات محتملة تهاجم “إسرائيل” من خلال الوسائل التقنية الحديثة، مع تزايد الحديث حول تعاظم الحرب الألكترونية التي تدور رحاها في أنحاء العالم بأقصى قوة، ما يعني أنّ الجبهة المدنية الصهيونية باتت عرضة للتضرر عبر شبكات الحواسب.

رغم تشكيل هيئة الأركان الوطنية لمجال “السايبر” قبل 7 أشهر، وتخصيص موازنة ضخمة لها، لكن الطريق لإقامة نظم دفاعية للجبهة الداخلية أمام هذه الحرب الجديدة ما زالت طويلة، ناهيك عن التشكيك فيها، لأنّ هذه الحرب هي المجال القتالي الوحيد الذي لا تؤثر فيه العمليات الهجومية على قدرات العدو على القيام بهجوم من جانبه، خاصة وأن الميزة الأبرز توجد دائما لدى الطرف المهاجم، وهو ما لا يمثل بشرى سعيدة لـ”إسرائيل” التي ستتعرض في السنوات القادمة لهجمات بلا توقف من هذا القبيل.

في سياق متصل، ذكر المراسلة العسكرية “ليليخ شوفل” أن تخوفات شديدة تسود أوساط الجيش في الآونة الأخيرة من إمكانية مطاردة المنظمات المعادية لعناصره من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يأخذ الجيش هذه المسألة على محمل الجد، ويسعى لمحاربة الظاهرة من خلال شعبة تكنولوجيا المعلومات المسئولة بشكل مباشر عن توفير سبل الحماية من هذا الاختراق.

فيما شعبة الاستخبارات مسئولة بشكل مباشر عن الهجوم، ومواجهته، مشيرة إلى أن شبكة الحواسيب العسكرية مرت بإجراءات تعديلية في السنوات الأخيرة من شأنها السماح بإخراج وثائق ومستندات عسكرية بطريقة آمنة، ورغم ذلك فإن هناك تخوفات أخرى تكمن في سقوط أحد أجهزة الحاسوب العسكري في أيدي الأعداء، أو أن تستطيع القوات المعادية دخول تلك الأجهزة، والحصول على تلك المعلومات السرية.

الفيروسات الهجومية

لكن البروفيسور “غابي فايمن” من جامعة حيفا قال أن المنظمات الدولية المعادية نقلت جميع أنشطتها إلى المحيط الاجتماعي، وتطالب من خلالها تأييد أنشطتها موضحاً أن نسبة النشاطات المعادية بهذا الصدد تصل 90%، وتعتبر الطريقة الأنجع في استيعاب العناصر الجدد والمؤيدين، فضلاً عن الحصول على معلومات حول المتفجرات وغيرها.

في سياق متصل، قال المراسل العسكري البارز “اليكس فيشمان” إنّ الحرب الالكترونية باتت اليوم حربا تستعد لها “إسرائيل” جيداً، خشية أن تدخل في أنظمتها الحساسة “فيروسات” تشل عملها في أحرج الأوقات، خاصة وأن الإيرانيين نجحوا بالسيطرة على نظام اتصال الطائرة السرية، وتعقب اتصالات الطائرات الصغيرة بدون طيار، والآن قفزوا للمراتب التقنية ذات الصلة بحرب “السايبر”، التي يسميها “حرب الظلال” الجارية بين الجيوش في عمق قلب معلومات العدو، وهي جبهة دينامية يستعملون فيها سلاحا ثقيلا، والحديث عن رقعة شطرنج ضخمة عالمية تتحارب فيها أفضل العقول، وفي كل يوم تدور معارك دفاع وهجوم، وتقع أضرار واضحة وغير واضحة.

وأضاف: الجميع يستعملون هذا السلاح على الجميع، جيوش حديثة ومنظمات مسلحة وقراصنة حواسيب أفراد، كما أن الجيش الصهيوني لاعب رئيس في هذا الميدان، وسينفق في الخطة الخمسية القريبة مئات ملايين الشواقل على هجوم ودفاع عن نظم المعلومات، وفي هذه الحرب لا يوجد للصاروخ والطائرة الحربية المتطورة أي تميز، فهي حرب العقل للعقل!

ويرى “فيشمان” بأن مواقع عسكرية على الانترنت في الجيش الصهيوني تضررت أيضا، رغم ما فيها من أسرار الدولة، وعدم التناسب الثابت بين القدرة على الهجوم في الشبكة، والقدرة على الدفاع عنها، فتطوير قدرات الهجوم تسبق دائما أفكار الدفاع عن “السايبر”.

وهو هدف لجميع الشركات والجيوش الحديثة المتعلقة تماما بشبكات المعلومات، كاشفاً النقاب أن الجيش سيفتتح لأول مرة في معهد حواسيب شعبة التنصت دورة تعليمية لـ”مدافعي السايبر”، وهو تخصص متميز وجديد، برئاسة العميد “إيال زلنغر”، ضابط التنصت الرئيس، حيث ستتبلور الخطة الدراسية في الدورة التعليمية المستمرة 3 أشهر، نقاط الضعف لنظم الحاسوب في الجيش، والقدرة على مواجهتها، والتعرف على المفترقات الحرجة لمراكز المعلومات، بهدف عقد دورتين أو ثلاث كل سنة لزيادة عدد مدافعي السايبر داخل الجيش، وسيكون عملهم التحقق من ألا يدخل أي فيروس فتاك للشبكة العسكرية.

غرف العمليات الحربية

ويؤكد “فيشمان” أن واحدة من الثورات الكبيرة التي جرت على الجيش في السنتين الأخيرتين هي القدرة على إحداث تقارن زمني بين نظم السيطرة والرقابة لكامل أذرعه، فنظام السيطرة والرقابة لذراع الجو يستطيع التحدث باللغة نفسها مع نظام السيطرة والرقابة لذراع البر وذراع الاستخبارات وهيئة القيادة العامة، وتعريفات مثل “إبادة” و”هدف” متشابهة بينها جميعا، والتدريبات التي يجريها الجيش في هذه المجالات توصل لقدرة على الإبادة أكبر كثيرا مما كانت له حتى ذلك الحين بفضل هذا التقارن الزمني.

وحينما تكون نظم السيطرة والرقابة متقارنة زمنيا ومكشوفا بعضها لبعض يكون الدخول إليها أسهل، وخطر اختراق الشبكة الذي ينقل معطيات في الوقت المناسب يزداد طرديا كلما زاد عدد الأعضاء فيها.

وفي الوضع الحالي سيؤثر اختراق شبكة سلاح الجو فورا في شبكات التحكم لسلاح البر والاستخبارات، ونوع المعطيات التي تصل هيئة القيادة العامة، كما أن المعلومات المتدفقة على غرفة العمليات بواسطة الألياف البصرية وصلت الحدود فقط، لكنها لم تتجاوزها، وصُفيت في غرفة العمليات كل المعلومات ذات الصلة بالقائد لإدارة القتال، من جهتها، تحدثت محافل استخبارية صهيونية أن التقنية التي طورها قسم التنصت في السنين الأخيرة تُمكّن القائد العسكري لأن يتحرك مع الشاشة في ميدان القتال، ويحصل على أكثر المعلومات مع الحركة مع طوابير الجيش، مما يُمكّنه من ميزة عظيمة للقدرة على القيادة.

لكنه نقص كبير فيما يتعلق بقدرة العدو على التغلغل داخل الشبكة، لأن اختراقها قد يتم عن طريق جهاز التحكم والرقابة في المركبة المدرعة لقائد اللواء، أو عن طريق الدخول لنظم التحكم المحكمة لدبابة واحدة، وعن طريقها للمعلومات المتدفقة في حاسوب اللواء والفرقة، ومن هناك التسلق لأعلى المعلومات حتى الوصول لهيئة القيادة العامة، والتأثير في ميدان القتال كله.

ضربة إستراتيجية

وأضافت: من يرأس اليوم جهاز حرب السايبر في الجيش هو رجل استخبارات ضابط برتبة عميد، ويتولى قيادة وحدة جمع المعلومات المركزية في “أمان”، ويعمل بجانبه منذ سنة في قسم التنصت، قسم خاص بقيادة عقيد، هدفه حماية جميع شبكات السايبر في كل أذرع الجيش، وأحد القرارات الأولى له تحديد مواقع المفترقات الأشد حساسية، وإنفاق أفضل المال والأدمغة، وفي كل بضعة أيام تصدر الوحدة تحذيرات وتوجيهات للجيش كله معتمدة على معلومات يتم الحصول عليها من حوادث مهاجمة مواقع على الانترنت في “إسرائيل” والعالم، ما يعني أن هذا الفرع يشتغل بتطوير وسائل قتال في الشبكة، ويحاولون إيجاد حلول تقنية خاصة بالجيش وحده، لمجابهة الهجمات التي أخذت تصبح أكثر إحكاماً.

وتختم بالقول: البنية الحالية لنظام حرب السايبر في الجيش، تم التأليف فيه بين شعبتي الاستخبارات والتنصت، وأصبح الاتجاه واضحا: إزاء التطورات التقنية وازدياد التهديدات، فلن يبعد اليوم الذي ينشأ فيه في الجيش “مقر قيادة السايبر”، بعد أن أصبح يوجد في جيش الولايات المتحدة قيادة كهذه منذ بضع سنين، وبات من المعقول الافتراض أن يتم في التدريبات التي يجريها الجيش تدريب القسم الجديد لدفاع “السايبر”، بأن يسقطوا ويقيموا شبكات، ويوقفوا القسم أمام معضلات فنية.

وإذا لم توجد لها حلول فستصاب أجزاء كبيرة بالشلل، كاشفة النقاب أنه سقطت حواسيب تخطيط المهمات لسلاحي الجو البريطاني والفرنسي بحيث أُبطل عملهما مدة يوم واحد، ما يعني أن إبطال عمل سلاح الجو يعتبر “ضربة إستراتيجية”، ولنا أن نتخيل ما سيحدث لو أن سلاح الجو أُصيب بالشلل مدة يوم خلال القتال، وأسهل من هذا مواجهة إطلاق مئات الصواريخ تصيب المسارات، وتشوش بضع ساعات على قدرة الهبوط والإقلاع من قاعدة ما، من مواجهة فيروس لا يُعرف منذ متى غُرس في الحواسيب، وماذا سيفعل بعد.

القناة السابعة للمستوطنين، 9/1/2012

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات