السبت 10/مايو/2025

مقابلة شبكة فلسطين للحوار مع مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات د. محسن صال

مقابلة شبكة فلسطين للحوار مع مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات د. محسن صال
اعداد: رجاء حمزة
 
بمناسبة ذكرى الانطلاقة الـ 24 لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” أجرت شبكة فلسطين للحوار لقاء موسعًا مع المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت الدكتور محسن محمد صالح، تناول بدايات وتطور حركة حماس، وأهم المحطات والمراحل التي مرت بها.

كما سلط اللقاء الضوء على أهم الملفات والقضايا ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية والدور الذي أدّته، وتؤديه حركة حماس. وتاليًا نص اللقاء كاملا:

 

السؤال الأول: عندما نقارن وضع حماس الحالي ومواقفها مع حماس قبل 24 عامًا، ما هي أبرز المتغيرات؟

حماس بعد أربعة وعشرين عامًا هي الآن حركة أكثر قوة أكثر نضجًا، أكثر شعبية، أكثر علاقات عربية ودولية، وأكثر خبرة في التعامل السياسي وأيضًا أكثر خبرة في الجوانب العسكرية والأمنية والميدانية والعمل الخيري والاجتماعي، وبالتالي حماس حققت قفزات كبيرة وأصبحت حقيقة أساسية في المشروع الوطني الفلسطيني وأصبحت رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه، وأصبحت تتمتع بشعبية كبيرة في داخل فلسطين وفي خارجها وفي الوضع الطبيعي الحالي ضمن الخريطة السياسية الفلسطينية حماس إلى جانب فتح يمثلان القوتين الكبريين في المنظومة السياسية الفلسطينية، وبالتالي حماس الآن بالتأكيد حققت قفزات نوعية كبيرة خلال أربعة وعشرين عامًا جعلتها في موقع متقدم عندما نقارن بين 87 و 2011 .

 

السؤال الثاني: البعض يتهم حماس بأنها تسير على خطى حركة فتح في القبول بالتسوية لكن بشكل مبطن، والبعض يتهمها بأنها لا تحمل مشروعًا حقيقيًّا وواقعيًّا. هل في رأيك تملك حماس تصورًا للسنوات القادمة؟ وهل تملك مشروعًا واقعيًّا طويل الأمد؟ وما هي ملامح هذا المشروع؟

حماس بشكل أساسي حركة إسلامية أيديولوجية عقائدية تستند إلى الإسلام في رؤيتها وفي منهجها وفي احتكامها للأمور وبالتالي المرجعية الإسلامية وخطوطها الحمراء تمثل الخطوط الحمراء أيضًا بالنسبة لحماس، وبالتالي لا تستجيب حماس للضغوط المرتبطة بضغط الواقع أو ما يسمى بالبراغماتية السياسية إذا تعارض الأمر مع المرجعية الإسلامية، ولذلك هناك الفرق الجوهري هنا مرتبط بن التعامل البراغماتي الواقعي إذا تعارض مثلا مع قضايا سياسية كموضوع الاعتراف بالكيان “الإسرائيلي” نجد أن حماس لا تعترف مهما كانت الظروف ومهما كانت الأسباب ومهما كان الثمن لا تتنازل عن أي جزء من فلسطين بأي شكل من الأشكال، وبالتالي هناك جانب لا يمكن لحماس أن تتجاوزه بحجة الواقعية أو البراغماتية السياسية، أما أن حماس حركة تتسم بالمرونة والتعامل مع الواقع وتتكيف معه وفق مقتضياته دون أن يمس ذلك ثوابتها الإسلامية فهذا موجود وهذا صحيح وهذا حقيقي وهذا جزء طبيعي من التفاعل مع حركة الحياة وإدارة المشروع الوطني الفلسطيني بشكل يستطيع أن ينطلق من الواقع لتغييره وليس للاستسلام لهذا الواقع، في هذا الإطار سوف نلاحظ أن موضوع الواقعية أو موضوع (السؤال يتحدث هنا عن موضوع القبول بالتسوية) القبول هو كان مرتبطًا ليس بقبول التسوية بمعنى التسوية النهائية التي تؤدي إلى اعتراف بحق لليهود أو للكيان “الإسرائيلي” على جزء من أرض فلسطين، وإنما مرتبط بالوصول إلى المشترك المشروع الوطني الفلسطيني في أنه لا مانع من إقامة دولة فلسطينية على الأرض المحتلة سنة 1967 دون أن يؤدي ذلك إلى الاعتراف بحق “إسرائيل” في الوجود أو في تملّك الأرض المحتلة سنة 1948 وهي عملية فرضية بمعنى أن القوى الفلسطينية عندما ناقشت هذا الموضوع، قالت لها ماذا لو وافق “الإسرائيليون” على ذلك هل لديكم مانع إذا انسحب “الإسرائيليون” من الأرض المحتلة سنة 67 وحققنا دولة فلسطينية هناك؟ هنا حماس لم تقل أنها تمانع ذلك، هي ليس لديها مانع من أن يحقق المشروع الوطني الفلسطيني إنجازًا بتحرير جزء من الأرض دون أن يتسبب ذلك بالتنازل عن باقي الأرض، هذا جانب، استراتيجية حماس بالشكل الذي هي موجودة فيه قائمة على الصمود وعلى تفعيل قوى المقاومة على الأرض وقائمة على توسيع دائرة الصراع مع العدو الصهيوني ضمن الإمكانات المتاحة، تركز حماس على تفعيل خط المقاومة وعلى تفعيل تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه وتعتقد أن الكيان “الإسرائيلي” لا يستطيع أن يملك أسباب القوة والبقاء إلى الأبد كما أن حالة الضعف العربي والفلسطيني والإسلامي لن تستمر كذلك إلى الأبد، وبالتالي إذا تحدثنا في الاستراتيجية فالتغيرات التي يحدث فيها التحول في المشروع الوطني الفلسطيني باتجاه أكثر قوة وباتجاه أكثر دعم للمقاومة، والتغيرات التي تحدث في الواقع العربي وخصوصًا في الفضاء الاستراتيجي المحيط بفلسطين بما يدعم مشروع المقاومة وكل ما يتعلق بالإشكالات المرتبطة أيضًا بالمشروع الصهيوني وفي نضوب الهجرة الصهيونية وحالات الضعف الأخرى في المشروع الصهيوني التي لا مجال الآن لذكرها كلها تؤكد أن استراتيجية أو معادلة القوة في المنطقة لن تستمر كما هي إلى الأبد وأن التحولات التي تشهدها المنطقة ستؤدي بالتأكيد إلى تغيير موازين القوة على المدى البعيد خصوصًا في حالة تحول الفضاءات الاستراتيجية المحيطة بفلسطين إلى فضاءات متّحدة وقوية وداعمة لحق المقاومة ولتحرير فلسطين.

 

السؤال الثالث: هل أنت متفائل بنجاح المصالحة الفلسطينية؟ وهل تعتقد أن السلطة من الممكن أن تخاطر وتنجز شراكة حقيقية مع حماس؟

أنا دائمًا متفائل وأعتبر أن الوحدة الفلسطينية هي أساس عملية استنهاض الشعب الفلسطيني بشكل إيجابي بحيث أن طاقاته يتم تركيزها ويتم تفريغها بالاتجاه الصحيح وهو مقاومة العدو، لكن هناك مشكلة مرتبطة بطريقة تحقيق مشروع وطني تحت الاحتلال، وهناك مشكلة مرتبطة بإمكانات عمل سلطة وطنية حقيقية تقوم بعملية إصلاح وتغيير وهي أيضًا تحت الاحتلال؛ بمعنى أن الاحتلال هو الذي يملك مدخلات ومخرجات هذه السلطة: الحدود والاستيراد والتصدير ويتحكم بالأموال ويستطيع تدمير البنى التحتية ويستطيع اعتقال القيادات، هنا يصعب من الناحية العملية أن تتم عملية تغيير وإصلاح وتطوير لأي بنى ذات مشروع وطني فلسطيني حقيقي يستهدف إنهاء الاحتلال بينما هو تحت الاحتلال ثم تجد بعد ذلك أن الاحتلال يرضى ويتعامل معه ويسكت عليه، وبالتالي الذي أنا غير متفائل فيه هو إمكانات تنفيذ الاتفاق بشكل حقيقي يخدم المشروع الوطني الفلسطيني مائة بالمائة في الأماكن التي يسيطر عليها الاحتلال “الإسرائيلي” باعتبار أنه طرف سيتدخل لإفساد أي عملية وطنية تستهدف إنهاء احتلاله، وأيضًا تستهدف تقديم أولويات السلطة الوطنية، تنهي الاحتلال وليس إبقاءها سلطة وظيفية تخدم أغراض الاحتلال، هنا سيكون مكمن الصعوبة في عملية تطبيق عملية المصالحة ولذلك إذا كنت متفائلا وإذا كان هناك أمرٌ جادٌّ؛ فأنا أتوقع المجالات على الأقل المرتبطة بترتيب البيت الفلسطيني وخصوصًا منظمة التحرير الفلسطينية يمكن أن تتقدم خطوات جيدة إلى الأمام وما يتعلق بترتيب أولويات ترتيب البيت الفلسطيني، أما الخطوات المرتبطة بتغيير الوضع كعمل انتخابات حقيقية في الضفة الغربية وعمل إصلاحات للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وإنهاء الشراكة مع الاحتلال وبناء مشروع وطني فلسطيني يؤدي إلى بناء دولة في الضفة الغربية بالإضافة إلى قطاع غزة، كلها سوف تواجه مصاعب حقيقية لأن الاحتلال سيتدخل في عملية صناعة القرار وفي التأثير وفي التغيير، وبالتالي أنا أظن من المهم إعادة التفكير بين فتح وحماس وكافة القوى الفلسطينية ليس فقط في كيفية إجراء الانتخابات وإدارة الحكومة وإنما في تغيير المعادلة التي تقوم عليها السلطة وفق اشتراطات أوسلو المبنية على اشتراطات الكيان “الإسرائيلي” والأمريكان.

 

السؤال الرابع: البعض يقيّم تجربة حماس في حكم غزة بالفشل؛ لأن الحركة عجزت عن توفير الحياة الاقتصادية الكريمة للناس، ويقولون إن القول بأن الحركة تمت محاربتها هي مجرد شماعة يعلق عليها الفشل. فما رأيك؟

هنا دائمًا عندما نحكم على أي شيء نسأل عن الظروف الموضوعية والذاتية التي من خلالها نحكم على الأشياء؛ نحن في قطاع غزة لسنا أمام دولة ذات إمكانات كبيرة، لسنا أمام دولة مفتوحة الحدود، وإنما نحن أمام قطاع غزة الذي يسكنه مليون وخمسمائة وستين ألف إنسان في ثلاثمائة وثلاثة وستين كيلومترًا مربعًا محاصرين تمامًا بالكيان “الإسرائيلي”، وفي الجزء الآخر في الجنوب هناك معاهدات ما بين الجانب المصري والجانب “الإسرائيلي” تلزمه بشكل معين في حركة الأشياء وحركة الناس والبضائع، وبالتالي نحن نتعامل مع حكم تحت الحصار وفي ظرف استثنائي لا يمكن محاسبته كما تحاسب الدول والأنظمة والحكومات، فضلا عن أنه ليس فقط موضوع حدود وإنما موضوع الاغتيالات وموضوع منع البضائع والتموين وتدمير البنى التحتية … كلها يقوم بها العدو الصهيوني طوال الفترة الماضية، وبالتالي نحن الآن أمام كيان طبيعته أنه كيان مقاوم، أنه كيان في حالة استثنائية يريد أن يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني وعزته وكرامته ويريد أن يثبت “للإسرائيليين” وللأمريكان ولكل من يشارك في الحصار أنه لن يكسر إرادة هذا الشعب، وبالتالي إذا كان الموضوع موضوع حياة اقتصادية فبالتأكيد وضع قطاع غزة في لحظة من اللحظات أو في كثير من الفترات ما بين خيار أن تأخذ لقمة الخبز وما بين أن تفقد كرامتك، يوضع الإنسان بين خيارين لقمة الخبز وما بين الكرامة سيختار الكرامة، وإن كان هو سيسعى أن يأخذ الكرامة مع لقمة الخبز لكن عندما يخير بين أمرين لا ثالث لهما ستكون كرامته مقدمة على كل الأشياء، هذه الحالة التي حكمت قطاع غزة وبالتالي هنا لا نحكم على نظام مثلا عربي أو نظام في إفريقيا أو في آسيا أو في أمريكا اللاتينية لديه نفس الظروف، نحن أمام ظرف مختلف ويجب أن يقاس ضمن ذلك ومع ذلك، فهذا الحكم استطاع أن يصمد واستطاع أن يثبت واستطاع أن يوفر معظم الحاجات الأساسية للناس بكافة الأشكال المختلفة، هناك اعتماد كبير على الذات في قطاع غزة على الأقل فيما يتعلق بالاحتياجات الأساسية الخضروات وأمور الطعام الأساسية، وبالتالي كان التحدي أن “الإسرائيليين” أرادوا إسقاط هذا القطاع خلال شهر أو شهرين أو ثلاثة ومع ذلك الآن قطاع غزة في خمس سنوات حتى الآن صامد، صحيح أن هناك معاناة لكن ربما الحالة الاقتصادية التي في قطاع غزة ضمن الحرص والشفافية والعمل الذي تقوم به حكومة قطاع غزة يؤدي أداء متميزًا مقارنة بغيره وضمن الظروف التي نعرفها.

 

السؤال الخامس: فيما لو أجريت الانتخابات التشريعية في موعدها المقرر ما هي توقعاتك بالنسبة لنتائجها؟

من الصعب الآن توقع نتائج الانتخابات التشريعية خصوصًا أن الحالة في الضفة الغربية هي حالة استثنائية وهناك مجموعة من الإجراءات الأمنية من قبل السلطة ومن قبل الكيان “الإسرائيلي” وإغلاق الكثير من المؤسسات والأعمال الخيرية والضبط الأمني والتنسيق بين طرفي الحكم في رام الله والطرف “الإسرائيلي”، هذا لا يعطينا مؤشرات دقيقة وحقيقية عن أي عملية استطلاع يمكن أن نثق بن

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات