الأحد 11/مايو/2025

محرقة غزة المتجددة

محرقة غزة المتجددة

مع مرور الذكرى الثالثة للمحرقة التي ارتكبتها “إسرائيل” في غزة، لا بد من وقفة عند هذا العدوان الدموي الذي جبل أرض القطاع الصامد بدماء أكثر من 1500 شهيد، الأغلبية العظمى منهم من النساء والأطفال والمدنيين الآمنين.

فبالرغم من جرائم الحرب التي ارتكبتها “إسرائيل”، في ما سمتها “عملية الرصاص المصبوب”، فإنها ما تزال تصول وتجول وتهدّد وتتوعّد من دون أن يتم تقديم أي من مسؤوليها إلى محاكمات دولية أو حتى إصدار مذكرات توقيف، بالرغم من إقرار تقرير القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون، بقيام “إسرائيل” بارتكاب جرائم حرب في غزة، قبل أن يتراجع ويعلن اعتذاره للكيان، مع أنه عانى ويلات نظام الأبارتهايد الذي مورس على أبناء جلدته في موطنهم جنوب إفريقيا.

وما كان من إدانات دولية ل”إسرائيل” وجرائمها في غزة لم يكن إلا للاستهلاك الإعلامي، ولم يتبعه أي تحرك على أي من المستويات، مع العلم بالمكانة التي تحتلها “إسرائيل” لدى دول “العالم الحر” من مدعي الديمقراطية. فها هي ثلاث سنوات تمضي وغزة مازالت تعاني من ويلات الحصار الظالم الذي يحرمها أبسط مقومات الحياة والمتطلبات الإنسانية مثل العلاج والدواء والماء والكهرباء، وها هي ثلاث سنوات تمضي ومشردوها بانتظار الوعود الكاذبة بإعادة الإعمار، يتجرعون كأس الحسرة والألم على الأحباء الذين قضوا في العدوان “الإسرائيلي”، والمجرم مايزال حراً طليقاً، ويقاسون ويلات الفقر والجوع والحر القائظ والبرد القارس بانتظار اتفاق “الديوك المتصارعة” في غزة والضفة على بدء إعادة الإعمار، وبانتظار تدفق المليارات الخمسة التي أقرت في مؤتمر القاهرة لإعادة الإعمار، والتساؤل هل سيفي المانحون بوعودهم أم أنها كانت للاستهلاك الإعلامي أيضاً؟

ما يثير الاستغراب أن تقرير غولدستون الذي عُدّ أحد أبرز الانتصارات للدبلوماسية الفلسطينية في المحافل الدولية في مواجهة “إسرائيل”، إلا أنه لم يتم طرحه أمام الأمم المتحدة للتصويت عليه حتى اليوم رغم مرور هذه السنوات على المحرقة، وفتور المشاعر أمام عدوان بهذا الحجم، مع أن من المفترض أن يتم “دق الحديد وهو حام”، حتى تكون الإدانة و”العقوبات” عند مستوى الحدث، لا أن يتم نسيانها أو حمل العالم على تناسيها.

الأمر الآخر المستغرب هو أن هذه الذكرى الأليمة تمر وكأن الضفة الغربية لا دخل لها بغزة ولا ما يدور فيها، ولا تكلّف السلطة في رام الله نفسها عناء حتى إصدار بيان يمر على ذكر المناسبة أو تنظيم أي حدث لتخليد ذكراها، وكأن الضفة شي وغزة شيء آخر، أو أن هناك شعبين مختلفين، واحداً في الضفة وآخرَ في غزة، مع العلم أن السلطة تشارك “إسرائيل” في بعض احتفالاتها وترسل لها البرقيات، ويتهاتف مسؤولوها مع نظرائهم “الإسرائيليين” في هذه المناسبات.

الآن وبعد أن تمت صفقة التبادل التي أطلق بموجبها مئات الأسرى مقابل الجندي “الإسرائيلي” غلعاد شاليت الذي تم تشديد حصار غزة بعد أسره، وبعد أن باتت المصالحة على الأبواب، بحسب المسؤولين من حركتي “فتح” و”حماس”، ينبغي العمل بيد واحدة لرفع الحصار عن القطاع وإعادة توحيد شطري الوطن، والقيام بضغط دولي لوقف العدوان “الإسرائيلي” المتواصل، والمباشرة بإعادة الإعمار، ومحاولة تعويض أهالي غزة عن الألم والحرمان الذي عانوه خلال السنوات الماضية.

[email protected]

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات