الأحد 11/مايو/2025

اليونيسكو أولاً

اليونيسكو أولاً

كان الاحتفال برفع العلم الفلسطيني فوق مقر اليونيسكو في باريس مثيراً. مشهد يبعث على فرح غير مقرّر. فرح يدخل إلى القلب من دون استئذان، حتى إن كان المرء مدركاً لمدى رمزية الخطوة، وكيف قضى أسابيع يقنع نفسه بأن ما تم إنجازه عبر قبول عضوية فلسطين في هذه المنظمة الدولية ليس إلا خطوة أقل من أولى باتجاه نيل الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وحتى إن مثل هذا الأمر قد لا يؤثّر في مسار الإقرار بحق الفلسطينيين في نيل دولتهم.

مع ذلك، يبقى المشهد الاحتفالي مفعماً بحنين غريب. فالعلم الفلسطيني تمت رؤيته في كثير من المواقع، هو موجود على أراضي السلطة الفلسطينية فوق المؤسسات الحكومية، ومعلق على السفارات الفلسطينية في أغلبية العواصم العالمية، وحتى من الممكن تبيانه بوضوح في كافة التظاهرات في العالم العربي، سواء كانت من أجل فلسطين أو من أجل غيرها، فالأرض المحتلة حاضرة حتى في غيابها. إذن، لماذا هذا الشعور المباغت الخاص برفع العلم فوق منظمة مثل اليونيسكو؟

سؤال من الممكن أن يتوقف عنده المرء طويلاً، لكنه في النهاية لا بد أن يتحصّل على الإجابة. إجابة جامعة لكل ما سبق من نضال، سواء دبلوماسي أو شعبي سلمي أو عسكري. فالمشهد في اللاوعي يمثّل جزءاً من نهاية المسار الطويل المبتدئ من انطلاق الثورة الفلسطينية مروراً بمراحله الكثيرة والانتفاضة الأولى ثم أوسلو ونشوء السلطة، وبعدها الانتفاضة الثانية، وصولاً إلى المعركة الدبلوماسية الحالية في الساحة الفلسطينية. معطيات مترابطة ومتكاملة، لا يمكن فصل أحدها عن الآخر، تماماً كما هو حال رفع العلم الفلسطيني الثلاثاء فوق أول منظمة دولية.

على أساس هذه الرؤية من الممكن إضفاء قليل من التفسير على ما شعر به أغلبية من كان يشاهد محمود عباس رافعاً للعلم الفلسطيني على سارية منظمة اليونيسكو. تفسير نابع من مفهوم ما يمكن القول عنه إنه “موسم الحصاد”. حصاد سنوات طويلة من النضال الفلسطيني بدأ يحظى باعتراف العالم أجمع، وإن كان الخلاف لا يزال قائماً في مجلس الأمن الدولي. فما نالته فلسطين خلال التصويت على عضوية “اليونيسكو” قد يكون أهم من مجموع الدول ال 15 الدائمة والمؤقتة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ومع ذلك فهو غير كاف، ولا يمثل إلا خطوة أولى رمزية في مسار لا يزال طويلاً.

رغم ذلك، لا بأس من النظر إلى “اليونيسكو أولاً”، ولندع الشعور بالحنين يغمرنا، تمهيداً ربما لفرحة كبرى، قد تطول أو تقصر مدة انتظارها، ليوم رفع العلم الفلسطيني فوق الأمم المتحدة في نيويورك، دولة حرّة مستقلّة.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات