الأحد 11/مايو/2025

متى كان لليهـود دولة؟!

متى كان لليهـود دولة؟!

يحمل نيوت غينغريتش، المرشح الأوفر حظاً للفوز بترشيح الجمهوريين لانتخابات الرئاسة الأميركية في 2012، شهادة جامعية عليا في التاريخ، وقد سمعناه يعلن بهذه الخلفية الأكاديمية، أن الشعب الفلسطيني «تم اختراعه» وهو، بحسب السياسي الأميركي، «جزء من العالم العربي وينتمي تاريخياً إلى المجتمع العربي» فحسب.

بعد عاصفة من الانتقادات كان غينغريتش أكثر تمسكاً بهلوساته «هل ما قلته صحيح في الواقع؟ نعم. هل هو صحيح تاريخياً؟ نعم». وأضاف أن « أحداً ما يجب أن يملك الشجاعة لقول الحقيقة. إنهم إرهابيون ويعلمون الإرهاب في مدارسهم».

لم يكن يتعين على غينغريتش أن يمضي بعيداً وهو يتحدث في التاريخ، فحسبه أن يلقي نظرة سريعة على التاريخ الأميركي ليدرك أن كلامه ينطبق، أكثر ما ينطبق، على تاريخ بلاده وليس على تاريخ أي شعب آخر.

لسنا في معرض «نبش التاريخ»، ولسنا، ولا يجب أن نكون في معرض العودة غير المجدية لأحداث مضت، لكن أليس ما يفعله السيد غينغريتش أسوأ وأدهى وأمرّ، من أجل استرضاء اليهود في واحدة من أكثر الحملات الجمهورية فشلاً وعنصرية في التاريخ الأميركي؟.

إذا قبلنا بأنه لم يكن للفلسطينيين دولة، فإن السؤال هو متى كان لليهود دولة، وإذا تساوى الأمران فإن السؤال التالي هو: من أحق بالدولة الشعب صاحب الأرض أم الشعب الذي احتل الأرض؟.

أسوأ أنواع الجدل هو هذا النوع الذي يقترحه السيد غينغريتش عبر تصريحاته التي تفتقد للمسؤولية، إذ أنها تعطي المتطرفين الإسرائيليين، وهم كثر، الإشارة التي يحتاجونها لمواصلة عملية التطهير العرقي، وتعطي هؤلاء أيضاً الإشارة التي يتوقون إليها لوأد حل الدولتين إلى الأبد.

مما قاله غينغريتش أيضاً أن رؤيته للعالم «قريبة جداً» من نظرة رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتانياهو، وللإنصاف فإن نتانياهو، على تعصبه، لم يتجرأ على تقديم ادعاءات من نوع ما ذهب إليه غينغريتش، والصحيح هو أن رؤية هذا السياسي الأميركي أقرب لوزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، وهذا الأخير بدأ حياته حارساً في ملهى ليلي، ومهما كان الأمر فإن ثمة تطابقاً مذهلاً بين «دارس التاريخ» و«حارس المواخير»، فكلاهما لا يمانعان في إبادة شعب بأسره عبر إنكاره وإنكار مسببات وجوده، وإذا كنا نفهم منطلقات «حارس المواخير»، فإن تصريحات غينغريتش تطرح الكثير من علامات الاستفهام حيال رجل يتعين أن يشكل التاريخ بالنسبة إليه مرجعاً يؤسس للعدالة، وليس وسيلة للتزوير والإنكار من أجل خدمة أهداف انتخابية أقل ما يقال فيها أنها بلا أخلاق.

نعود لتصريحات نيوت غينغريتش فهو يرى أن الفلسطينيين «كان بإمكانهم الذهاب إلى أي مكان»، عدا المكان الذي عاشوا فيه منذ آلاف السنين، في حين يتعين على اليهود مغادرة أي مكان إلى فلسطين، وهذه مفارقة تدعو إلى الغثيان.

صحيفة الوطن القطرية 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات