الإثنين 12/مايو/2025

الأمن للجميع .. أو البلاء للجميع!

الأمن للجميع .. أو البلاء للجميع!

لم نفاجأ عندما قال الرئيس السابق للاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل إن بلاده قد تسعى لامتلاك أسلحة نووية بعد أن فشل العالم في إقناع “إسرائيل” ــ والآن إيران ــ بالتخلي عنها. وإذا كانت جهود العالم قد أخفقت في إقناع الدولة العبرية بالتخلص من أسلحة الدمار الشامل، كما أخفقت في قبول التأكيد الإيراني بأن طهران لا تسعى لتطبيق برنامج عسكري نووي، فمعنى ذلك أن الباب بات مفتوحاً أمام سباق نووي مرعب في المنطقة.

والمعروف منذ فترة طويلة أن عدة دول في الشرق الأوسط تفكر بالتوجه نحو حيازة السلاح النووي، ولكن من حق السعودية أن تعلن على لسان الأمير تركي في الرياض أن «من واجبنا تجاه أوطاننا وشعوبنا أن ننظر في جميع الخيارات المتاحة ومن ضمنها حيازتنا تلك الأسلحة». كما من حقه أن يقول إن «أمن أي منا هو أمن لنا جميعاً، واستقرار أي منا هو استقرار للجميع وأن أي مصيبة تلحق بأي منا هي بلاء يصيب الجميع».

ونقول بكل صراحة إن الولايات المتحدة الأميركية بالذات ستكون هي المسؤولة عن انتشار جديد للأسلحة النووية في الشرق الأوسط والخليج وذلك بسبب حمايتها لتفرد “إسرائيل” بذلك السلاح. ونقول بصراحة أيضاً إنه إذا كانت إيران تسعى للقنبلة النووية فمن حقها أن تمتلك تلك القنبلة ما دامت “إسرائيل” تخزن مئات الرؤوس النووية الجاهزة للاستخدام. وإذا اعتمدنا مبدأ الأمن للجميع أو البلاء للجميع، فإن ذلك يستدعي أن ترفع واشنطن غطاءها عن “إسرائيل” وأن توقف تسترها على المشاريع النووية الإسرائيلية، وعندها فنحن على ثقة بأن إيران ستتخلى عن أية أفكار نووية تسلحية، وعندها ستتوقف أيضاً كل التلويحات العربية بإنتاج أسلحة دمار شامل.

وربما تشجع مثل هذه السياسة الإيجابية ليس فقط على تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من السلاح النووي، لكنها قد تدفع دولاً كبرى كالولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان إلى تفعيل اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية، والتوجه إلى التخلص التدريجي منها.

ولعلمنا بكلفة وخطورة الجري وراء السلاح النووي، فإن كبح هذا السباق ينطوي على فائدة كبرى للمشاريع التنموية العالمية، كما أنه لا بد من التذكير بأن العوائق المالية والاقتصادية غير قادرة على تعطيل مسعى دولة كالسعودية لامتلاك السلاح النووي إذا أقدمت فعلاً على هذا المشروع.

على العالم كله وبالأخص الخمس الكبار أن يتخذ زمام المبادرة في تنفيذ إجراءات عملية لتخفيض عدد الرؤوس النووية وكذلك الضغط على “إسرائيل” حتى تتخلص هي الأخرى من ترسانتها النووية. فمثل هذه الخطوات ستضع المنطقة والعالم على طريق القضاء على الكوابيس النووية التي تحول دون رخاء وازدهار العالم بكل دوله.

صحيفة الوطن القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات