لجنة فاشلة ومنسق منحاز

ليس للرباعية دور يستحق الذكر في ما يسمى بعملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية، وهي عملية توقفت منذ مدة، وتوقف الدور الأمريكي أيضاً. وللولايات المتحدة ثقلها في الرباعية، وعادة ما يكون توجهها أو توصياتها وفق الهوى الأمريكي، وتبدو في كثير من الأحيان صدى للتوجه الأمريكي.
صحيح أنها تضم الاتحاد الأوروبي وروسيا وأمانة الأمم المتحدة، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها لا تتجاوز كونها صورة لهذا التجمع، ولا تمثل كياناً له دوره الفاعل والمؤثر. ولقد ألقى اختيار توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق لمنصب المنسق العام للرباعية، بظلاله على هذه اللجنة، حيث كان اختياره أمريكياً بالدرجة الأولى، وبدا الاختيار بمرتبة المكافأة له على ما قدمه من خدمة كبيرة للإدارة الأمريكية السابقة، ودور خدمي تابع لمغامرات تلك الإدارة وممارساتها، وخصوصاً في العراق.
وتوني بلير كشف بنفسه في مذكراته التي نشرها، توجهاته وممارساته التي تتضمن العداء للعرب، وتعاطفه الفاضح مع الكيان الصهيوني، وممارساته ومشروعه الاستعماري العنصري الذي يغتصب الأرض الفلسطينية وينتهك الحق الفلسطيني، ويبدو متخندقاً مع هذا الكيان ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه. ولقد كان أولى بالسلطة الفلسطينية أن تبدي منذ البداية عدم الارتياح لهذا الاختيار، ولكنها آثرت الصمت، وإن ارتفعت في الآونة الأخيرة بعض الأصوات الخافتة على استحياء لتلوّح بعدم الارتياح له.
ربما لم يكن بإمكان السلطة الفلسطينية أن تؤثر في مثل هذا الاختيار الذي جاء بسند أمريكي كبير، وحماس أمريكي كبير أيضاً، في وقت كانت فيه الإدارة الأمريكية تبدي انخراطها في رعاية عملية السلام، ولكن التعاون معه إلى أبعد الحدود واستقباله بترحاب في الضفة الغربية وهو يجول بين فترة وأخرى، ربما أرسل إشارة خاطئة بارتياح الطرف الفلسطيني له، ولعل هذا ما جعله يتمادى في انحيازه إلى الكيان الصهيوني، بحيث بدا وكأنه يمثل الكيان الصهيوني.
لعل توقف ما يسمى بعملية السلام وتوقف الدور الأمريكي جعل الرباعية التي هي في الأصل ليس لها دور فعال ومؤثر، لجنة بلا معنى، ومن الأولى أن تُلغى. وهي لو ألغيت منذ البداية عندما تبين أن دورها هامشي غير فاعل وغير مؤثر، لكان أجدى. ولكن يبدو أن الإدارة الأمريكية التي تحرص على انفرادها برعاية ما يسمى بعملية السلام ولا تسمح لأي دور حتى أوروبي، أن يكون له ثقل في هذه العملية، تحرص في الوقت ذاته على الرباعية، على أساس أنها تمثل صورة لائتلاف تتمثل فيه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، بحيث يعطي لما يسمى بعملية السلام واجهة دولية، ويظل الثقل الأمريكي كبيراً في هذا الائتلاف، ولا يتناقض في مخرجاته مع مخرجات الدور الأمريكي بأي حال من الأحوال.
إن الولايات المتحدة قد أخفقت في رعاية ما يسمى بعملية السلام، وتوقف دورها الذي تحرص عليه بسبب صلف الكيان الصهيوني، وعدم استجابته للرغبة الأمريكية بتجميد الاستيطان مؤقتاً حتى مع ربط هذه الرغبة بحوافز مغرية لكي تنطلق المفاوضات، بحيث آلت إلى التوقف وانسداد الأفق أمامها بعد سنوات طويلة من الدوران العبثي، وعدم الوصول إلى أي محصلة. ولعل هذا ما اضطر الطرف الفلسطيني إلى البحث عن خيار آخر، واختار الذهاب إلى الأمم المتحدة، ولكن الولايات المتحدة التي تعرف أكثر من غيرها دور الكيان الصهيوني في تعثر المفاوضات وتوقفها، وإصراره على الاستمرار في بناء المستعمرات الصهيونية، ورفض الاستجابة للرغبة الأمريكية المقرونة بحوافز مغرية لتجميده مؤقتاً، وبالتالي توقف الدور الأمريكي، تُنحي باللائمة على الطرف الفلسطيني في اختياره الذهاب إلى الأمم المتحدة، وقد لوّح أوباما صراحة باستخدام الولايات المتحدة حق النقض لإبطال مشروع الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود العام 1967 في مجلس الأمن، وأصرّ على أن المفاوضات هي المسار الوحيد لإقامة الدولة الفلسطينية. وتم اجتماع الرباعية في أعقاب هذا التلويح لكي يشير إلى ضرورة بدء المفاوضات وفق جدول زمني محدد، ودون مرجعية محددة، ما يعني الرجوع إلى المربع الأول في هذه العملية. وهذا ما يوضح بجلاء الدور الذي تقوم به الرباعية، وهو لا يتجاوز كونها صدى للتوجه الأمريكي.
ويصبح موقع بلير منسقاً في هذه اللجنة، متناغماً مع ذلك، حيث أثبت أنه يؤدي دوره التبعي للإدارة الأمريكية كاملاً، ويؤدي أيضاً دوره المنسجم مع التوجه الصهيوني والإرادة الصهيونية، وهكذا يتكامل الدور الذي يؤديه بلير في مسار تحكمه البوصلة الصهيونية الأمريكية، ولا يحقق سلاماً حقيقياً، ولا يفضي إلى دولة فلسطينية قابلة للحياة فعلاً.. ومستقلة فعلاً.
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...