الأحد 11/مايو/2025

ماذا بعد صواريخ الكاتيوشا شمال فلسطين المحتلة؟

ماذا بعد صواريخ الكاتيوشا شمال فلسطين المحتلة؟
من الممكن وصف ما حدث ليلة الثلاثاء عند الحدود الشمالية بأنه حدث محلي يبدو بلا أهمية من الناحية الإستراتيجية. ولكن مع ذلك، في الظروف المتطرفة وعدم الإستقرار الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط حاليا، مثل هذا الحدث من شأنه أن يؤدي إلى تدهور أيضا في حال لم يكن اللاعبون الأساسيون – إسرائيل وحزب الله – يرغبون به من البداية.

الساحة الشمالية، التي تبدو هادئة، تنبعث منها حاليا أبخرة الوقود. سواء بسبب حرب البقاء التي يديرها النظام السوري والتي يشارك فيها حلفاؤه حزب الله وإيران بشكل غير مباشر، وسواء بسبب التوتر المتزايد حول البرنامج النووي الإيراني، وسواء بسبب التوتر في لبنان على خلفية تهديدات رئيس الحكومة ميقاتي بالاستقالة.

من المهم في البداية أن ندرك أنه طبقا لجميع المؤشرات، ليس حزب الله هو من أطلق صواريخ الكاتيوشا على الجليل الغربي، ولكنها منظمة فلسطينية إسلامية – سُنية صغيرة ومتطرفة، والتي تعمل من مخيم اللاجئين قرب صور. وهذه المنظمة (أنصار الإسلام) هي واحدة من المجموعات الفلسطينية التي تنتمي لما يطلق عليه (الجهاد العالمي). الهدف الرئيسي لها في السنوات الأخيرة، منذ حرب لبنان الثانية، هو إعادة تأجيج مواجهات كبرى بين إسرائيل وحزب الله. وترى المنظمة أنه حين ينزف اليهود والشيعة، فإن الجهاديين سيربحون.

ولهذا السبب، تطلق المنظمة من آن إلى آخر صواريخ صوب الجليل على أمل أن يجبر الرد الإسرائيلي أخيرا حزب الله على إخراج صواريخه من المخازن. ومن المحتمل أن إطلاق الصواريخ ليلية الثلاثاء كان لهدف آخر: التذكرة بتاريخ 29 نوفمبر قبل 64 عاما، حين اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا أدى إلى إقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل. وحتى الآن، السمات الطبيعية لحدث من النوع الذي تبادر به منظمة فلسطينية هامشية أو أخرى من آن إلى آخر يهدف تحقيق هدف أحمق.

وفي قيادة الجبهة الشمالية وشعبة الإستخبارات التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي، يعلمون كيف يفرقون بين (بصمات الأصابع) التي تخص حزب الله وبين تلك التي تخص المُحرضين الفلسطينيين على الحرب. لذا، فإنهم اكتفوا مثلما حدث في حالات سابقة من هذا النوع بإطلاق نار محدود يشمل عدد من قذائف المدفعية صوب مصادر الإطلاق (في منطقة قرية عيتا الشعب اللبنانية)، وباحتجاج سياسي تم تقديمه لليونيفيل ولمقر الأمم المتحدة في نيويورك.

ولكن مع ذلك، السمات التي تقف وراء إطلاق الصواريخ لم تكن طبيعية تماما. بداية، لأن مجموعات الجهاد العالمي الفلسطينية لم تطلق صواريخ كاتيوشا من جنوب لبنان صوب إسرائيل منذ عامين.. فالأمر لم يكن بالصدفة. حزب الله الذي يسيطر على المنطقة منع ذلك، فالمنظمة الشيعية شريكة للحكومة اللبنانية في الحرب التي تديرها ضد منظمات الجهاد العالمي في لبنان بأسره.

لذا، إن السؤال الأهم هو (هل نجح الفلسطينيون الذين أطلقوا الكاتيوشا في خداع حزب الله أم أنهم فعلوا ذلك لأن حزب الله قرر التغاضي عنهم؟). لو كان الأمر يتعلق بتراخي متعمد من جانب حزب الله، فإن الأمر يحمل إشارة تحذير ينبغي على إسرائيل أن تضعها بجدية في الحسبان وأن تفهم مغزاها.

وفي هذا الصدد، من المهم معرفة أن قيادة حزب الله تشعر بالقلق مما يحدث في سوريا. نصر الله ورجاله يعلمون أنه في حال سقط بشار الأسد فإنهم سيفقدون مورد السلاح والتأييد السياسي الرئيسي لهم، وأنهم سينعزلون وسينقطع الممر اللوجيستي السريع والمهم من إيران عبر دمشق إلى لبنان.

ما يبدو مقلقا حاليا بشكل فوري بالنسبة لنصر الله ورجاله، هو مصير نظم السلاح الذي (يكسر التوازن) والذي سلمته سوريا لهم، ولكنه عمليا مازال داخل الأراضي السورية. ويتعلق الأمر على ما يبدو وطبقا للتسريبات بصواريخ سكاد وبطاريات صواريخ مضادة للطائرات قررت سوريا أن تسلمها لحزب الله ولكن المنظمة اللبنانية قررت عدم نقلها في الوقت الحالي إلى لبنان خشية أن تجد إسرائيل سهولة في ضربها.

وحاليا لدى حزب الله مصلحة في نقل هذه الأسلحة إلى لبنان على الرغم من المخاطر الكامنة والتي تتمثل في إسرائيل، لأن المنظمة تخشى أن يفقد النظام الحالي في سوريا السيطرة عليها وبذلك لن تصل هذه الأسلحة إليها. أضف إلى ذلك أن هناك مجال للمخاوف من أن النظام في دمشق – في حال رأى أن سقوطه وشيك – سوف يرسل السلاح كيميائي أو البيولوجي الذي يملكه إلى حزب الله.

ومن المحتمل أن حزب الله قلق من إحتمال رد إسرائيل على نقل السلاح الذي يكسر التوازن، ويحاول حاليا أن يردع إسرائيل عن القيام بعملية إحباط – ربما أيضا عبر سماحه بإطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية – وربما ينبغي إضافة الموقف الغريب حين أعلنت وسائل الإعلام اللبنانية عن طائرة إسرائيلية بدون طيار اختفت عند الحدود اللبنانية وعن إنفجار غامض قرب قرية الصديقين.

وما هو واضح تماما أنه كلما اقتربت نهاية نظام الأسد في سوريا، كلما تزايد الحافز لسيناريوهات تدهور الأوضاع في الساحة الشمالية، بدءا من إطلاق صواريخ وقذائف من سوريا صوب إسرائيل بأوامر من بشار الأسد، بناء على نظرية (حين تقترب نهايتي.. سآخذ معي عدوي)، وصولا إلى قرار سوري بإرسال سلاح كاسر للتوازن أو مواد حربية غير تقليدية إلى حزب الله.

يديعوت أحرونوت، 2/12/2011

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات