الإثنين 12/مايو/2025

في خصوص أميركا وإسرائيل

في خصوص أميركا وإسرائيل

كثيراً ما نقرأ في أدبياتنا وفي أدبيات أخرى التهويل حول علاقة الولايات المتحدة و”إسرائيل”. وكانت المبالغة تصل أحياناً إلى أن “إسرائيل” هي التي ترسم سياسة الولايات المتحدة الخارجية ولا سيما في ما يتعلق بالدول العربية وكثير من دول العالم الثالث.

قلائل هم الباحثون السياسيون الذين كانوا واقعيين في دراستهم ووضعهم لهذه العلاقة، ومن أبرز هؤلاء المحلل السياسي الأميركي المعروف وليام كوانت الذي وصف طبيعة العلاقة الأميركية – الإسرائيلية بموضوعية بعيداً من أية مبالغة أو تهويل فقال:

من الواضح تماماً أن الولايات المتحدة لا تنفق مليارات الدولارات على مساعدة “إسرائيل” عسكرياً واقتصادياً لمجرد الشعور بالتزام أخلاقي أو بسبب ضغط اثنين في المئة من سكانها (يهود أميركا). لا بد أن هناك شيئاً أكثر واقعية في الرهان، هو أن “إسرائيل” يجب أن تكون مصدر نفع لأميركا، وبناءً على هذا تعتبر الحليف الوحيد الذي تعتمد عليه في المنطقة.

استوعب حكام”إسرائيل” هذا الدور تماماً، وقد تحدث عن ذلك السياسي الإسرائيلي المخضرم شمعون بيريز بوضوح قائلاً: تحقق الولايات المتحدة مزايا عدة من دعمها الواسع ل”إسرائيل”، وهذا ما يخدم هيبتها ومصالحها. ويتوجه بيريز بخطأ إلى الإدارة الأميركية قائلاً: هل تريدون “إسرائيل” منضبطة مع تورط قوات أميركية مباشرة في عمليات الشرق الأوسط، أم تريدون “إسرائيل” مستقلة حتى وإن بدت أحياناً غير منضبطة؟! لا بد من منحنا حرية العمل لأنكم لا تستطيعون الإقرار ببعض الأشياء وهي في عمق قلوبكم وتعرفون أنه يتوجب علينا نحن القيام بها.

يمكن أن نستخلص إذاً، أن هناك آلية لتحريك مقولة النفوذ الصهيوني الهائل بين حين وآخر لتكريس أسطورة مبالغ فيها إلى حد بعيد من أجل كثير من الكتاب والمفكرين وحتى المسؤولين في أوروبا وأميركا بل والعالم. وهذا ما تنبه إليه المفكر الأميركي اليهودي نعوم تشومسكي كما المفكر المرحوم إدوارد سعيد، وقلة قليلة من المفكرين العرب والأوروبيين. وكان نصيب من تجرأ منهم التعرض للعقوبة والتوبيخ حتى يكون عبرة لغيره.

ومن المؤسف أن أسطورة هيمنة “إسرائيل” على كثير من دول العالم لا تزال شائعة حتى في أدبياتنا العربية. أما الآن فقد آن الأوان لأن ندرك حقيقة “إسرائيل” وحجم سلطتها الخيالية إلى حد بعيد!

* كاتب فلسطيني

صحيفة الحياة اللندنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات