الأربعاء 07/مايو/2025

المصالحة الفلسطينية… لغز

النائب أيمن دراغمة
الحديث عن المصالحة الفلسطينية يأخذنا للحديث حول ملفات مرتبطة أساساً بجوهر الموضوع، ولا يمكن القفز عنها إن من سمات وتعقيدات الحالة الفلسطينية الحالية بعد نشوء السلطة ظهور حالة عدم انسجام مكونات النظام السياسي وأقصد مكونات العمل الوطني والسياسي الفلسطيني، فهناك سلطة ولدت من رحم اتفاقيات أوسلو برعاية أوروبية وأمريكية وقد تمت الاتفاقيات بشكل يضمن للإحتلال التحكم بتنفيذها في الوقت الذي تصطدم فيه أهداف الاحتلال مع الأهداف الفلسطينية التي اعتبرت عام 1999، هو نهاية المرحلة الانتقالية والتي كان يجب أن تفضي لقيام الدولة، بينما الاحتلال الاسرائيلي يرى السلطة شكل وظيفي يقوم بمهام وظيفية إدارية وأمنية ومالية فيما يتعلق بحياة الفلسطينيين تحت الاحتلال. ولذا فهو يدعم ويساند ويسهل هذه الخدمات ما دامت لا تمس استراتيجيته التي لا تعترف بالحقوق الفلسطينية ولذا طالب عدد من مفكري وقيادات العمل الوطني الفلسطيني بحل السطلة ، وإلزام الاحتلال بتحمل المسؤولية القانونية تجاه هذه المهمات والخدمات.

     بعد ثورة انتخابات 2006، حدثت صدمة أصابت المكونات غير المنسجمة للنظام السياسي الفلسطيني بدوار، فحماس فازت بالأغلبية وأرادت أن تترجم فوزها الانتخابي بممارسة حقها القانوني والدستوري، وفتح و م . ت . ف صاحبة السبق التاريخي وحق الامتياز بتشكيل السلطة عز عليها ترك المقاعد وتسليمها لحماس، كل ذلك وسط أجواء دولية وعربية غير راضية عن مبدأ الانتخابات وترفض النتائج وتتدخل بشكل يومي في الشأن الفلسطيني وتريد الحفاظ على شكل السلطة ودورها وفقاً لما تم البناء عليه، وقطع الطريق على إقامة نموذج ديمقراطي عربي يترجم إرادة الشعوب من خلال صندوق الاقتراع، وقد تواصلت الجهود الدولية وبشكل مكثف للوصول لمقاربة فلسطينية فلسطينية واستخدمت خلالها جميع وسائل الترغيب والترهيب، ولم تنجح ولذا بقيت الأزمة قائمة، حتى بدأت تخف حدتها مع إطلالة الربيع العربي.

      يشكل الربيع العربي والانطواء الأمريكي وانشغال الأوروبيين بأزماتهم فرصة مواتية للفلسطينيين لإعلان إنهاء الانقسام والوصول للوحدة، ومع أنه تم التوقيع على وثيقة المصالحة، ورغم انخفاض وتيرة شروط الرباعية، إعلامياً تماهياً مع ما يسود المنطقة من تغيرات، إلا أن المصالحة أمامها تحديات استراتيجية تتعلق بالشأن السياسي، وهو ما عبر عنه الرئيس الفلسطيني عندما قال سنبحث في اللقاء مع الأخ خالد مشعل حول مستقبل القضية الفلسطينية.

     وتقديري أن هناك مسألتين هامتين تشكلان العقبة الكبرى، الأولى تتعلق بشكل النضال الفلسطيني، والثانية تتعلق بالبعد السياسي للمؤسسات الفلسطينية ودخول حماس فيها ومنها الحكومة م . ت . ف، والمسألتان متلازمتان، وتصطدمان مباشرة مع تحفظات وشروط الرباعية التي ترى أن المصالحة الفلسطينية يجب أن تتم وفق شروطها، مع أن بنود المصالحة الأخرى ليست بمستعصية ويسهل الوصول لتوافقات حولها وهي ليست محل الخلاف وإن كانت تستخدم بطريقة إعلامية من أجل تحميل الآخر المسؤولية عن عدم نجاح جهود المصالحة. وعليه فإن التوافق حول ملفات وبنود المصالحة الأخرى وإن كان مهماً لا يشكل حلاً ومخرجاً كلياً، بل يعمل على ترحيل الملفات المتأزمة ويعمل على تأجيل الحديث حول الأزمة الأساسية على أمل الوصول للانتخابات والتي بتقديري ستعيد فتح ملفات الأزمة من جديد.

     من وجهة نظر حماس ربما تكون هذه الفترة الزمنية مواتية لأحداث تغيير فلسطيني واختراق في الموقف الدولي تجاه حماس خاصة وأن العالم بدأ يعيد حساباته مع المنطقة برمتها، ويساعد نجاح الحركة الإسلامية في الانتخابات في العالم العربي، على إضفاء مرونة نسبية على سياسة الغرب وعلاقتها مع الإسلام السياسي، وهذا ربما يشكل رافعة ويفرض حالة من الأمر الواقع على الرباعية لا مناص من التعامل معها بمعايير جديدة.

     فتح والرئيس أبو مازن لا يستطيع تجاهل التأثيرات الناتجة عن الربيع العربي، ويحاول الاستفادة من ذلك وبحذر وبأناة وبخطوات غير مستعجلة ومتوازنة حسب تعبير الرئيس فهو يفكر بالموازنة بين الداخل والخارج، والمقاربة المتدرجة والمتأنية التي تحافظ على مسافة كافية مع جميع الأطراف، حتى الوصول للانتخابات والتي يعول أن تكون نتائجها كافية لإمساك فتح بزمام القرار الفلسطيني كله وبشكل رسمي من خلال صندوق الاقتراع.

      وتقديري أن أهم ملف من وجهة نظره يجب المسارعة في معالجته هو تشكيل قيادة فلسطينية موحدة تتولى مسؤولية ملء الفراغ الناتج عن الانقسام وترهل مؤسسات م . ت . ف وتتولى متابعة جميع الشؤون الفلسطينية الاستراتيجية والمرحلية بما فيها بنود المصالحة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات