عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

دولتان لشعب واحد.. والسؤال عن مستقبل عرب48

دولتان لشعب واحد.. والسؤال عن مستقبل عرب48
يثير بعض المفكرين والمحللين الإسرائيليين عاصفة سياسية جديدة نتيجة للتطورات الميدانية الأخيرة سواء كانت في الجوانب الاجتماعية الحياتية أو في الجانب الآخر من الحياة السياسية. وفي ظل هذه التحولات الشرق أوسطية السريعة تظهر علامات جديدة تنذر بولادة واقع جديد وحقيقة مهمة لا بد للعقل البشري أن يتداركها ويتفهمها، وبين هذه التحولات وتلك الحقائق يسعى المفكر والمحلل السياسي الإسرائيلي للإبداع في إيجاد المخارج وبذل الجهود للحد من تلك التغيرات التي من شأنها أن تصب في دائرة مضادة، وفي خضم هذا الحراك يسعى قسم من المفكرين والمحللين للبحث عن بر الأمان في منطقة تتعرض إلى زلزال شديد من شأنه أن يهدد نظرية الأمن والاستقرار من الخارج، لذا يدور الحديث في الفترة الأخيرة من قبل بعض المحللين والمفكرين عن فكرة “الدولتين لشعب واحد” من باب الولوج في مربع الصراع الداخلي للمجتمع الإسرائيلي ومعالجة التطورات العالقة حفاظا على استمرارية المشروع الصهيوني.

تشهد المنطقة تحولات سريعة ومفاجئة إلى حد كبير. ولا نبالغ حين نقول بأنها كانت غير مرجوة من قبل الكثيرين ممن استسلموا لسياسة الأمر الواقع وارتهنوا في مستنقعات ضبابية ضيقة وسيئة الصيت، وفي ظل هذه التحولات يُبحث في الأجندة الإسرائيلية عن سبل لمواجهة هذه التحولات السريعة المرهونة بإرادة الشعوب. وطرح في الآونة الأخيرة العديد من الخيارات ومن ضمنها أولوية معالجة التصدعات في المجتمع الإسرائيلي. فقد احتدمت الصراعات الأيديولوجية والإثنية داخل المجتمع الإسرائيلي في تشكيل هوية المؤسسة الإسرائيلية، وقد ظهر الصراع جليا بطبيعة العلاقة بين الدين والدولة. فهناك خلاف حاد جدا بين التيار المركزي العلماني والتيارات الدينية بمختلف مركباتها.

وأشار بعض الباحثين إلى جوهر الصراع والمخاوف الرئيسة التي تمثلت كما أدعى بعض الباحثين والمفكرين، أمثال “ارنون سوفير”، إلى تحول المؤسسة الإسرائيلية تدريجيا إلى دولة “حريدية” غير مستقرة وإلحاق الأضرار بالجوانب السياسية والاقتصادية وبالإنتاج، هذا بالإضافة إلى الصراع بين التيارات الدينية اليهودية المختلفة فيما بينها. وما يثير المخاوف العلمانية زيادة النفوذ السياسي للأحزاب الدينية في الحكومات الإسرائيلية المختلفة مثل: البيت اليهودي وغوش إمونيم والاتحاد الوطني والمفدال التي تمثل الأحزاب الدينية القومية والأحزاب الدينية الإثنية ممثلة في شاس وأحدوت هتوراة، وغيرهما من الأحزاب.

نتيجة لتدهور الأوضاع داخل المجتمع الإسرائيلي وللخروج من بوتقة الصراع الداخلي الذي يؤرق النخب السياسية والثقافية داخل المجتمع الإسرائيلي -لا سيما المواقف التي اتخذتها بعض الأحزاب اليمينية الدينية من طبيعة الاحتجاجات الإسرائيلية التي اندلعت في الأشهر الماضية على خلفية تدهور الحياة الاجتماعية؛ فخلافا لقطاعات واسعة من الإسرائيليين وقفت الأحزاب الدينية ضد الاحتجاجات وضد فكرة “دولة الرفاه” كما أدعى الباحث “يئير شيلغ”- يقترح بعض المحللين والصحافيين أمثال “تسيون دلل” إقامة نموذج يعتمد على مفاهيم توراتية دينية وتاريخية تعود في الأساس إلى حقبة سليمان عليه السلام في بناء الممالك الإسرائيلية القديمة للحد من الصراع المتفاقم بين التيار العلماني والتيار الديني. ومن خلال هذا النموذج يمكن إقامة دولتين لشعب يهودي واحد، ويسعى الاقتراح لتطبيق نموذج مشابه على طريقة مملكتي “يهودا” و”إسرائيل”:

* دولة “يهودا”: بحيث تضم كل المناطق الشرقية ابتداء من كريات شمونة (الخالصة) وطبريا وصفد والعفولة من الناحية الشمالية، وتمتد حدودها حتى بئر السبع في الجنوب، وتكون عاصمتها القدس، وبناء على هذا المخطط تكون “يهودا” دولة دينية وتحت وصاية الشريعة اليهودية الدينية، وتضمن وجود التجانس اليهودي.

* دولة إسرائيل: تمتد حدودها من نهاريا في الشمال على طريق الساحل، وتضم النقب وإيلات، وتكون دولة علمانية يختار شعبها الحكومة التي تمثله، ويضع هذا النموذج بنودا وتصورات لتوحيد الدولتين في الجوانب الاقتصادية والأمنية العسكرية وفي الجوانب القضائية بما يضمن أمن واستقرار الطرفين، ويتطرق الاقتراح إلى تقسيم فلسطينيي الداخل بين المنطقتين الدينية والعلمانية بشكل متساو، بحيث تؤكد هذه المبادرة أو الخطة الإرث التاريخي والبعد التوراتي للشعب اليهودي فيما يتعلق بمستقبل المشروع الصهيوني، وتسعى الفكرة لإحكام السيطرة على الفلسطينيين من أجل ضمان الهيمنة الصهيونية، وفي التالي تقويض ما تبقى من روابط اجتماعية وثقافية وتاريخية للفلسطينيين ومعالجة التحديات الديموغرافية والسكانية عن طريق حجر فلسطينيي الداخل واستيعابهم ودمجهم في المجتمع الإسرائيلي، والتنكر لقضيتهم الإنسانية العادلة ولحقوقهم الجماعية الثقافية والتاريخية، وإخضاعهم ليهودية الدولة أو الشريعة اليهودية بما يتناقض مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية؛ جنيف ولاهاي.

قد يكون هذا المشروع أو هذا الاقتراح مجرد نظرية أو اقتراحا غير عملي أو صعب التطبيق وبعيد المنال نظرا لطبيعة الجدل والخلاف السياسي بين الأحزاب اليهودية، على اختلاف مشاربها السياسية وتوجهاتها الأيديولوجية، وقد يلقى معارضة شديدة داخل المجتمع الإسرائيلي، بخاصة داخل القوة السياسية الناشطة والفاعلة، ولكن يجب الإشارة إلى عدة نقاط تخفيها الفكرة وتحيط بها عن دراية، فالفكرة تحمل بين طياتها أبعادا أيديولوجية وعقدية هامة جدا. فالبعد الديني والارتباط العقدي موجود كمخزون حضاري ووسيلة عملية لحل المشاكل الداخلية وللحفاظ على ديمومة وأمن المشروع الصهيوني من خلال “الإصلاحات الداخلية” على المستوى السياسي والاجتماعي، والاحتجاجات الحالية تؤكد ذلك. ويدلل هذا المشروع أيضا على أهمية الإصلاح والتعديل في ظل التغيّرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، كما أنه يشير إلى حقيقة المجتمع الإسرائيلي ويكشف حقيقة الحالة التي يعيشها الإسرائيليون من تشرذم وانقسام سياسي وتصدع اجتماعي وفكري.

فالمجتمع الإسرائيلي تشكل من الهجرات اليهودية التي أسست مجتمعا استيطانيا عرف بالـ”يشوف”، لذلك فإن الحراك الاجتماعي لجماعات الهجرة من شأنه أن يؤدي إلى تنامي الصراع بين مجموعات الهجرة المختلفة وبين السكان المحليين، وهذا بدوره أدى إلى تشكيل معالم الاثنوقراطية الحالية داخل المجتمع الإسرائيلي، وتكريس طابع التمييز والتفرقة والتصادم بين الأطراف السياسية والحزبية المختلفة. وقد ساهمت طبيعة الحياة الاستيطانية في تبلور مفهوم التصدع الطبقي عن طريق منح فرص غير متساوية بين المهاجرين والمستوطنين وبين السكان المحليين الأصليين الذين هُجّروا واقتلعوا من أراضيهم وفقا للسياسات الاستيطانية.

مركز الدراسات المعاصرة، 13/11/2011

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...