الإثنين 12/مايو/2025

«اليونسكو» تسقط قناعاً أميركياً جديداً

«اليونسكو» تسقط قناعاً أميركياً جديداً

العمل من أجل السلام، أو تأييد الجهود للتوصل إليه، يبقى كلاماً في الهواء ما لم يترجم هذا «الادعاء» على الأرض، وربما ما حققه الفلسطينيون من «انتصار معنوي» بقبول فلسطين بعضوية كاملة كدولة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) بتأييد 107 دول ومعارضة 14 بلداً يتقدمهم «راعي السلام العالمي» الولايات المتحدة الأميركية حامية الاحتلال الإسرائيلي بكل إرهابه وجرائمه وتعديه السافر على القوانين والشرائع الدولية، وامتناع 52 دولة عن التصويت، يكشف النوايا الحقيقية، والجدية في ما تعنيه التصريحات التي لم تنقطع عن تأييد السلام أو ما يسمى بـ «عملية السلام في الشرق الأوسط»، والتباكي على «الفرص» التي طالما يغتالها الانحياز الأميركي الظالم، والعنجهية الإسرائيلية وفكرها الأسود.

ولم تكتف الإدارة الأميركية بالكشف عن نواياها المعادية للسلام بقيادة حملة ضاغطة لرفض طلب قبول فلسطين كعضو كامل العضوية في هذه المنظمة الأممية التي تعنى بالحفاظ على ثقافة وميراث وحضارة البشرية جمعاء، بعقاب فوري تمثل في وقف فوري لمساهمتها المادية البالغة نحو عشرين بالمائة من ميزانية «اليونسكو»، من دون خشية لـ «غضب» أو حتى «عتب» من أصدقائها العرب والمسلمين، أو أن تصلهم الرسالة الواضحة والصريحة، بأن كل ما تدعيه الإدارات الأميركية على امتداد سنوات النكبة وما رافقها من نكسات وهزائم عربية على كافة المجالات والصعد، ليس أكثر من مهدئات وخداع وإصباغ وأقنعة سرعان ما تسقطها التجارب.. وتجربة اليونسكو اكبر برهان على ما تكنه الولايات المتحدة من عداء لأبسط الحقوق الفلسطينية وهي حق الشعب الفلسطيني في الحفاظ على تراثه وثقافته وميراثه الإنساني والحضاري.

والموقف الأميركي العدائي لقبول فلسطين كعضو كامل العضوية في «اليونسكو» وعقابها الفوري والمباشر للمنظمة الدولية، لا يعني سوى أن الإدارة الأميركية غير معنية أبداً بالسلام وغير معنية بـ «حل الدولتين» وهو الحل الذي بقي وبعد نحو عشرين عاما على ما يسمونه «عملية السلام» التي أفرغتها الإدارة الأميركية وحليفتها الاستراتيجية الدولة العبرية العنصرية من مضمونها بمواقفهما المتطابقة المعادية للسلام القابل للحياة ومحاولتهما فرض سلام مسخ ليس أكثر من «سراب أميركي» أو في أحسن الأحوال «مهدئ» للأوجاع الفلسطينية والعربية الناجمة عن تمزق دول الأمة العربية بحاضنته الأميركية والسياستين «الغبيتين» الأميركية والإسرائيلية لأنهما يهدران الوقت ويضيعان فرصة تاريخية لن تندم عليها الإدارتان الأميركية والإسرائيلية فحسب بل والمجتمع الدولي الذي يشهد الإدارة الأميركية التي تقود المنطقة والعالم إلى الهاوية إرضاء للأطماع الصهيونية من دون أن يتحرك ليقول كفى ليصنع «ربيعه» ويخلع ديكتاتورية السياسة الأميركية وتسلط واشنطن على القرار الدولي الذي لا تريد لأحد أن يخضع لرأي الأغلبية، وهي الدولة التي تدعي أنها «عنوان الديمقراطية» في العالم.

أما الموقف الإسرائيلي فهو صدى للموقف الأميركي، ويمكن عكس المعادلة بأن يكون الموقف الأميركي هو انعكاس وصدى للموقف الإسرائيلي فالأمر سيان لان النتيجة واحدة، فكلاهما يعملان ضد السلام الحقيقي، وتباكيهما على هذا «السلام» الذي لا يحدث مع مثل هذه الخطوات تقدماً، بل على العكس حسب رأيهما فهو سيبعد هذا «السلام» وأن السبيل الوحيد له هو عن طريق «المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة»، فأي سلام هذا الذي يحرم شعباً من تراثه وثقافته وميراثه الإنساني، وأي سلام هذا الذي يمنع شعباً من إقامة دولته على أرضه، وأي سلام هذا الذي يستمر التفاوض عليه عشرين عاماً ولا يأتي إلا عن طريق «المفاوضات».. أي سلام هذا الذي تريده واشنطن وحليفها الصهيوني العنصري الذي رد على المنظمة الدولية بالمزيد من الاستخفاف بالشرعية الدولية وبالعرب وبسلامهم الذي ولد ميتاً لغياب القوة التي ترعاه وتحميه، عندما قرر تسريع وتكثيف الاستيطان، ليكشف من جديد عن نواياه المتطابقة مع النوايا الأميركية التي لا يريد العرب حتى اللحظة وبالرغم من موقفها المخزي من «اليونسكو»، وبالرغم من «الفيتو» الأميركي الذي ينتظر في مجلس الأمن لاغتيال الحلم الفلسطيني بـ «العضوية الكاملة بالأمم المتحدة» الاقتناع بأن لا صديق لواشنطن غير دولة الاحتلال الإسرائيلي طالما أن مصالحها لا تتأثر بمواقفها العدائية من العرب وحقوقهم، هذا أولاً وأنه لا سلام إلا «سلام القوة».

صحيفة الوطن القطرية 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات