مرة أخرى التلويح بحل السلطة

المتتبع للطريق التي يسلكها الرئيس محمود عباس في الأشهر الأخيرة، يلاحظ أنه بعد أن تأكد من صعوبة استئناف المفاوضات في ظل حكومة بنيامين نتنياهو، وتراجع فرص “حل الدولتين” في ضوء عمليات الاستيطان المتواصل والكثيف، والتهويد المستمر لمدينة القدس، وفشل الرباعية الدولية في التوفيق بين المتفاوضين أو التقريب في وجهات النظر بينهما، وتخلي إدارة أوباما عن وعودها وتعهداتها، في سنة انتخابات يزداد فيها مرشح الحزب الديمقراطي ضعفاً بسبب الأزمتين الاقتصادية والمالية، أخذ يرفع من مستوى “مناوراته” دون أن يتخلّى عن مبدأ المفاوضات أو يقطع معها كأسلوب وطريقة للعمل السياسي.
كانت الخطوة الأولى على هذه الطريق تتمثل في التقدم بطلب العضوية الكاملة ل “دولة فلسطين” في الأمم المتحدة، والإصرار عليها بالرغم من الموقف الأمريكي الواضح برفضها إلى حد التهديد بالفيتو. وجاءت بعدها الخطوة الثانية، متمثلة بطلب العضوية الكاملة في منظمة (اليونيسكو)، التي لم يختلف الموقف الأمريكي منها عما كان من طلب عضوية الأمم المتحدة.
وكلتا الخطوتين لم يتم التصويت عليهما حتى كتابة هذه السطور، لكنه، وبصرف النظر عما ستسفر عنه عمليتا التصويت، فإن هاتين الخطوتين كانتا تحملان معنى “التمرد” على الإدارة الأمريكية، وهناك من يقول حملتا معنى “التحدي” للولايات المتحدة الأمريكية، وللرئيس باراك أوباما شخصياً، وفي ذلك ما فيه بالنسبة إلى سلطة مثل “السلطة الفلسطينية”.
الخطوة الثالثة وهي التلويح بحل السلطة، هي الأكثر خطورة في سلسلة الخطوات التي اتبعها عباس في سبيل تجاوز الحواجز التي صادفته على طريق المفاوضات حتى الآن. وقد سبق له أن لوح بها أكثر من مرة كلما اصطدم بحاجز يعرف أنه لا يستطيع القفز عنه، كما سبق له أن تناساها كلما رمت الولايات المتحدة بما يوحي أنه في الإمكان تجاوز ذلك الحاجز. فهل هذه المرة الأخيرة، أم أن الرئيس لا يزال ينتظر “شيئاً ما” من جانب الإدارة الأمريكية؟
بعض “الإسرائيليين”، ومنهم وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، يرون أن الرئيس عباس هو أخطر القادة الفلسطينيين. وخطورته، كما يقولون، في “غموضه وضبابيته”، في وقت يرى أي فلسطيني أن من أبرز صفاته الوضوح، وهو عندما يعلن عن موقف ما يكون جاهزاً للالتزام به أياً كانت شعبية هذا الموقف، على عكس مفاوضيه “الإسرائيليين”. أما في مسألة حل السلطة، فيمكن الحديث عن قدر من “الغموض” في موقفه منها، وهو غموض يأتي من حقيقة أنه لم يتخذ موقفاً بهذا الشأن، ومن أجل أن يبقي الباب مفتوحاً لتناسي ما لوح به.
إنه “يلوح” فقط، لأن ذلك يأتي في إطار المناورة، ومحاولة منه، كما يتصور، للضغط على “الإسرائيليين” والأمريكيين لإيجاد مخرج لاستئناف المفاوضات، لعلمه أن حل السلطة سيعود بالضرر على “الإسرائيليين” والأمريكيين أكثر بكثير مما سيعود به على الفلسطينيين، بالرغم مما يقال في هذا المجال كلما جرى حديث عن هذا الموضوع.
جاء التلويح الأخير بحل السلطة في كلمة ألقاها الرئيس عباس في “المجلس الثوري” لحركة (فتح). وفي هذه الكلمة قال: “السلطة ليست سلطة”، وأضاف: “يسألني الناس والمؤسسات الفلسطينية عن جدوى السلطة”. واكتمل التلويح عندما قال إنه سيناقش مستقبل السلطة مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس). وقال أيضاً علينا أن نجيب عن سؤال “إلى أين نحن ذاهبون؟” وفي رأيه أن الإجابة عن السؤال تستوجب بحث ثلاث مسائل: “الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبيانات الرباعية، ومستقبل السلطة”. وفي الكلمة أيضاً، أكد موقفه من طلب العضوية في الأمم المتحدة، واعتبر طلب العضوية في (اليونيسكو) “معركة حامية جداً” لا تراجع عنها. وزاد على ذلك بأن طالب برفع الحصار عن قطاع غزة، بعد أن سقطت ذريعة شاليت.
ويزيد الغموض من تضارب ما تناقلته الأخبار من تصريحات لمسؤولين في حركة (فتح) عن الموضوع. فهناك من يقول إن مشروع حل السلطة جاهز منذ أشهر، وإن الفكرة عرضت على اللجنة المركزية ولقيت تأييداً. وهناك أيضاً، من ينفي أن الموضوع طرح على أي مستوى، أو أنه مطروح أصلاً. وفي حديث صحفي لعضو اللجنة المركزية، محمود العالول، نفى أن يكون حل السلطة مطروحاً، بينما نسبت الصحيفة نفسها إلى “مسؤول فلسطيني كبير” قوله إن الفكرة عرضت على اللجنة المركزية ولقيت قبولاً وتأييداً، مؤكداً أن قرراً بهذا الصدد لم يتخذ.
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...