رسالة مخضّبة بالدم

مجزرة جديدة بتوقيع الإرهاب “الإسرائيلي” توقع مزيداً من الضحايا الفلسطينيين. تسعة شهداء ومثلهم، تقريباً، من الجرحى سالت دماؤهم لتروي تراب غزة الذي فرض عليه الاحتلال الصهيوني تحالفاً مزمناً مع الدم والتدمير والحصار. الذريعة جاهزة في الأدراج “الإسرائيلية”، لكن الأسباب الحقيقية هي ذاتها المرتبطة بغريزة القتل التي تستوطن عقلية الاحتلال وقادته، عسكريين وسياسيين.
المجتمع الدولي مصاب بداء الصمت كعادته حين يتعلّق الأمر ب”إسرائيل”. العواصم التي تمسك بشعار “حقوق الإنسان” سوطاً بلا أخلاق أو ضمير، تلقيه جانباً وتدير رأسها للخلف عندما تكون “إسرائيل” صاحبة الفعل الإجرامي، والعربي ضحيّته. إحدى وكالات الأنباء تحدّثت عن غارة جوية “إسرائيلية” بعد “وابل” من الصواريخ التي أطلقت من القطاع، كأن الحديث يدور حول الجيش الأحمر السوفييتي السابق وصواريخه البالستية.
بعض وسائل الإعلام العربية أزاحت خبر المجزرة، كبقية أخبار قضية العرب الأولى، إلى أواسط نشراتها الإخبارية وأواخرها، وهي تسهم عمداً وقصداً في التعمية على تهويد القدس وابتلاعها، ربما لأن هذه القضية لم تعد تصلح كسلّم للتسلّق ومادة للمتاجرة، في حين أن التقارير التي تتعلق بالصراع الداخلي الفلسطيني يجري دفعها إلى الخطوط الأولى لجبهة إثارة الفتنة وتعميق الانقسام. لكن تبقى هناك أغلبية في وسائل الإعلام العربية التي ما زالت تضع القضية الفلسطينية في مقدّمة اهتمامها ومحور تغطياتها، من دون أن تفقد البوصلة اتجاهها أو تحرفها عن وجهتها الحقيقية، لكنّها لم تحظ بتبنّ ودعم مشبوهين يجعلها واسعة الانتشار، لتبقى الساحة مشاعاً لأحفاد وزير إعلام هتلر، صاحب نظرية الكذب المتكرر.
مهما يكن من أمر، ف”إسرائيل” لا تسمح لأي حدث بأن يحتل مكانتها الأولى في الاستحواذ على الاهتمام بما تفعله من جرائم وانتهاكات من كل شكل ونوع، وفقاً لخلفية غريزية أولاً، ولأهداف بعضها معلن وبعضها الآخر مبطّن. وهي تفعل ذلك كلما وقفت عارية من ذرائع جرائمها أمام بقايا الضمير الإنساني.
صحيح أن “إسرائيل” لا تحتاج إلى ذريعة لترجمة هوايتها بلغة الدم، لكن مجزرتها الأخيرة في غزة المحاصرة منذ سنوات، جاءت في توقيت لا يخلو من الرسائل للداخل الصهيوني والطرف الفلسطيني. فهي تريد أن تمسح الصورة الأخيرة التي طبعتها صفقة مبادلة جنديها غلعاد شاليت بأكثر من ألف أسير فلسطيني، بينهم عشرات المحكومين بالمؤبدات، لتظهر بأن الصفقة المذلّة لها لا تعكس تراجعاً في محاربتها لما تسميه “الإرهاب”.
أما الرسالة للجانب الفلسطيني، فهي مخضّبة بالدم وموجّهة، في هذا التوقيت، للرئيس محمود عباس الذي أغضب “إسرائيل” في خطابه الأخير أمام المجلس الثوري لحركة “فتح”، حيث تحدّث على نحو إيجابي غير مسبوق تجاه حركة “حماس”، ورفع منسوب الغضب “الإسرائيلي” بتأكيده أنه سيلتقي رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، ليس لبحث المصالحة فحسب، وإنما لصياغة استراتيجية فلسطينية بديلة في ظل تكالب الدول الغربية لإسقاط مشروع التسوية إن لم يستمر وفق هوى “إسرائيل” ومقاسها الاستيطاني والتهويدي.
نستطيع أن نتوقع تصعيداً دموياً يرتفع منسوبه كلّما ارتفعت لغة التصالح الداخلي لدى الفلسطينيين الذين لا تتركهم “إسرائيل”، إلا إذا تعمّق انقسامهم وأيقظ شياطينها الفتنة عندما تسهو. ومن المؤكد أن الفلسطينيين تنتظرهم لحظات أشد صعوبة، فالتحرّك الدبلوماسي على جبهة الاعتراف بالدولة في الأمم المتحدة ستحبطه أمريكا بالضغط على بعض أعضاء مجلس الأمن، وإن لم ينجح الضغط ستغتاله برصاصة “الفيتو”، فيما تواكبه “إسرائيل” بمواصلة القتل والاستيطان. فهل أمام الفلسطينيين سوى وحدتهم؟
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...

قيادي في حماس: مفاوضات متقدمة مباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مفاوضات متقدمة مباشرة تجري بين الحركة والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق...

مركز حقوقي: فظائع سديه تيمان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب
بيروت- المركز الفلسطيني للإعلام أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (مستقل) أن "ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن الانتهاكات الصادمة التي تُرتكب في...

الصحة بغزة: 19 شهيدا و 81 إصابة وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصول مستشفيات قطاع غزة 19 شهيدا، و 81 إصابة خلال 24 ساعة الماضية....

المقاومة توقع قوة إسرائيلية بكمين في حي الشجاعية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تنفيذ عملية مركبة في حي الشجاعية بمدينة غزة، أمس السبت، أسفرت...