الأحد 11/مايو/2025

بعد الانتخابات التونسية.. هل تنتقل الديمقراطية إلى الشرق

بعد الانتخابات التونسية.. هل تنتقل الديمقراطية إلى الشرق

أكتب هذا المقال قبل ظهور نتائج الانتخابات التونسية لكنني أستطيع أن أؤكد لكم أن هذه الانتخابات أثبتت أن العرب يمكن أن يحققوا الديمقراطية، وأن يديروا انتخابات حرة نزيهة تعبر عن إرادة شعبية.

والانتخابات التونسية تؤكد أيضاً أن الديمقراطية سوف تنتقل إلى العالم العربي بعد انتصار ثورات الشعوب، وأن هذه الثورات قد كسرت احتكار الغرب للديمقراطية.

وكما بدأ انطلاق العرب للتحرر من الاستبداد من أرض تونس الخضراء، فإن انطلاق العرب نحو بناء المستقبل وتحقيق النهضة يتم من أرضها أيضاً.

ولأن نهضة الأمة تبدأ بأن تمتلك الشعوب القدرة على الفعل والتغيير والتأثير، فإن ممارسة الشعوب للديمقراطية، واحترام نتائج الانتخابات الحرة أهم خطواتنا لاستعادة مكانة الأمة الحضارية في العالم، وتحقيق مشروعها الحضاري.

لقد ارتبط الاستبداد في العالم العربي بالتخلف. وقوى الاستعمار أسهمت في تقوية النظم العربية الاستبدادية لأن هذه النظم كانت تعمل لتحقيق مصالح الغرب ونهبه لثروات الشعوب.

لقد نهبت النظم الاستبدادية العربية موارد وثروات الشعوب، وباعتها لأمريكا وأوروبا و”إسرائيل” بأقل بأسعار تقل عن ثمن تكلفتها واستخراجها في مقابل أن تدعم أمريكا هذه النظم وتحميها من شعوبها وتوافق على توريث الأبناء والتكتم على فضائح الزعماء وأبنائهم.

لو أن تلك الثروات قد استخدمت في بناء المدن والجامعات والمصانع وزراعة الأرض لأصبح الوطن العربي أكثر تقدماً من أمريكا.

ورغم أن أمريكا هي التي عملت على فرض النظم الديكتاتورية على الشعوب العربية فإنها شكلت صورة العربي باستخدام عدد من السمات السلبية المشوهة أهمها خضوعه للاستبداد، والفقر والتخلف والجهل، وأنه صديق لا ينفع وعدو لا يضر.

لذلك كانت الثورات العربية ضربة موجهة للخرافات العنصرية الأمريكية، فقد أثبتت أن الأمة العربية قادرة أن تؤثر بشكل فعال على حركة التاريخ، وأنها يمكن أن تبني المستقبل بشكل أفضل كثيراً مما يتخيل صناع القرار في أمريكا وأوروبا.

ولقد جاءت الانتخابات التونسية لتشير إلى إمكانية أن يتحول العالم العربي إلى الديمقراطية في الوقت الذي وصلت فيه الديمقراطية الغربية إلى حالة العجز والشيخوخة.

ففي الانتخابات التونسية بلغت نسبة المشاركة 90% في الوقت الذي لم تتجاوز فيه نسبة المشاركة في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 30% خلال السنوات العشر الماضية.

هذا يشير إلى أن العرب الذين يشتاقون إلى الديمقراطية بعد أن حرموا منها لسنوات طويلة سوف يصرون على أن تكون وسيلة للتعبير عن إرادتهم، وأن الإنسان العربي الذي يحلم بالحرية قد ثار ضد الاستبداد وسوف يساهم في حماية وطنه من عودة الاستبداد مرة أخرى لذلك فإنه سيشارك في الانتخابات لأنه يدرك الآن أن صوته يمكن أن يساهم في تغيير العالم وصنع المستقبل وتحقيق التقدم.

نسبة المشاركة في الانتخابات التونسية أهم المفاجآت التي تسعد كل حر، وتدخل الحزن على قلب كل من يكره العرب خاصة أمريكا و”إسرائيل”.

فهذه النسبة تعني أن الوطن العربي قد انتقل إلى عصر الإرادة الشعبية التي تحمي استقلال الوطن وتدافع عن هويته، وأن عصر الاستعمار والاستبداد والتخلف قد انتهى، وأن العرب عرفوا طريقهم نحو المستقبل.

وتشير النتائج الأولية حتى الآن إلى فوز حزب النهضة.. وهذا من طيب فأل العرب وبشائر الخير فاسم النهضة يشير إلى هدف الأمة التي تريد تحقيق نهضة حضارية في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية والاجتماعية.

ومن المؤكد أن الانتخابات التونسية تميزت بالنزاهة والشفافية وتؤكد أن شعب تونس قد حصل على حريته بكفاحه وشجاعته، ولذلك فإن شعب تونس هو الفائز الحقيقي في هذه الانتخابات بكل اتجاهاته السياسية.. لقد فاز شعب تونس ونحن في مصر ننتظر، والشعوب العربية تتطلع بشوق إلى عصر النهضة والحرية والعدالة.

صحيفة الشرق القطرية    

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات