الأسير نزال: حماس وعدت فأوفت وأثق بقدرة المقاومة على تحرير باقي الأسرى

من هو القائد ناصر

– بعد تقديم أجمل التهاني لكم بتنسم عبر الحرية عبر صفقة وفاء الأحرار،  نود أن نسمع نبذة مختصرة عن سيرتكم الذاتية.

بارك الله فيكم، ونحمد الله على هذا الفضل من الله سبحانه وتعالى، ومن ثم للمقاومة وآسري شاليط، وعلى رأسهم كتائب القسام، وتقدير خاص لذوي الشهداء منفذي العملية والذين شاركوا فيها. أنا أخوكم ناصر عبد الفتاح نزال من سكان قلقيلية. محكوم مؤبدين و30 عامًا (أي 230 عامًا تقريبًا) في سجون الاحتلال. متزوج وعندي ثلاثة أطفال أكبرهم صالح (11 عامًا)، وتسنيم (9 سنوات)، وزينة (8 سنوات). تعرضت للاعتقال عدة مرات في سجون الاحتلال واعتقلت سبعة أشهر في سجون السلطة، وأصبت بشظية في صدري عام 1992، وكذلك في بداية انتفاضة الأقصى، وقد طوردت في الانتفاضة، وجرى اعتقالي عام 2002، وأحد المفرج عنهم في صفقة تبادل الأسرى المشرفة.

فرحة وغصة

– كيف تشعر بعد أيام من التحرير ووجودك في غزة التي أفرج عنك إليها بدلًا من مدينتك قلقيلية؟

ابتداءً، نحمد لله، على نعمة الحرية من سجون الاحتلال، وبالتأكيد الحرية أفضل من الأسر ولا وجه للمقارنة، مع التأكيد على أنه صعب على الإنسان أن يخرج من بيته وبلده. في المحصلة بلادنا كلها بلاد واحدة وليس هناك فرق بين غزة والضفة. تبقى في القلب غصة لأن الإنسان يحب أن يبقى في الأرض التي ولد فيها. ولكن الاستقبال الحافل الذي قوبلنا به كان حافلا، ونظم الإخوة مهرجانًا كبيرًا مميزًا لم يكن ليحدث لو أفرج عنا في الضفة. كما أن عائلتي كانت من أولى العائلات التي وصلت لغزة، حيث كان والديّ وزوجتي وشقيقي وشقيقتي قدموا هنا وكانوا في استقبالي، ثم رجع والدي وشقيقي وبقيت زوجتي وأطفالي حتى يقضي الله أمر كان مفعولًا.
صفقة مشرفة ومن ينتقدها ماذا فعل؟؟

– كيف تنظر إلى صفقة التبادل ومحاولة البعض التقليل من شأنها؟

صفقة التبادل، صفقة مشرفة أجبرت العدو على التنازل عن جميع الخطوط الحمر؛ حيث كان يمتنع بالإفراج عن الأسرى الذين أثخنوا في العدو وقتلوا المئات منه، وحكم عليهم بالمؤبدات وهناك أسرى كانوا من القدس والأراضي المحتلة منذ عام 1948، والجولان. الفريق المفاوض البطل، أصر على شمل هذه المناطق للتأكيد على وحدة جغرافيا الوطن التي يحاول الاحتلال أن يمزقها، بالرغم من أن هذا الاحتلال كان دائمًا يضع خطًا أحمر على الإفراج عن أسرى من هذه المناطق في صفقات التبادل. بفضل الله، ومن ثم بفضل قوة المقاومة وبراعة المفاوض تم كسر هذه المعايير والإفراج عن معظم الذين حكم عليهم بالمؤبدات من كافة مناطق الوجود الفلسطيني.

أما الذين يقللون من شأن الصفقة أقول لهم ماذا فعلوا هم لقضية الأسرى ومن أجل الإفراج عنهم؟ فعلى كل إنسان يحتج أو ينتقد أن يرينا ماذا فعل، فالكلام سهل ولكن عند الفعل يتخاذل الكثيرون، والمقاومة وحماس قالت ووعدت وأوفت وصدقت الوعد ونلنا الحرية غصبًا عن الاحتلال كما قال الشيخ أحمد ياسين رحمه الله.

سجود شكر بعد أسر شاليط

– نرغب أن تضعنا في صورة مشاعركم منذ أسر شاليط، وتوقعاتكم لطبيعة الصفقة، وكيف كنتم تتابعون المفاوضات بشأنها؟

في البداية عندما سمعنا بعملية الوهم المتبدد، كنت بسجن عسقلان وعندما سمعنا الخبر على راديو الأقصى كنا 18 أسيرًا في الغرفة، سجدنا شكرًا لله على هذا الإنجاز. كنا نتوقع أن يتم الإفراج عن الأسرى القدامى بينهم عميد الأسرى نائل البرغوثي والسنوار وغيرهم من الإخوة الذين أمضوا سنوات طويلة. بالنسبة لي ورغم حكمي الكبير، إلا أنه كوني اعتقلت في انتفاضة الأقصى لم أكن أتوقع كثيرًا أن تشملنا الصفقة بهذه الكمية فكانت المفاجأة والفرحة بشمولنا فلله الحمد والمنة.

– متى علمتم بإنجاز الصفقة؟ وكيف علمت أنك مدرج ضمنها؟

قبل الإعلان في وسائل الإعلام بيوم واحد تقريبًا، عندما ظهرت الكشوفات تلقيناها داخل السجن وتم فرزها، وكنت في الغرفة التي تم فيها فرز الأسماء وعندما رأينا الأسماء فوجئنا وفرحنا وكبرنا في الغرفة، وبحمد الله غرفتنا كانت الغرفة الوحيدة التي تم الإفراج عن جميع الأسرى الذين كانوا داخلها وكان ذلك فضل من الله، وكلما كان يذكر اسم كان صاحبه يسجد شكرًا لله.

معاناة السجون

– ضعنا في صورة الواقع الحالي بالأسر (خاصة السجن الذي تواجدت فيه) من حيث أبرز أشكال المعاناة وحجم الأسرى وعدد حماس بينهم وطبيعة العلاقة بين الفصائل؟

كنت بسجن ريمون الصحراوي بجوار سجن نفحة، وهو سجن جديد تم بناؤه في الفترة الأخيرة، ويوجد به 7 أقسام بينهم قسمان 5 و1 يضمان أسرى حماس والجهاد الإسلامي وباقي الأقسام لفتح واليسار. كل قسم به 125 أسيرًا مجاهدًا تقريبًا.

الأوضاع في السجون تتغير بين الحين والآخر؛ حيث دائمًا تعمل قوات الاحتلال على التضييق على الأسرى ومحاولة كسر إرادتهم، وكانت هناك عقوبات أكثر بعد أسر شاليط، ما سبب في توتر العلاقة مع إدارة السجن، حيث إن الاحتلال كان يحاول الضغط على الوفد المفاوض لأنهم كانوا يريدون أن يتنازل المفاوض عن بعض الأسماء التي يطالب أن تشملهم الصفقة، وبشكل شبه يومي كانت هناك تفتيشات وقمع وتخريب وعبث بالملابس وخلطها بالمحتويات، ونفاجئهم بالتكبير والتهليل والدق على الأبواب حتى أجبرناهم على الخضوع لشروطنا وردهم الله خائبين ولم يكسروا إرادتنا.

رسالة للأسرى

– ما هي رسالتك للأسرى، وإلى أي حد ستحملون هم هذه القضية؟

رسالتي للأسرى أن يصبروا ويثبتوا.. هي رسالة اطمئنان أن الله قادر على إخراجهم من السجون الظالم أهلها، وأن تشملهم الصفقة القادمة. نثق بالله، ونثق أنهم سيخرجون بصفقة مشرفة.

– برأيك ما هي أنجع الوسائل لإطلاق سراح الأسرى؟

درسنا جميع الوسائل، وحاول الإخوة أن يسيروا في جميع الخطوط، ولكن لم نجد إلا طريقة التبادل المشرفة.

غزة مفخرة الأمة

حماس الضفة ستستعيد عافيتها

بإذن الله، من أخرجنا من الأسر إلى غزة، قادر أن يعيدنا في أقرب وقت، وهذه ثقتنا بالله، ومن ثم ثقتنا بالمقاومة وعلى رأسها كتائب القسام أن نعود فاتحين رافعين راية القسام على مشارف الضفة وأسوار القدس.

العمل العسكري بالضفة

– نريد أن نعود للوراء قليلًا، وأن تحدثنا عن ذكرياتك وأبرز ملامح العمل العسكري في الضفة الغربية خاصة أننا علمنا أنك مؤسس كتائب القسام في قلقيلية.. نريد أن نسمع عن البدايات وأبرز العمليات التي كان لكم دور فيها وفق لائحة الاتهام التي حوكمتم بها؟

في البداية التزمت بحركة الإخوان في بداية عام 1985، وكنا طلابًا بالمدرسة ونرتاد المساجد، وكان معي عبد الرحمن حماد وصالح (نزال) صوي منفذ عملية ديزنقوف، منطقتنا حي النقار، هذه المنطقة أغلبنا ملتزمون، عملنا مجموعة، وبدأت الانتفاضة وكنا نشارك في المظاهرات وإشعال إطارات السيارات ورشق الحجارة، بعدها تطورت الأمور وبدأت الحركة تتوسع، وبدأنا نتحرك بشكل منظم، وبدأنا نرصد دوريات الاحتلال وكانت البداية عبر إلقاء زجاجات المولوتوف، كانت عمليات بسيطة، بعدها طورنا العمل وشكلنا مجموعة عسكرية وصرنا نفكر بشراء سلاح، وكانت البداية بمسدس 7 ثم مسدس 14 وكنا نتعرض لبعض المضايقات (من فتح) لتوجهنا الإسلامي، لمحاولة ثنينا عن طريقنا، وكنا في أي مظاهرة نأخذ المسدس ونطلق بالليل أعيرة نارية، وتم اعتقالنا عدة مرات من قبل الاحتلال في سجن الفارعة، وراكمنا خبرة، وفكرنا أن نطور الأمور واشترينا قطع سلاح من طراز عوزي وصار لنا هيبة ومكانة، ثم تطورت الأمور ودخل على الخط المهندس يحيى عياش، وبدأت كتائب القسام في البروز، وتم اختيار صالح نزال (صوي) لتنفيذ عملية استشهادية وكانت أول عملية قصمت ظهر الاحتلال في قلب تل الربيع وكان المهندس يحيى عياش هو من صمم العبوة، وكان عدد القتلى مفاجئًا للاحتلال، حيث خلفت 27 قتيلًا و200 جريح، بعدها اعتقلنا ضمن 40 شخصًا، على أيدي القوات الخاصة، وكان ذلك عام 1993، وتم تحويلي للاعتقال الإداري لمدة خمسة أشهر، ثم خرجنا وجاءت فترة المحنة في ظل السلطة والضربة التي وجهت للحركة عام 1996، واعتقلت في سجون السلطة حوالي ستة أشهر بدون تهمة، ثم جاءت انتفاضة الأقصى المباركة، واستأنفنا العمل وأصبت في قدمي خلال المواجهات عام 2001.<