السبت 24/أغسطس/2024

القائد روحي مشتهى وزوجته.. نموذج فريد للوفاء والحب في ظل الجهاد والدعوة

القائد روحي مشتهى وزوجته.. نموذج فريد للوفاء والحب في ظل الجهاد والدعوة

تبدو حكاية القائد الأسير المحرر روحي مشتهى وزوجته أم جمال، استثنائية بحجم التضحية والحب والوفاء المتبادل الذي توّج بتجدد اللقاء بعد انقطاع قسري دام قرابة 25 عامًا.

فبعد ستة أشهر فقط من زواجهما في غزة حدث الاعتقال لتغيّب قضبان السجان الصهيوني الفارس روحي الذي امتزجت روحه وتآلفت مع زوجته العروس الجديدة التي قدِمت خصيصًا من أجله من الأردن وهي تعلم أنها تسلك طريقًا محفوفة بالمخاطر والتضحيات الجسام.

صدق البداية .. وعظمة الوفاء

ووسط ازدحام المهنئات بحرية القائد والزوج والحبيب أبو جمال (54 عامًا) ، التمعت عينا أم جمال بفرح اللحظة واللقاء الذي مسح آثار قرابة 25 عامًا من الحرمان والبعاد، وهي تتحدث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” متذكرة بداية اللقاء بالفارس الذي ارتبطت فيه بحب صادق لم يكن من السهل الانعتاق عنه.

“إنه صادق وصريح ومخلص .. أحببته من المرة الأولى التي رأيته كان صادقًا من بداية المشوار”.

صمتت بتأثر وقالت: “في أول لقاء قبل العقد الرسمي قال توقعي رؤيتي إما أسيرًا أو شهيدًا أو طريدًا، هذا هو حالي وهذا هو طريقي”.

بإيمان وإعجاب شديد اختارت أم جمال الموافقة، مشيرة إلى أنها لم تحكِ لأهلها خشية أن يرفضوا خاصة أننا نسكن الأردن ولم نكن ندرك طبيعة الواقع في قطاع غزة في ظل الاحتلال.

أما القائد روحي فقال إنه تأخر في الزواج لسن السابعة والعشرين، رغم إلحاح والديه، حتى حانت اللحظة التي قرر فيها أن يقدم على هذه الخطوة، ولأنه سلك طريق الحق والقوة والحرية أراد أن تكون علاقته بشريكة الحياة قائمة على الصراحة منذ البداية فإما أن تقبل وإما لا وهذا حقها، وكان القبول الذي تآلفت فيه الأرواح وتحقق الزواج.

الاعتقال وبداية الامتحان

وبعد ستة أشهر من علاقة فريدة بين شاب مسلم وفتاة ملتزمة أسسا بيتهما على أساس الإسلام العظيم، تشكل فيه المرأة المشجع لزوجها على سلوك درب الجهاد والتضحية، وفيما كانت ظلال الحب والإخلاص ترخي سدولها على هذا البيت العامر بالإيمان والجهاد، حدث خلل خلال محاولة القائد روحي صيانة عبوة ناسفة بها خلل لتنفجر العبوة بين يديه (بتاريخ 13/2/1988) على دوي هائل لينقل إلى المستشفى المعمداني ليعتقل بعد ذلك من قبل قوات الاحتلال الصهيوني.

الزوجة الصابرة قالت إنها سمعت صوت الانفجار الذي وقع أسفل المنزل وشاهدت زوجها ينزف دمًا قبل نقله للمستشفى وتنقطع أخباره بعد اعتقاله دون أن تعرف طبيعة إصابته إلاً بعد أربعة أشهر حيث حدثت الزيارة الأولى في سجن غزة المركزي “السرايا سابقًا” ليكون اللقاء المؤثر خلف القضبان بين عريسين لم يتمَّا عامهما الأول ولم يكتب لهما الحمل والإنجاب بعد.

لقاء خلف القضبان .. ورفض الانفصال

أضافت أم جمال: “كانت هذه أول زيارة وأصعبها، فوجئت به يعرض علي الانفصال، عارضت بشدة وقلت له سأشاركك في الأجر ويقيني أن الفرج قريب، وإن لم نلتقِ في الدنيا سنلتقي في الآخرة”.

وبحياء وصراحة وصدق قالت: “صدقه الأول، والأيام الجميلة التي عشتها معه الأشهر الستة الأولى جعلتني أحبه وحبي يزداد مع إدراكي لحجم إيمانه والتزامه فكان القرار الحاسم بالثبات رغم أنه أشار لها أن قضيته كبيرة وقد يأخذ حكمًا كبيرًا (وهو ما كان لاحقًا حيث حكمه الاحتلال أربعة مؤبدات وعشرين عامًا، على خلفية مقاومة الاحتلال وعملائه) ورغم ذلك أصررت على البقاء والوفاء ولم أقطع الأمل والثقة بالله بساعة اللقاء.

البداية المحرقة والنهاية المشرقة

وقال أبو جمال إنه أراد أن يحررها من الالتزام رغم العهد الأول ولكنها أبت فكانت صاحبة أجر أعظم كونها صبرت وأوفت مختارة ومقتنعة بهذا الطريق، حتى كانت هذه النهاية المشرقة، مستحضرًا قول ابن عطاء السكندري “من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة”.

وبقيت الزيارات التي كانت تقوم بها أم جمال لزوجها تخفف من اشتياقها له، وتعطيها المزيد من دفعات الصبر والثبات، ولكنها حرمت حتى من هذه الزيارة منذ ثماني سنوات ونصف لم تمنعها من استمرار عهد الوفاء والثقة بأن ساعة الفرج آتية بعز المقتدر الجبار.

تحية عسكرية وعناق المحبين

وبالرغم من تبليغها بإدراج اسم الشيخ روحي ضمن محرري صفقة التبادل إلا أن مشاعر القلق والخوف والترقب بقيت تساورها حتى عندما كانت تتواجد في معبر رفح تنتظر وصول المحررين لأنها على يقين بأنه لا أمن لمكر اليهود.

وابتسمت أم جمال وهي تصف اللحظات الأولى للقاء: “كنت في حالة قلق أترقبه وأتفرس الوجوه والحافلات حتى شاهدته وتحقق اللقاء .. أديت له التحية العسكرية وبدوره أدى التحية العسكرية وتعانقنا وعندها أيقنت أنه تحرر وأن وعد الحرية تحقق وأن ربي أحسن بي وبه إذ أخرجه من السجن”.

ويقول أبو جمال إن لحظات الحرية لحظات فرح لم يعشها في حياته فلقيا الأحبة وملامسة ثرى الوطن بعد كسر القيد بفضل الله ومن ثم بفضل المقاومين الأبطال كانت لحظات تاريخية بصدق.

عهد وفاء للأسرى

ويبدي القائد مشتهى الذي فقد والديه وشقيقه الشهيد مهدي والعديد من الأقارب والمحبين وعلى رأسهم شيخه وقائده الأول الإمام أحمد ياسين، خلال فترة الأسر، قناعة بأن موعد الفرج لكل الأسرى اقترب.

وقال: “لن يكون لنا فرح أو استقرار إلا أن نراهم بيننا.. لن نقيل أو نستقيل حتى ينالوا حريتهم ” مشددًا على أن فرح هذه الأيام سيكون الدافع لتحريرهم”.

وأضاف “الأرض أصبحت ممهدة لهذه الحرية، وهذا هو الطريق (أسر الجنود وتنفيذ صفقات تبادل)”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات