الإثنين 12/مايو/2025

هل تعود حماس لاختطاف جندي جديد؟

هل تعود حماس لاختطاف جندي جديد؟
تبين ان رئيس الحكومة لم يشاور كبار مسؤولي الاستخبارات في هذا الخط الاحمر حتى تلك النقطة. وفي اللحظة التي أجاباه بأن اولئك الستة ومنهم طاعن في السن في الرابعة والسبعين سجن لاصابته شرطيا لا يشكلون خطرا، وجههما الى الانفاذ. وهذا فرق جوهري اذا قيس بما تم بجولات تفاوض سابقة. آنئذ لعب رجال الاستخبارات دورا أكثر فاعلية لا باعتبارهم مستشارين ولا باعتبارهم مفاوضين فقط. كان لهم دور حاسم في إقرار السياسة ايضا. آنئذ حينما كان رئيس الشباك أو رئيس الموساد يقومان على أخامص أقدامهما كان رئيس الحكومة مثبطا. واليوم حينما أصبح هذان الاثنان خارج العمل، يشعر نتنياهو بحرية أكثر في استعمال سلطته بصفته ربانا سياسيا. لا يقوم الى جانبه الآن حراس ملازمون بل متخصصون يعرفون اماكنهم في اللعبة بين المستوى السياسي والمستوى التنفيذي.

ان مخطط الصفقة التي اتخذت هذا الاسبوع هو بالضبط نفس المخطط الذي رفضته اسرائيل قبل سنتين ونصف في آذار 2009. والذي تغير هو عدد من المباديء الحديدية التي كُسرت.

آنذاك، قبل سنتين، حضر المبعوث عوفر ديكل ورئيس الشباك يوفال ديسكن الى القاهرة مع علم واضح بأن حماس مستعدة للتوقيع، وكان مطروحا في جدول العمل أسماء أسرى المرحلة الاولى. وكان 325 منهم ممن اتفق عليهم الطرفان. منهم 144 أسيرا من سكان الضفة يطردون الى غزة والى خارج البلاد ويعود الباقون وهم 181 أسيرا الى بيوتهم. وفيما يتعلق بالاسماء الـ 125 الباقية، وجميعهم من الأسرى الثقال جدا ويشملون عربا اسرائيليين وسكان شرقي القدس، أعلنت اسرائيل انه لا نية لها ألبتة ان تفرج عنهم. جاء الاسرائيليون آنذاك الى القاهرة مع كل ذلك لانه كانت معلومة ان حماس ستكون مستعدة لاستبدال اسماء اخرى بالـ 125 الأسير اولئك، على نحو لا تشذ معه اسرائيل عن المباديء التي وضعتها لنفسها. بل ان الجعبري جاء الى القاهرة للتوقيع على الاتفاق. لكن حماس قررت ولاسباب ما تزال مختلفا فيها داخل اسرائيل، ان تسحب يدها من الصفقة.

آنذاك دخل نتنياهو ديوان رئيس الحكومة وعين مبعوثا جديدا للتفاوض هو حجاي هداس. وخرج المصريون من الملعب وعُين وسيط الماني كان الطرفان يقبلانه بفضل صيته الذي اكتسبه في التفاوض مع منظمة حزب الله، وفي شباط 2011 عرضت اسرائيل وثيقة أكثر مرونة لكنها لا تختلف في جوهرها. ورفضت حماس الاقتراح وانفجر التفاوض. وأنهى الوسيط الالماني عمله.

 

خطر لكنه يحتضر

في أيار حل رجل الموساد دافيد ميدان محل حجاي هداس في منصب رئيس فريق التفاوض . مع تولي ميدان المنصب عاد المصريون الى الصورة ايضا. وهنا ايضا بدأ يلوح التغيير في الموقف الاسرائيلي: فقد وافقت اسرائيل على أنها ستكون مستعدة بالنسبة لتلك القائمة التي تشمل 125 أسيرا والتي دار حولها جل الاختلاف، ان تنقل حماس اليها 75 اسما وان تختار منهم 30 شخصا للافراج عنهم. وهنا تجاوزت اسرائيل خطا أحمر آخر لان اولئك الأسرى الـ في.آي.بي كما يسميهم نتنياهو وهم الأسرى الأثقل واصحاب الرتب الأخطر العليا من جهة معنوية وموضوعية سيفرج عنهم.

تحدثت اسرائيل في الحقيقة عن الافراج عن 26 مخربا يضاف اليهم 4 آخرون يفرج عنهم لاسباب انسانية. أي أنهم خطرون جدا لكنهم مرضى جدا ايضا. تستطيع اسرائيل ان تعرض هذا باعتباره تنازلا لحماس لانهم في الحاصل العام تنازلوا عن 95 اسما فيهم الاسوأ في أعدائنا. لكن حماس تستطيع ان تعرض هذا باعتباره تجاوز خطوط حمراء في اسرائيل بشأن الافراج عن أسرى هم قتلة خطرون وقادة ايضا.

تم تجاوز خط احمر بعد خط احمر. لم تشأ اسرائيل الافراج عن أسرى من سكان شرقي القدس في اطار الصفقة باعتبار ذلك مرة اخرى جزءا من اظهار سيادتها على القدس. وفي نهاية المطاف وافقت على الافراج عن سكان من البلدة الشرقية. ان 29 منهم هم أسرى ثقال ولهذا سيطردون الى غزة؛ في آذار 2009 لم توافق اسرائيل بأي حال من الاحوال على الافراج عن بعض النساء المسجونات بسبب القتل مثل آمنة منى واحلام التميمي. وفي تشرين الاول 2011 تنازلت اسرائيل: فكل النساء المسجونات بسبب مخالفات امنية سيفرج عنهن.

ووافقت اسرائيل ايضا على الافراج عن عدد أكبر من الغزيين الى بيوتهم مما خططت له. فهي اليوم مستعدة لنقل 131 اسيرا غزيا الى بيوتهم. وقد وافقت في الماضي على الافراج عن 125 فقط. والـ 6 الذين اضيفوا الى القائمة جزء من قيادة حماس العسكرية في السجن التي أُفرج عنها الى القطاع وحينما تنشر الاسماء سيدرك الناس مقدار التنازل لانه يوجد ثم قادة ارهاب بارزون مثل جهاد يرمون وعلي العمودي ووليد عقل وعبد العلي خميس. وبأي صورة نظرت اليهم فان خطرهم حقيقي جدا بحيث لا يهم أين يتجولون في غزة أو في دمشق.

ووافقت اسرائيل ايضا على نقل 110 أسرى من سكان الضفة الى يهودا والسامرة والقدس. وفي هذه المجموعة 61 أسيرا حكم عليهم بالسجن المؤبد. يزعم رئيس الشباك انه يمكن العيش مع هذا وانه يمكن التحكم بـ مقدار خطرهم بمراقبة تحركاتهم في السنين الثلاث الاولى من مكوثهم في المنطقة ويشمل ذلك مثولا في الادارة المدنية مرة كل شهر. ويعلم رئيس الشباك ايضا ان الافراج عن ناس من هذا النوع يحدث ظواهر مثل صلاح عروري وهو سجين فلسطيني من حماس أُفرج عنه قبل سنة من السجن ويعيش اليوم في دمشق ويعمل تحت كنف خالد مشعل. وبالمناسبة، حاول رئيس الشباك السابق ديسكن ان يبقيه في اعتقال اداري بعد الافراج عنه، بلا نجاح. فقد قام القانون الى جانب القاتل.

تحلية الحبة المُرة

استقر رأي اسرائيل ووافقت حماس على ان يطرد من الأسرى الـ 450، 203 من سكان الضفة وشرقي القدس الى قطاع غزة وان يطرد 40 الى الخارج وذلك بأمل كما قال رئيس الشباك ان يذوب اولئك الذين يدخلون القطاع في 20 ألفا من ناس عز الدين القسام ولا يشكلون خطرا. لكن الحقيقة ان اسرائيل ستحرر الى قطاع غزة قيادة حماس العسكرية في السجن. صحيح ان رموزا قومية مثل مروان البرغوثي أو احمد سعدات أو حسن سلامة سيبقون وراء القضبان، لكن مُحدثي عمليات ذوي خبرة سيصبحون أحرارا.

عارضت حماس طوال السنين طرد أسرى الى غزة بأعداد كبيرة كي لا يُعرض انجازها على انه ظاهرة طرد مذلة. ولتحلية حبة الطرد المرة وافقت اسرائيل هذه المرة على صيغة خلاقة فيها خمس مراحل: فهي ستوافق بعد السنة الاولى على ان تعيد من غزة الى الضفة 18 مطرودا، ثم 18 آخرين بعد 13 سنة، وبعد ذلك بثلاث دفعات بين كل واحدة وواحدة خمس سنين سيفرج عن مجموعات من 55 مطرودا كل مرة بحسب الاسماء التي تختارها اسرائيل.

ان معيار الدم على اليدين لم يعد ذا موضوع منذ زمن. فغسل الكلمات يتحدث اليوم عن مبلغ الخطر. وهذه في واقع الامر صيغ بناها الشباك ليثبت لمعاييره الذاتية ومعايير المستوى السياسي.

يشير احصاء الشباك الى ان 60 في المائة من المخربين المفرج عنهم يعودون الى نشاط ارهابي ويعتقل نحو ثمن منهم ويعودون الى السجن. تم هذه السنة التعرف على أكثر من 20 تنظيما فلسطينيا لاختطاف جندي أو مواطن اسرائيلي في مراحل استعداد مختلفة ويشمل ذلك تحذيرات ساخنة في هذه الايام حقا. ولا شك عند رئيس الشباك بأن تهديدات خالد مشعل بالعودة الى اختطاف جندي ستكون نافذة الفعل ما بقي أسرى امنيون في السجون في اسرائيل. وهو يعلم ايضا ان أكثر من نصف التحذيرات من اختطاف اسرائيلي تأتي من حماس في غزة أو بتوجيه منها. وهكذا فان النشطاء العسكريين الذين هم أكثر من 300 والذين سيعودون الى غزة، وفريق منهم قادة كبار مجربون في منظمة عمليات، قد يسهمون بنصيبهم، مع حافز كبير للافراج عن اخوتهم الذين بقوا في السجن.

تفرج اسرائيل في الحاصل العام في صفقة شاليط عن 279 من السجناء المؤبدين وعلى حسب الحساب عند الجيش الاسرائيلي، قتل هؤلاء الناس 599 اسرائيليا. أما اولئك الـ 1000 أو أكثر من محرري صفقة جبريل، الذين أصبحوا بعد ذلك العمود الفقري للانتفاضة، فقتلوا 178 اسرائيليا فقط.

يديعوت أحرونوت، 16/10/2011

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....