عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

فلسطين الأسيرة

فلسطين الأسيرة

غداً يبدأ العد العكسي لإطلاق سراح الدفعة الأولى من الأسرى الفلسطينيين.. خطوة فيها الكثير من الأحلام الوردية لشعب يعيش بأسره في السجن الأكبر.. أن ينتقل أكثر من ألف سجين من السجن الأصغر إلى الأكبر مسألة لا تخفى على شعب فلسطين الذي يتأمل المشهد بفرحة، لكن بتواضع، وبكبرياء من يملك الحق التاريخي في أرضه وثراه.

كل أرض فلسطين أسيرة للاحتلال الذي يعبث بها ساعة يشاء، وساعة يرضى أو لا يرضى.. هو حكم المتقاوي على شعب أقوى منه، يخافه، يحسب له ألف حساب، ويعمل جاهداً كي يظل سلاحه الأقوى خوفاً من مستقبل فلسطيني مباغت، وللفلسطينيين في ذلك طرق متعددة.

كل فلسطين أسيرة بإنسانها وصخورها وبياراتها وأشجار زيتونها وحتى بهوائها، بمقدساتها التي تتلوى على وقع الدنس الإسرائيلي لها. ألم يفكر الإسرائيلي وهو يمدد الجدار العازل على كل الأراضي بخوف من مستقبل مقيم، فأراد عزل الشعب عن الشعب والمدن عن المدن، والريف عن مثيله، بل أراد أن يعزل التاريخ الذي مازال مسدساً في رأسه يرافقه في صحوته ونومه وفي أحلامه.

كل فلسطين تعيش أسرها منذ نكبة العام 1948.. ظل السنوات التي مرت وقفزت فوق الستين جعلت من كل فلسطيني أسيراً في أرضه، وأسيراً لقضيته، وأسيراً لأحلام العودة التي لا يغيب عنها شمس ولا نهار ساطع. اعتقلت “إسرائيل” حتى الآن أكثر من خمسة وسبعين ألف أسير كما تقول الإحصاءات، لكن الحقيقة أنها تعتقل الملايين، سواء في الداخل حيث حلم الوطن المنتظر، ومن الشتات حيث العودة إلى الوطن المنتظر.

تفرح الأمهات ويفرح الآباء والأخوة والأخوات والأقارب، لكن التاريخ على حزنه.. هؤلاء جميعاً يعتقدون أن إطلاق سراح أبنائهم يمحي غصة الفراق والبعاد، لكنهم يعرفون أن الغصة الكبرى تكمن في سرقة الوطن، في تحول الفلسطيني إلى شاهد على أرض له لكن لصاً سرقها في عتمة فلسطينية وعربية ودولية وإنسانية.

غداً يتلون الفرح الشعبي بألف لون، وهو حق من حقوق شعب نسي الابتسامة، مثلما نسي الضحكة الصاعدة من القلب.. هو غير بني البشر جميعاً، أولئك الذين يعيشون في أوطانهم يمرغون وجوههم في ثراه، فيما الفلسطيني يعيش وطنه في قلبه. مع أنه أمام عينه سواء كان في الداخل أو بعيداً عند الحدود.

سنرى الكثير من القبلات والدموع والأهازيج، وسنرى شعباً عظيماً يداوي حزنه الكبير بأفراح متواضعة آنية بانتظار الفرح العظيم الذي من أجله كانت البندقية وكانت الثورة وكانت الانتفاضة وما قد يليها، مع أن البعض يعتبر أن إقدام “إسرائيل” على خطوة التبادل جاءت في وقت كادت فيه الانتفاضة الثالثة قد شارفت على الانبلاج.

صحيفة الوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات