أهالي أسرى غزة .. زينوا بيوتهم وتهللوا فرحًا لاستقبالهم (تقرير)

لا يكاد يخلو حيٌّ من أحياء قطاع غزة إلا ويوجد فيه بيت أسير فلسطيني لدى الاحتلال، محكومًا بالمؤبد أو مدى الحياة أو حتى بضع سنوات، يدفعون ضريبة المقاومة والصمود والدفاع عن أرض فلسطين منذ جثمت أقدام الاحتلال البغيض ثرى الأرض الطاهرة قبل أكثر من ستين عامًا.
اليوم، وبالتحديد مساء الثلاثاء الماضي (11- 10- 2011)، وفور تسريب خبر إتمام صفقة تبادل الأسرى مع الجندي الصهيوني الأسير في غزة جلعاد شاليط بعد خمس سنوات من الترقب والانتظار، ومن ثم تأكيد الخبر، غمرت أجواء الفرح والابتهاج شوارع وأحياء قطاع غزة، بل عمّت أرجاء فلسطين بأسرها، ليس لأجل انتصار المقاومة في انتزاع حق من حقوق الشعب المكلوم من أيدي قاتله وناهب خيراته، بل لأن جميع أبناء هذا الشعب سيذوقون كأسًا جديدًا مغايرًا لما قاسوه وعانوا منه طوال السنين الماضية.. إنه كأس الحرية والانتصار.
شعور جديد لأهالي الأسرى لا يمكن وصفه ولا يستطيع أحد التعبير عنه بلسان، فمن الذي يستطيع أن يصف شعور بنت في مطلع العشرينات من عمرها حين تلقيها نبأ خروج والدها من الأسر لتلتقي به لأول مرة في حياتها، وهي التي قضت سنيّ عمرها العشرين تتلقف صورًا له من هنا وهناك وتنتظر صورة جديدة تبيّن ملامح وجهه الذي غيبته عنها قضبان الاحتلال.
شـوق وتلّهف للقاء المُنتظر
أسماء الكرد، ابنة الأسير بسيم الكرد (من مشروع بيت لاهيا شمال القطاع) والمتهم بقتل صهاينة وهو معتقل قبل أن تُبصر هي النور منذ أكثر من عشرين عامًا، لم تستطع وصف شعورها حين تلقيها نبأ إتمام صفقة التبادل فهي لم تتعود أن تنطق كلمة “أبي” طوال حياتها ولم تجرب شعور الأبوة وحنان الوالد، تقول أسماء -مرتجفًا صوتها-: “منذ سماعي نبأ إتمام الصفقة وأنا أحاول استيعاب الخبر وتعويد لساني على النطق بكلمة (أبي) التي دُمتُ محرومة منها طوال السنين الماضية، فلم تنم عينيّ طوال الليالي الماضية إلا القليل وأنا أحلم بذلك اليوم الذي سأرتمي فيه بأحضان أبي وأنسى همومًا لازمتني منذ بدأت أعي ما يدور حولي”.
وتضيف أسماء: “قمنا بتزيين بيتنا، وتجديد أثاثه، وإعادة طلائه؛ استعدادًا لاستقبال والدي الحبيب، الذي لم تُعيه جدران السجن المقيتة وأصوات سجانيه، فكما نحنُّ في اشتياق دائم إليه هو أيضًا يحتاج منا كل ترحاب وحنان وألفة علّها تُنسيه بعضًا مما عاناه داخل أقبية السجان”.
إغماء من شدة الفرح
في بيت آخر من بيوت شمال القطاع، بيت الأسير جميل خميس طرخان (من بيت حانون) المحكوم مدى الحياة قضى منها عشرين عامًا وهو من الجبهة الشعبية، لم تستطع زوجة الأسير (أم أدهم) تحمّل خبر قرب الإفراج عن زوجها فقد أغمي عليها من شدة الفرح في يوم طال انتظاره عشرين عامًا، وبعد أن أفاقت قامت بإطلاق الزغاريد المدوية وأُحيلت أجواء المنزل إلى أفراح وأعراس، والأبناء في فرح شديد، فلم يجُل بخواطرهم يومًا إمكانية الإفراج عن والدهم المحكوم عليه مدى الحياة إلا بعد عملية أسر الجندي جلعاد شاليط، يقول نجل الأسير (مؤيد): “نعلم جيدًا أن الاحتلال الصهيوني لا يعلم إلا لغة القوة ولا يتعامل بغيرها، لذلك أعادت لنا عملية الوهم المتبدد الأمل مجددًا بإمكانية الإفراج عن والدي وعودته إلينا سالمًا، ونسأل الله أن يتمم الأمر على خير بالإفراج عن جميع الأسرى”.
تزيين البيوت والشـوارع والحارات
بيت الأسير محمد زقوت (من مخيم جباليا) المحكوم بالسجن المؤبد والمتهم بقتل اثنين من الصهاينة أحدهم برفسور وهو يتبع لتنظيم حركة فتح، تحوّل بيته إلى بيت زينة يكاد ينطق شعورًا بالفرح والسعادة التي تغمر جميع أبناء الحي القادمين مهنئين حتى قبل يوم الإفراج الفعلي.
أبناء الأسير عجزوا عن الكلام وعن وصف شعورهم، حيث يقول النجل الأكبر للأسير (رامي): “من شدة السعادة والابتهاج عجزنا عن فعل أي شيء ووقفنا صامتين لفترات طويلة غير مصدقين للحدث، فقد سئمنا من كثرة الوعود التي أطلقت من هنا وهناك وعلمنا أن التحرير لا يمكن أن يتم إلا بالقوة والمعاملة بالمثل”.
شكـرًا للمقــاومة.. وعهدًا للأسرى
يقول رامي: “قبل أكثر من عشر سنوات وخلال زيارة الرئيس الأميركي الأسبق بل كلينتون للأراضي الفلسطينية، كانت أختي ضمن عدد من أهالي الأسرى معتصمين مطالبة بالإفراج عن أبنائهم الأسرى، فسمع كلينتون منها قصة أبي وأسره ووعدها حينها بالعمل على الإفراج القريب عنه، فسعدنا كثيرًا كون الذي وعدنا هو رئيس أكبر بلد في العالم، إلا أنه تبين لنا في النهاية أنه مجرد فقاعات إعلامية لا أساس لها من الصحة، واليوم وبعد إتمام هذه الصفقة المشرفة لم يعد في وسعنا إلا تقديم كل الشكر والعرفان للمقاومة الفلسطينية الباسلة التي أثبتت أن الرهان عليها رابح بالتأكيد، وأنها إذا قالت فعلت وإذا وعدت أوفت”.
ويضيف نجل الأسير زقوت: “نبعث برسالة إلى الأسرى الأبطال الذين لم تشملهم الصفقة وذويهم الكرام، أننا نريد مزيدًا من الصبر والمصابرة فإن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب، طالما أن خلفنا مقاومة لا تنسى أسراها وشعب يحمي مقاومته ويفديها بأغلى ما يملك”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...

16 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...