الإثنين 12/مايو/2025

الساعات الأثقل

الساعات الأثقل

كم تمر الساعات ثقيلة على الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجون وزنازين الاحتلال، وكم هي أثقل ظلاً على أولئك المناضلين الذين شملتهم صفقة تبادل الأسرى، مع الجندي “الإسرائيلي” الأسير غلعاد شاليت.

فرح في كثير من منازل الفلسطينيين الباحثين عن لحظة تنهمر فيها الدموع لغير الحزن، وإعلان “حالة طوارئ” في منازل فلسطينية أطلقت العد العكسي لاستقبال أب أو زوج أو أم أو ابن أو ابنة، أو أو أو … إلخ. ممن غيّبهم الأسر قسرياً، وهم على وشك العودة إلى أحضان عائلاتهم، التي أدمنت لعبة عد الدقائق، والانتظار المقرون بالأمل والرجاء.

معاناة عائلات أسرى الحرب الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال لا تقل بحال عن معاناة ذويهم خلف القضبان، وصمود الآخرين وصبرهم وتحملهم مصدر قوة ودعم للأولين، وهذه الحالة المتكاملة من الصمود والصبر والتحمل والعمل، مشهد يومي مبني على قوة حضور الغائبين في وجدان الحاضرين.

ساعات وأيام وسنوات الأسر مرت وتمر طويلة على الآلاف من الأسرى المتهمين بحب وطنهم، ودفاعهم عن حقوقهم فيه، وكم هي أطول من ذلك على الذين ينتظرون بصبر ملّ من الصبر، الخروج إلى نور الحرية وفضائها الفسيح، للعودة إلى أحضان أحبائهم، وهي أطول أكثر على الصامدين الرازحين تحت نير أسر لا أخلاق لسجانيه، ولا ضمير لموظفيه، وإنما هو سلاح للموت البطيء بحق الفلسطينيين سواء كانوا في غيابته أو خارج قضبانه.

هي مئة ساعة أو تزيد قليلاً، في مسيرة مئات آلاف الساعات، حتى يبصر الأسرى المشمولون في الدفعة الأولى من صفقة التبادل النور، ويخرجوا إلى فضاء الحرية الفسيح، وهي أكثر بكثير على أضعاف هؤلاء المنتظرين يوماً ينتهي فيه الاحتلال الغاشم الجاثم على الصدور، لكن هذه الساعات المئة قد تكون أطول مما سبقها، وأشد وطأة، خصوصاً أنها تسبق تحقق الأمل والحلم الذي طالت عليه الليالي، وأثقله إرهاب السجان وظلمة الزنازين.

أسدل الستار أخيراً على مسيرة طويلة جداً من الأخذ والرد، وصفقة امتدت سنوات وشهدت تقدماً حيناً، وانتكاسات أحياناً، بسبب تعنت “إسرائيل” التي تأبى إلا أن تضع الشروط والمعايير، وتراهن على الوقت، وربما منّت النفس بكشف مكان جنديها الأسير من دون مثل هذه “الخسارة”، التي انبرى لها مجرمو الكيان، في سياق حملة تبرير كبرى على صعيد جمهورهم المتطرف، الرافض للوجود الفلسطيني، فتارة يقول أحدهم إن الثمن لاستعادة الجندي لا يشكل فارقاً، وإن قطاع غزة الذي يرون فيه “كياناً معادياً” لن يتغير إذا أفرج عن “مئتي إرهابي”، وتارة أخرى يخرج هؤلاء المعادون للتاريخ والأخلاق والإنسانية، ليلوحوا ويهددوا بإمكانية استهداف المناضلين الأسرى المحررين بالاغتيال، إضافة إلى ما لجأ إليه كيان الإرهاب المنظم من إبعاد الكثير من الأسرى المشمولين بالصفقة إلى خارج فلسطين المحتلة، في خطوة لتعميق جروح الفلسطينيين، والإيغال في ضرب آمالهم وأحلامهم وحقوقهم.

صفقة الأسرى الفلسطينيين تحمل الكثير من المعاني الإيجابية، وتبشّر بإمكانية إغلاق ملف الأسر نهائياً، واستعادة الرهائن الفلسطينيين لدى عصابة القرصنة والإرهاب “الإسرائيلية”، وهذا ما يحتاج بالضرورة إلى نضال تكاملي، تشارك فيه الفصائل الفلسطينية والسلطة والشعب والأسرى أنفسهم، من خلال وضع القضية على رأس الأولويات، أو بالأحرى إلغاء مصطلح الأولويات من أساسه، ووضع برنامج موحد تترابط فيه العناصر وتشكل ككل أولوية، لا يمكن تقدم عنصر منفرد منها، من دون إحراز تقدم مشابه على صعيد الأخرى.

القضية الفلسطينية ككل أولوية، وأي “صراع” للأولويات يفقد الفلسطينيين حقوقاً مشروعة، أو يعرقل استعادتها، وعلى الفلسطينيين الاتفاق والتوحد، ووضع خريطة تشير بوصلتها فقط إلى فلسطين وحقوق أبنائها فيها.

[email protected]

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....