الثلاثاء 13/مايو/2025

النائب أحمد الحاج علي.. نـصير الضعفاء بـحاجة للنصرة (تقرير)

النائب أحمد الحاج علي.. نـصير الضعفاء بـحاجة للنصرة  (تقرير)

طالعتنا حكايات السلف عن قصصٍ كثيرةٍ لأصحاب أيادي الخير قطعت الزاد عن نفسها لتضعه في فم محتاج، وأعطت حتى خجل العطاء من عطائها، ولكننا لم نعتد أن نرى نماذج هؤلاء الثلة الخيرة متمثله في شخوص هذا الزمن.

الشيخ الوقور الذي أضفت عليه المحن والمصائب مسحةً من الهيبة امتزجت بالرحمة، ليكون وبلا منازع نصير الضعفاء ومنبع خيرٍ للفقراء، وعنوان الكثيرين في العلم الشرعي والتجارب الاجتماعية، أي باب تطرقه لديه يُفتَح لتنهل من معينه كيف شئت وبالقدر الذي تشاء، إنـه النائب الشيخ أحمد الحاج علي.

الميلاد والنشأة

ولد الشيخ الحاج علي بتاريخ 5/10/1940 في بلدة قيسارية قضاء مدينة حيفا المحتلة، وهاجر مع عائلته عام 1948 إلى الضفة الغربية، وأصبح من سكان مخيم عين بيت الماء للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة نابلس.

تلقى تعليمه في مدراس مدينة نابلس وأصبح مدرسًا في إحدى مدارس جنين بعد حصوله على شهادة تفوق في الثانوية العامة، ثم انتقل للدراسة في دمشق حيث درس في البداية الهندسة، ومنها اختار التحول الى دراسة الشريعة الإسلامية.

حصل الشيخ على شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون من جامعة دمشق عام 1974، وعلى شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة النجاح في مدينة نابلس عام 1994.

من سجنٍ لآخر

روح الدعابة وسرعة البديهة لديه تترك في أذهان من عرفه وجالسه بصمة لا تمحى، يبدأ بالتعريف عن نفسه مبتسمًا بـ (جدكم في الله الشيخ أحمد الحاج) كناية عن كبر سنه “71 عامًا” التي وضعت الشيخ على رأس قائمة الأسرى الإداريين وجعلت منه جـدَّ الجميع.

تعددت مرات اعتقال الشيخ حتى لم تعد ذاكرة العائلة تتسع لها وفيما يلي تواريخ اعتقاله والإفراج عنه، حيث اعتقل في 22/12/1987 وأفرج عنه في 8/3/1988، و في 17/3/1988 وأفرج عنه في 5/4/1988، و في 10/4/1988 وأفرج عنه 30/6/1988، و في 23/10/1988 وأفرج عنه في 7/11/1988، و في 30/11/1988 وأفرج عنه في 4/6/1989، و في 15/12/1990 وأفرج عنه في 14/5/1991، و في 1/11/1992، وأبعد إلى جنوب لبنان بتاريخ 18/12/1992 وعاد في يوم 9/9/1993 وأطلق سراحه في 13/9/1993.

ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، فعاود اعتقاله  في 23/1/1995 وأفرج عنه في 29/6/1995، و في 25/9/2005 وأفرج عنه في 15/2/2006، و في 16/12/2007 وأفرج عنه في 23/4 /2009، وكانت آخر اعتقالاته في 7/6/2011 ولا يزال معتقلاً حتى اليوم.

نصير الفقراء

ما أن تلتقي أحدهم وخاصة سكان مخيم عين بيت الماء حتى تذهل لتلك المحبة التي تملأ قلوب معارفه وجيرانه وخاصة الضعفاء والفقراء منهم، فيلهجون بالدعاء من قلب محروق له بالفرج، كيف لا وهو ملاذهم بعد الله عند كل ضيق ومقصدهم في كل أمر، حتى إن عائلته باتت تعرف بأن دخل الشيخ في معظمه هبة لمن قصده واحتاجه، فيترك القليل القليل مما تبقى لأسرته لتعيش حياة كريمة بسيطة بكل ما للكلمة من معنى.

أهّلت هذه النفسية الشيخ ليحصد فوزًا ساحقًا في الانتخابات التشريعية عام 2006 حيث ترشح عن دائرة محافظة نابلس وحقق أعلى الأصوات.

جريمة الجرائم

في عالمٍ موازينه مقلوبةٌ، من الطبيعي أن ترى الشيخ المسنّ يكبل بالقيود ومن العادي جدًّا أن تكون التهمة أن هذه الأيدي ما امتدت يومًا إلا لمساعدة الناس الذين اختاروها راعيةً وممثلةً لهم.

هذه هي جريمته والتهمة التي جعلت منه هدفًا للاحتلال بالاعتقالات والإبعاد والملاحقة، كما قال متسائلاً هو بلسانه في آخر رسائله من داخل السجن: “ما هي جريمتي ولماذا أعاقب على لا شيء هل لأني رجل دين وأتعامل بالأخلاق الحميدة وهي زيارة المرضى ومساعدة الفقراء وما يترتب عليها من أمور اجتماعية ودينية”.

هذا الشيخ اليوم بعد أن كان نصير الجميع بحاجة لنصرة عزّت في هذا الزمان، حيث أن المرض أخذ مأخذه في جسده وأفقده القدرة على السمع بنسبة 70%، إضافة إلى العديد من الأمراض الأخرى.

وإن لم تحركنا هذه الأمراض فلتستـفق ضمائرنا على كلمات الشيخ الأخيرة والتي توصي بتحضير الكفن له وإرساله إليه في سجنه حيث قال: “أطلب من أهلي تحضير كفن لي لأنني أتوقع وفاتي بأي وقت، فنحن عائلة غير معمّرة، وأنا مسلم مؤمن بالقضاء والقدر وهذا حق على كل مسلم، الرجاء إدخاله لي لأكون جاهزًا، أريد كفني بأسرع وقت، أتوقع الموت هنا بالقريب والحمد لله على كل حال”.

هل سننتظر تلك اللحظة التي نسمع فيها هذا الخبر؟!
 
من حق النائب أحمد الحاج علي على شعبه الذي انتخبه عضوا بالمجلس التشريعي بأعلى الأصوات أن يرفع صوته عاليًا رفضًا لاعتقاله، وأن يضغط على السلطة ورئيسها – التي تسير خلف سراب أوهام التسوية –  لتقوم بدورها تجاه النواب المعتقلين بسجون الاحتلال، حتى لو كان ذلك بمحفل الأمم المتحدة المزعوم.. أوَ ليس تحرير الإنسان أولى من تحرير الأوطان؟!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات