الأحد 11/مايو/2025

قراءة صهيونية متشائمة للأوضاع في مصر وسيطرة الإسلاميين

قراءة صهيونية متشائمة للأوضاع في مصر وسيطرة الإسلاميين
اذا كان شخص ما لا يزال يبحث عن علامات لتحول استراتيجي في الشرق الاوسط فإنه لم يتلق في نهاية الاسبوع علامة بل اشارة ضوئية حمراء ضخمة أمامه، منذ يوم الجمعة أصبحت العلاقات الدبلوماسية بين اسرائيل ومصر تجري في واقع الامر برعاية الادارة الاميركية. فبعد ثلاثة عقود من العلاقات الدبلوماسية الكاملة الطبيعية بين الدولتين بقي في القاهرة ممثل قنصلي اسرائيلي واحد وحارسان. ولن يعود المفوض الاسرائيلي الى مبنى سفارة اسرائيل في القاهرة.

من جهة جهاز الامن الاسرائيلي أصبحت مصر – التي عُرفت طول السنين بأنها دولة صديقة ذات احتمال خطر منخفض ومع انذار طويل جدا قبل تحول استراتيجي – أصبحت بعد أحداث أمس (الاول) دولة ذات احتمال خطر عال ومجال انذار أخذ يقصر. فاذا فقد الجيش المصري قوته للتيارات المتطرفة للاخوان المسلمين والحركات السلفية فستتحول مصر بالنسبة لاسرائيل من خطر عال الى تهديد حقيقي.

لهذه التعريفات معنى من جهة الاستعداد الاسرائيلي. فالخطر المنخفض يعني استعدادا منخفضا يكاد يكون ملغى على الحدود المصرية. وخطرا أعلى يقتضي تقدير وضع من جديد وبناء قدرات تختلف عما يوجد لنا اليوم على الحدود، فاذا استمر التدهور وأصبحت مصر تهديدا فسيجب ان تُبنى على الحدود قوة عسكرية بقدر يكون ردا على الطاقة العسكرية المصرية، من الصحيح الى اليوم أننا في منتصف الطريق، فما نزال تحت تعريف خطر عال.

ذكرت الصور في القاهرة القدماء من الجانب الاسرائيلي بمغادرة السفارة الاسرائيلية في طهران في 1979 مع انهيار الشاه، وأكثر من ذلك بالسيطرة على السفارة الاميركية، لكن مع فرق واحد هو ان المشاغبين هناك أيدتهم ادارة الخميني أما هنا فتحاول القيادة المصرية الحفاظ على العلاقات مع اسرائيل. ولا شك أنه لولا قنوات المحادثة الشخصية الحميمة التي نشأت على مر السنين بين اشخاص اسرائيليين والقيادة الامنية المصرية وبين قادة اجهزة الاستخبارات في الجانبين لانتهى أمر الهجوم على السفارة نهاية مختلفة. فهذه القنوات المفتوحة هي شعاع النور الوحيد في هذه القضية المظلمة كلها.

في تلك الساعات التي هددت الغوغاء فيها بأن تنفذ في الحراس الاسرائيليين الذين حوصروا في طبقة السفارة في القاهرة عملية تنكيل، جرى سباق محادثات سريعة بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع من الجانب الاسرائيلي وبجانبهما رئيسي الموساد والشاباك، وبين الجنرال الطنطاوي رئيس المجلس العسكري الأعلى في مصر ووزير الاستخبارات معافي، والى جانبهما رئيس الاستخبارات العامة ورئيس الامن القومي.

والمصريون كعادتهم تحركوا ببطء ببساطة. ففي المرحلة الاولى حينما حاصر المشاغبون مبنى السفارة فقط وبدأوا ينقضون السور، لم يهبوا في المجلس العسكري الأعلى لاستعمال القوة، فلا يزال الجنرالات المصريون غير ناضجين لاختبار قوتهم في مواجهة ضباطهم الصغار الذين قد يستقر رأيهم على عدم تنفيذ الأوامر العسكرية. والى ذلك يعيش الجنرال الطنطاوي ابن السادسة والسبعين كسائر أفراد القيادة المصرية في ظل محاكمة مبارك. ولا يريد أحد منهم أن يُقاد لقفص المحكمة.

تابع الاسرائيليون الضغط خشية أن يؤدي اختراق السفارة بالجمهور الهستيري الى معلومات عن مكان سكن ووجود سائر الاسرائيليين في القاهرة كما حدث في طهران في 1979. آنذاك اتُخذ قرار اخراج جميع الاسرائيليين من القاهرة بمساعدة الجيش المصري. أرادوا في اسرائيل اجلاء جميع الممثلين الرسميين لاسرائيل في القاهرة. وأوضح المصريون بمشاورة مع الاميركيين – الذين كانوا في الصورة طوال الليلة كلها – أنهم مهتمون بأن يبقى في القاهرة ممثل دبلوماسي اسرائيلي واحد على الأقل.

تقف مصر على مفترق طرق. ويدرك المجلس العسكري الأعلى في مصر ايضا أن ليس أكبر خطر هو الانهيار الاقتصادي ولا المشكلات الامنية الداخلية في سيناء. إن أكبر تهديد هو انزلاق مصر الى الخط الاسلامي المتطرف. والسلطة هناك تقرأ الصورة لكنها مشلولة ضعيفة. تبدو مصر اليوم مثل ديناصور جريح يغرق في مستنقع ببطء ولا يملك القوة للنضال من اجل الخلاص منه.

مُد خط متصل مستقيم بين ما حدث يوم الجمعة في القاهرة وبين اختلال الامور في سيناء والمهانة الجارية خلال محاكمة مبارك في الوقت الذي يقذف فيه المحامون بعضهم بعضا بالنعال ويجري مؤيدو مبارك ومعارضوه معارك فيها قتلى وجرحى. والى جانب ذلك تجري في كل يوم في اماكن مختلفة في مصر تظاهرات واضرابات تشتمل على تعطيل الأعمال في قناة السويس. وكل ذلك تعبير عن انهيار السلطة المركزية في مصر. ان زعيمة العالم الاسلامي السني في خفوت.

يحافظ الاخوان المسلمون، على كرامة الجيش المصري ويبذلون جهدا للامتناع عن مجابهة مع العسكريين. فطريقتهم الوحيدة لتأجيج الجمهور هي إحداث تحرشات إزاء اجماع الشارع المصري الواسع على إبعاد الوجود الاسرائيلي عن مصر. فهذه هي خلفية الأحداث إزاء السفارة في الاسبوعين الاخيرين، حينما كان الفتيل المشتعل هو قتل رجال الشرطة المصريين على حدود اسرائيل. ولا شك في أن النموذج التركي لطرد السفير الاسرائيلي قد تم استيعابه هناك جيدا.

بدا أن الحلف التكتيكي بين الاخوان المسلمين والمجلس العسكري في مصر أخذ ينتقض. فلم يعد قادرا على الاستمرار في اظهار ضعف كهذا إزاء تلك الدول التي يفترض أن تصب نفقات ضخمة على اعادة اعمار مصر. وفي مقابل ذلك فإن الاخوان غير مستعدين لقبول نية المجلس العسكري تأجيل الانتخابات.

يديعوت أحرونوت، 14/9/2011

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات