عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

كسر عظم

كسر عظم

بعد أن رفضت “إسرائيل” الاعتذار رسمياً لتركيا عن اعتدائها على سفينة «مرمرة» خلال اتجاهها لفك الحصار عن قطاع غزة العام الماضي، وبعد أن ردت أنقرة على هذا الرفض بتخفيضها التمثيل الدبلوماسي مع الإسرائيليين إلى ما دون السكرتير الثاني، وتجميدها العديد من الاتفاقيات التجارية والعسكرية مع الدولة العبرية، ها هي “إسرائيل” تضع قدمها على بداية التصعيد الأخطر، وذلك عندما كشفت تقارير سرية أن الخارجية الإسرائيلية تجهز خططاً ودراسات ملتهبة تتضمن تدريب أكراد تركيا وتسليحهم لمساعدتهم على إقامة دولة خاصة بهم في الأراضي التركية.

وتكشف مثل هذه الخطط التي تأتي عقب إعلان رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أن سفناً حربية تركية سترافق أي أسطول حرية جديد إلى غزة، عن أن الردود الانتقامية هي الطريق الأرجح أن يسلكه الأتراك والإسرائيليون في المدى المنظور.

وهذا ما يدل أيضاً على أن الإجراءات الثأرية التبادلية تكاد تصل إلى كسر العظم في إطار مسعى تركي واضح هدفه تقليم أظافر “إسرائيل” التي تتصرف كدولة فوق القانون وتعتبر الاعتذار عن أخطائها مذلة وإهانة.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ إن أفيغدور ليبرمان يفكر أيضاً في أن تلجأ “إسرائيل” إلى الضغط على الوتر الأرمني من خلال اتهام تركيا بإبادة الشعب الأرمني في أواخر أيام الإمبراطورية العثمانية.

ومن الواضح أن معركة الإرادات بين تركيا و”إسرائيل” ستشمل استقطابات واصطفافات من بينها وقوف الولايات المتحدة إلى جانب الدولة العبرية، رغم أن مثل هذه الوقفات الأميركية هي التي دفعت إسرائيل إلى الاستقواء على العالم دون أن تجد من يعاقبها أو يجبرها على دفع ثمن مسلكها المتسم بالقرصنة والعدوانية.

أما أردوغان فيبدو أنه قرر في المرحلة الحالية ولوج الدرب الصعب مع “إسرائيل” التي يعتقد الكثيرون أنها لن تجرؤ على تسليح الأكراد وتشجيعهم على الاستقلال، لأن أنقرة ستضطر إلى اتخاذ خطوات أشد قد تصل إلى درجة العداء المستحكم بما في ذلك قطع العلاقات تماماً مع “إسرائيل” وتسليح حزب الله وحماس والدخول إلى الأعماق التي تؤلم الدولة العبرية.

أميركا من جانبها تضع يدها على قلبها ليس فقط لأن تركيا و”إسرائيل” حليفان لها، ولكن لأن أي تدهور في العلاقات سيسفر عن مصاعب أميركية فعلية خاصة إذا وصلت المعركة إلى حتمية الاختيار بين تركيا و”إسرائيل”.

وتدل تصرفات الإدارة الأميركية هذه الأيام على أن الولايات المتحدة سترفع السيف الإسرائيلي في المحافل الدولية والإقليمية، علماً بأن واشنطن هي التي أوصلت الدولة العبرية إلى هذا النوع من الصلف والاستكبار والتصرف كدولة عظمى.. ولكن غير أخلاقية في الوقت ذاته.

صحيفة الوطن القطرية 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات