عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

أسوأ أحلام إسرائيل.. أن يسقط «السلام» أيضاً

أسوأ أحلام إسرائيل.. أن يسقط «السلام» أيضاً

حين هتف «التونسيون» بعد سقوط بن علي «بتحرير فلسطين» لم يصدق الكثيرون بأن هذه الشعوب العربية التي خرجت لإسقاط أنظمتها السياسية تستطيع أن تخرج أيضاً لاستكمال استقلالها «الثاني» وإسقاط المعاهدات التي فرضت عليها وربما تحرير أراضيها المغتصبة.

تركيا التقطت «الرسالة» فقررت طرد السفير الإسرائيلي وتعليق الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية بين البلدين لكن تل أبيب –على ما يبدو- أخطأت في فهم الرسالة كما أخطأت قبل ذلك في فهم هذا الواقع العربي والإسلامي الذي بدأ يتشكل بعد أن استعادت الشعوب «قرارها» وانتصرت لكرامتها وانتبهت لحقوقها المنهوبة.

وبأسرع مما نتوقع وصلت أصداء الرسالة «التركية» إلى القاهرة فزحفت الجماهير نحو «السفارة» الإسرائيلية، وحدث ما حدث، لكن “إسرائيل” هذه المرة انتبهت إلى «المشهد» باعتباره أكبر «تسونامي سياسي يضرب تل أبيب» كما قال كبير المحللين في صحيفة «معاريف» إذ تحققت أسوأ أحلام “إسرائيل” بشأن الربيع العربي وبدت معاهدة السلام مع مصر عملياً على وشك الانهيار.

لم تتحدث “إسرائيل” هذه المرة عن «الكرامة» كما فعلت سابقاً حين رفضت الاعتذار للأتراك وللمصريين أيضاً، وإنما تحدث «نتنياهو» عن السلام مع مصر وأهمية التمسك به وعن العمل مع الحكومة المصرية لإعادة السفير إلى القاهرة.. وهذه –بالطبع- لغة مفهومة في سياق «المصالح» الإسرائيلية التي أصبحت مهددة بفعل هذه الصحوات العربية الإسلامية التي فاجأت الجميع لكنها –أيضاً- تكشف حجم «المأزق» الذي تواجهه تل أبيب في ظل «تغيرات» إقليمية ستقلب –بالتأكيد- موازين السياسة وخاصة فيما يتعلق بملف القضية الفلسطينية وعلاقة “إسرائيل” بجوارها العربي والإسلامي.

لا اعتقد أن رسالتي طرد السفير من أنقرة واجتياح السفارة في القاهرة كانتا مجرد «صدمة» لتل أبيب فقط، فكثيرون في عالمنا العربي والإسلامي «دعك من أمريكا والغرب عموماً» ستزعجهم بالتأكيد هذه «المفاجأة» كما أن كثيرين سوف يستلهمون ما حدث، وبوسعنا أن نفتح أعيننا على هذه الحقائق الجديدة لكي نتعامل معها ونستفيد من دروسها وأهمها أننا أمام لحظة تاريخية تبدو فيها “إسرائيل” في «أضعف» حالاتها، وأمام استحقاقات تاريخية أيضاً تحتاج إلى قرارات تتناسب مع تطلعات الشعوب التي تريد أن تباشر عصر «استقلالها» من جديد وأمام مرحلة لم تسقط فيها الأنظمة السياسية فقط وإنما سقطت فيها «أفكار» عديدة منها فكرة «الفصل بين الكرامة والمصلحة» وفكرة «تجنب الصدام مع إسرائيل» وفكرة «الانحياز لحكمة النخب ضد جرأة الشعوب»…… هذه الأفكار وغيرها سقطت في تركيا حين انتصرت الديمقراطية على حكم العسكر وسقطت في مصر حين استعاد الشعب شرعية قراره بالثورة.. ولا يجوز أن نتوقع بان شعوبنا الأخرى في معزل عن هذا المشهد أو أن «حكوماتنا» محصنة ضد هذه العدوى «الشعبية» التي تخترق الحدود بلا استئذان.

لا شك بأن الربيع العربي سيفاجئنا «بأحلام» لم نتوقعها وسيفاجئ غيرنا «بكوابيس» لم تخطر على بالهم لكن المهم أن تظل عيوننا مفتوحة على المشهد لكي لا نتردد في دفع استحقاقاته فتترك حينئذ لشعوبنا أن تأخذ حقوقها بيدها وهو ما سيحدث في يوم ما.. قولوا: إن شاء الله..

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات