عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

تركيا وإغاثة المحتاج

تركيا وإغاثة المحتاج

بعد انتظار دام سنة وأربعة أشهر للاعتذار “الإسرائيلي” عن استهداف أسطول الحرية وقتل تسعة من الناشطين الأتراك على متنه، انتقلت أنقرة من التهديد والوعيد إلى مرحلة الفعل. مرحلة من خمس خطوات أعلنها وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، تبدأ بطرد السفير “الإسرائيلي”. خطوة أولى من سلسلة إجراءات عقابية، غير أنها كفيلة برفع مؤشرات الشعبية التركية في الشارع العربي إلى مستويات قياسية، وبالتالي فتح الباب أمام دور أكبر لأنقرة في تحديد سياسة المنطقة.

مثل هذا الكلام ليس مجرد تحليل، بل هو واقع أعلن عنه الرئيس التركي عبدالله غول في تعليقه على تقرير بالمر الخاص بأسطول الحرية. فبعد الإدانة للتقرير وما جاء فيه من شرعنة للحصار على قطاع غزة، شدّد غول على أن تركيا “التي هي أكثر دولة نفوذاً في المنطقة، لن تحافظ على حقوق مواطنيها فحسب، بل على حقوق الشعوب التي هي بحاجة إليها، وعلى المجتمع الدولي أن يكون مدركاً لذلك”.

عبارات قليلة، غير أنها واضحة وكاشفة لما تريده تركيا لنفسها، وما ترسمه لدورها بوصفها الدولة “الأكثر نفوذاً في المنطقة”. معطى بات لا بد أن يدخل في حسابات جميع الأطراف في المنطقة، فتركيا قبل سنوات هي غيرها تركيا اليوم. من الواضح أن فكرة “الدولة العظمى” تسيطر على الساسة الأتراك، وخصوصاً في ظل تمدد النفوذ الذي جرى في عهد حكم حزب العدالة والتنمية، الذي تمكّن من إعادة إنتاج صورة الإمبراطورية العثمانية، لكن بشكل أكثر حداثوية. فهذه الدولة العلمانية والإسلامية في آن ترى في نفسها نموذجاً يحتذى في المنطقة، وخصوصاً في عهد الثورات العربية التي من المفترض أن تنتج أشكالاً جديدة للأنظمة العربية، وهو ما لعبت تركيا، ولا تزال، دوراً أساسياً فيه.

الرسالة العقابية التركية إلى “إسرائيل”، هي في آن رسالة إلى المجتمع الدولي، هذا ما أوضحه عبدالله غول، وهي رسالة أيضاً إلى الأنظمة في المنطقة. فتركيا ستواصل لعب الدور الراعي ل “الشعوب المحتاجة”، وخصوصاً في المنطقة العربية، وهي باتت لديها “شرعية المواجهة مع “إسرائيل””، بالتالي فإن النقطة السوداء، التي كانت متمثلة في العلاقة بين تركيا والدولة الصهيونية، لم تعد تقف حجر عثرة بين أنقرة وطموح “الدولة العظمى” في الشرق الأوسط، أو الدولة صاحبة “النفوذ الأكبر”، التي يجب ان تسعى جميع الدول الراغبة في تأمين مصالحها في المنطقة إلى المرور عبرها.

هذا ما حدث في ليبيا، حيث لم تحرز الحملة الأطلسية هناك حيزها من دون الالتحاق التركي بالركب الدولي والعربي. وهذا ما قد يحدث في سوريا، فلا عقوبات ولا أي إجراء سيكون مجدياً من دون الاضطلاع التركي المباشر، وهو ما تقوم به أنقرة، وستقوم به بشكل أوسع لاحقاً، بعد خطوة طرد السفير والتحرر من عقدة العلاقة مع “إسرائيل”.

تركيا دولة عظمى، الأمر لم يعد مجرد وهم أو حلم ساسة أنقرة، بل بدأ يتحول إلى واقع، سياسياً واقتصادياً، لا بد من التأقلم معه.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...