عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

المأزق.. أين المخرج؟

المأزق.. أين المخرج؟

أوراق الرزنامة تتساقط، والأيام الباقية على ما يسميه البعض “استحقاق أيلول” تتناقص، والموعد يقترب والرئيس محمود عباس يحس بحرارته أكثر فأكثر، بينما تنهال عليه “التهديدات بالعقوبات” من “أصدقائه” المقربين، إن ظل مصرّاً على “خطوته الأحادية” والذهاب إلى الأمم المتحدة للحصول على اعترافها بدولة فلسطينية.

اقتراب موعد “استحقاق أيلول” دون أن تظهر بارقة أمل بوجود مخرج للهرب، أو تأمين سلم للنزول عن الشجرة التي تسلقها معتمداً على الرئيس أوباما، منذ تمسك بمطلب وقف الاستيطان، هذا الوضع الذي وجد عباس نفسه فيه تركه في مأزق لا يبدو أنه أبقى لنفسه فرصة للإفلات منه، ما جعله في آخر أقواله التي وردت في كلمة ألقاها في ملتقى الخطباء وأئمة المساجد في رام الله يوم السبت 27/8/2011، يبدو كمن يقدم آخر “عرض حال”، وهو تلخيص ل”رؤيته” لحل الصراع التاريخي بين الشعب الفلسطيني (والأمة العربية) من جهة، وبين الحركة الصهيونية وحلفائها من جهة أخرى.

هذه “الرؤية” كانت معروفة للجميع منذ التوقيع على “اتفاق أوسلو”، تحدث عنها صاحبها سنوات طويلة ومارسها على الأرض أيضاً سنوات طويلة، لكنه في كلماته هذه المرة ربما كان أكثر صراحة ووضوحاً، وأقل مناورة ودبلوماسية. وبالنسبة إلى رجل ذي استراتيجية وحيدة هي “استراتيجية المفاوضات ثم المفاوضات”، ولا يطالب بأكثر من “دولة في حدود 67 مع التعديلات”، بدت كلماته “أكثر حزماً وتحدّياً” من أي وقت مضى، حتى بدت مثل كلمة “انتحاري” قرر أن يطلق آخر طلقة في مسدسه، خصوصاً أنها جاءت في وقت كان فيه “كبير المفاوضين” صائب عريقات يتحدث لصحيفة “معاريف” ملمّحاً وملوّحاً بحل السلطة إن تم إفشال المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة.

في كلمته في ملتقى الخطباء وأئمة المساجد في رام الله، جدد الرئيس محمود عباس استعداده للعودة إلى المفاوضات، وحدد متطلبات هذه العودة، وهي: تأكيد الشرعية الدولية، وحدود 1967 في مرجعيتها، ووقف الاستيطان. توقف في كلمته أمام الدوافع والأسباب التي دفعته وأجبرته على الذهاب إلى الأمم المتحدة، فقال: دُفِعْنا للتوجه إلى الأمم المتحدة “بعد أن وصلنا إلى طريق مسدود في المفاوضات الثنائية التي حوّلها الجانب “الإسرائيلي” إلى مفاوضات عبثية جعلتنا نراوح مكاننا سياسياً، فيما تزداد وتيرة تهويد القدس والاستيطان بشكل غير مسبوق”. وأضاف: “نحن مستعدون أن نستمع لأي اقتراح مقبول يتيح لنا الفرصة من أجل أن نصل إلى حقنا ولا نذهب إلى أي مكان. أما القول إن المفاوضات مقفلة ويجب ألا تذهبوا إلى الأمم المتحدة… فهذا كلام لا يمكن أن نقبل به أو نتحمله أكثر مما تحملنا”.

واضح أن الرئيس كان يوجه كلامه إلى الأمريكيين، وليؤكد على حسن نواياه قال: “التوجه إلى مجلس الأمن لا يهدف إلى عزل “إسرائيل”، ولا إلى مواجهة الولايات المتحدة، إنما يهدف إلى تحقيق حلمنا بالحصول على الاعتراف الرسمي بدولتنا الفلسطينية كاملة السيادة على الأراضي المحتلة عام 1967، والتي تمثل 22% فقط من مجمل مساحة فلسطين التاريخية”، ثم شارحاً موقفه الحالي: “نحن مستعدون لقبول شيء معقول من اللجنة الرباعية، لكن لا تقدموا لنا الدولة اليهودية… لن نقبل بها، ولا يمكن أن نقبل بها… ولا تقولوا إن الكتل الاستيطانية أمر واقع أو إن حل مشكلة اللاجئين يتم في الدولة الفلسطينية. لن نقبل هذا الكلام”.

مأزق عباس نابع من “استراتيجيته”، استراتيجية المفاوضات ولا شيء غير المفاوضات، حتى هذه اللحظة. فهو بعد كل شيء يؤكد أن الذهاب إلى الأمم المتحدة ليس بديلاً من المفاوضات بل يمكن أن يكون ممهداً، وبالتأكيد مكملاً لها. لا أحد يأخذ على الرئيس تمسكه بالمفاوضات لو كانت شروطها متوافرة بحيث لا يفاوض “الإسرائيليون” أنفسهم، كما وصف الحال مرة شمعون بيريز، لكن أنصار أوسلو حرقوا كل الأوراق التي يمكن أن تسهم في توفير تلك الشروط، فخلقوا المأزق الذي يعانيه عباس.

معروف لمن يعرف ألفباء السياسة أن المفاوضات، أية مفاوضات، يقررها ميزان القوى بين المتفاوضين، والذين وقّعوا على “اتفاق أوسلو” وقبلوا المفاوضات كطريق وطريقة وحيدتين للوصول إلى ما يطالبون به، قرّروا أن يكون الميزان ويبقى لمصلحة خصومهم، فتحولت المفاوضات إلى إملاءات، أو كما يقول عباس إلى “مفاوضات عبثية”.

ومعروف، أخيراً، أن الشعب الخاضع للاحتلال لا يمكن أن يسقط كل أشكال المقاومة، والمسلحة أولها، من حسابه وجدول أعماله إن كان جاداً في سعيه إلى مفاوضات جادة، وهو ما فعله عباس بحيث وضعه في المأزق الذي هو فيه اليوم.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...