سقف الحراك اليهودي

العشرون أو الثلاثون أو حتى الخمسون ألفاً من اليهود الذين خرجوا إلى الشوارع والساحات تعبيراً عن احتجاجهم على حكومة نتنياهو تحولوا على الفور إلى مشهد جاذب للمحللين وراصدي الحراك في مجمل الدول الشرق أوسطية، فالإعصار تخطى بقوته حدود الوطن العربي، وثمة من قال غداة الإطاحة بالرئيس التونسي بن علي أن عدوى الياسمين بلغت الصين.
والقراءات الأكثر رواجاً لما حدث في شوارع تل أبيب والمدن الأخرى هي تلك التي ترى أن التحرك من أجل الإصلاحات والإطاحات أصبح عابراً للحدود، لكن ما يجب التذكير به هو سقف هذه التحركات فهو يتفاوت ارتفاعاً وانخفاضاً بين بلد وآخر، وبينما رفعت شعارات تطالب بإسقاط النظم في بعض الأقطار بقيت أقطار أخرى أكثر تواضعاً وأقل راديكالية في شعاراتها، بحيث لم تتجاوز المطالبات الشعبية الإصلاح والحد من الفساد ومحاكمة المتورطين فيه.
وإذا كان فحص الشعارات أو عينات منها في أي بلد هو النهج الأمثل لاستقراء الهواجس الشعبية وترتيب الأولويات، فإن ما حدث وقد تتصاعد وتيرته في الدولة العبرية لا يزال محدود السقف ولا نتوقع من حراك كهذا أن يطالب بإسقاط الاحتلال والاستيطان أو يرفع شعارات تطالب بإسقاط المشروع الصهيوني.. ليس لأن ذلك من المستحيلات، فنحن نعيش زمناً كل شيء فيه أصبح قابلاً للانقلاب وإعادة النظر، لكن الوقت جد مبكر في تل أبيب، لأن العزف الصهيوني على الفوبيا الأمنية لا يزال في ذروته والعمل على خلق وتكريس قواسم مشتركة بين الحكومة والقوى السياسية لم يتوقف، وما نخشاه هو أن يتكرر التعويل العربي المتفائل، الذي راهن ذات يوم على تفكيك الدولة العبرية من داخلها بسبب التفرقة العنصرية بين يهود الشرق أو السفرديم ويهود الغرب “الاشكيناز” فقد قرأنا قبل عدة عقود الكثير من المقالات التي يراهن أصحابها على التذرر داخل النسيج اليهودي، وليس معنى ذلك أن الصهيونية حصلت على بوليصة تأمين تاريخية وذات صلاحية أبدية ضد التحلل والتفكيك، لكن الوقت هنا يلعب دوراً علينا أن لا نستخف به. فمن يطالبون بتحسين ظروفهم المعيشية ويهتفون ضد الغلاء واستشراء الفساد لم يصلوا بعد إلى ما هو أعلى سقفاً، بحيث يتناقضون جذريا مع الأطروحة الصهيونية.
وليس عصرنا فقط هو الذي عبرت فيه عواصف التغيير الحدود واللغات والثقافات، ففي أزمنة عديدة كان لحركات انقلابية فاعلة دور في تحفيز الآخرين على استخدام إراداتهم ويمتاز عصرنا عن بقية العصور بالاتصال وسرعة التواصل، بحيث سرعان ما يتحول حدث ما إلى مزاج شبه عام.
الدولة العبرية ليست محصنة ضد المطالبة بالتغيير وإسقاط الحكومات، لكن التعويل السريع على دور الحراك اليهودي بحيث ينوب عن العرب في إسقاط المشروع الاستيطاني هو مجرد تكرار لخطأ قديم.. واستغرب كيف ننسى أو نتناسى أن تحسين شروط حياتهم يتناسب طردياً مع حصار الفلسطينيين وشقائهم.
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...

حماس: إعدام السلطة لمسن فلسطيني انحدار خطير وتماه مع الاحتلال
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الجريمة التي ارتكبتها أجهزة أمن السلطة في مدينة جنين، والتي أسفرت عن استشهاد...

تعزيزًا للاستيطان.. قانون إسرائيلي يتيح شراء أراضٍ بالضفة
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام تناقش سلطات الاحتلال الإسرائيلي في "الكنيست"، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون يهدف إلى السماح للمستوطنين بشراء...

أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من تحوّل قطاع غزة إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن يحاول تقديم المساعدة لهم. وقالت المنظمة في...