الثلاثاء 13/مايو/2025

المصالحة ليست حكومة

المصالحة ليست حكومة

بعد أشهر من المماطلة والمماحكة، استفاق المسؤولون الفلسطينيون في حركتي “حماس” و”فتح” على واقع أن المصالحة الفلسطينية من غير المفترض أن تقف عند تقاطع الحكومة ورئيسها، وبالتالي فكرة المحاصصة التي دخل بها الطرفان أساساً في مفاوضات إنهاء الانقسام.

استفاق المسؤولون الفلسطينيون على واقع أن المصالحة مرتبطة بالشعب الفلسطيني، الذي بات مشرذماً بين قطاع غزة والضفة الغربية، وبين حكومتي إسماعيل هنية وسلام فياض، وأن المصالحة ليست لتوزير فلان ولا ترقية فلان، ولا هي لإرضاء هذه الدولة أو تلك. وعوا، ولو قليلاً، أن الشعب الواقع تحت الاحتلال منذ أكثر من ستين عاماً، يحق له أن تزاح عن كاهله الخلافات الفصائلية والانقسامات الفئوية أو الإيديولوجية، وأن يلتفت لمهمته الأساس، وهي كيف يخرج من تحت نير الظلم الطويل.

 “فتح” و”حماس” أخيراً قررتا رمي ملف رئاسة الحكومة جانباً والدخول في الملفات الأخرى الخاصة بالمصالحة، والتي ركنت على رفّ الخلاف على اسم الشخصية المؤهلة لتولي رئاسة حكومة الوحدة، حتى كدنا نقتنع بأن لا اتفاق إنهاء انقسام تم ولا حفل توقيع حصل في القاهرة قبل أشهر. فالأمور في الأشهر الماضية كانت تنبئ بأن لا شيء تغيّر على الإطلاق، وأن حال التجاذب لا تزال على حالها، فجاء اجتماع القاهرة الأخير ليذكرنا بأن الحركتين قد توصّلتا بالفعل قبل فترة غير قليلة إلى اتفاق من المفترض أن يكون كفيلاً بطي صفحة الاقتتال.

مع تناسي الخلاف على منصب رئاسة الحكومة، والذي يهم “فتح” و”حماس” لا غير، إذ إن كلاً من الطرفين يسعى إلى تسجيل نقاط على الآخر، جاء الدور على الشعب ليتذوق ولو القليل الممكن أن يُتاح من الاتفاق بين الحركتين جاء دور إنهاء ملف المعتقلين السياسيين الذي تعاني منه الكثير من العائلات في الضفة الغربية وقطاع غزة. جاء الدور على ملف جوازات السفر، الذي جعل من سكان قطاع غزة خلال السنوات الماضية “خارج القيد”، وكأنهم كائنات فضائية لا مرجعية أرضية رسمية معترفاً بها لهم.

خطوتان لا شك بالاتجاه الصحيح، لا بد أن تتبعهما خطوات أخرى. فأهم من المصالحة الفصائلية، هناك المصالحة الشعبية التي يجدر الالتفات لها، وإلا فإن كل الصور واللقاءات والابتسامات الموزعة في ردهات الفنادق الفخمة، لا يمكن أن تصرف على الأرض. مصالحة الفلسطيني مع ذاته الأخرى أهم من جمع محمود عباس وخالد مشعل في صورة واحدة. هذه هي المصالحة الحقيقية، أما عن رئاسة الحكومة فبإمكانها الانتظار.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات