الإثنين 12/مايو/2025

تقدير صهيوني حول أثر الأزمة مع تركيا على التغيّرات الحاصلة في المنطقة

تقدير صهيوني حول أثر الأزمة مع تركيا على التغيّرات الحاصلة في المنطقة
ذكر رئيس معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة “تل أبيب” البروفيسور، عوديد عيران، جملة من العوامل والمعطيات التي قد تساهم بصورة أو بأخرى إلى تحسن في العلاقات الصهيونية التركية، ومنها:

1. الضغط على الجانبين من قبل الولايات المتحدة، فعلاقات “إسرائيل” بتركيا ليست ثنائية فقط، لكنها منذ سنوات كثيرة تشكل جزء من مثلث، تشكل الولايات المتحدة ضلعاً فيه، وجاء “الربيع العربي” ليحدد أهمية تركيا كحليفة إقليمية للولايات المتحدة، وهذا الأمر ناجم من حقيقة أن حلفاء الولايات المتحدة الآخرون في الشرق الأوسط ضعفوا بشكل كبير و/أو خضعوا لعمليات تغيير حولتهم على الأقل ليكونوا دولاً موثوقة من ناحيتها. في هذا الخصوص، فإنّ تدهور العلاقات بين “إسرائيل” وتركيا، الذي سبق “الربيع العربي” اعتبر من قبل الولايات المتحدة “تطوراً سلبياً”، ويعتبر اليوم محل إشكال كبير، حيث تقوم الولايات المتحدة بممارسة ضغوط كبيرة على الجانبين لتحسين العلاقات بينهما، ومقارنة مع كل المشاكل الصعبة الأخرى القائمة في الشرق الأوسط، فإن العلاقات السيئة بين الدولتين بالنسبة للولايات المتحدة هي بمثابة “خلل مؤقت” يجب معالجته قبل أن يؤدي إلى نتائج سلبية أخرى.

2. الحاجة إلى علاقات عمل صحيحة بين “إسرائيل” وتركيا على ضوء المتغيرات التي حدثت في الشرق الأوسط، وعدم الاستقرار الناجم عن “الربيع العربي”، وبشكل خاص في سوريا، وهنا يرى “عيران” أنه لا يجب أن يُدرج على جدول الأعمال تجديد العلاقات الأمنية بالمستوى الذي قام في التسعينيات، حتى ولو تعاون على المستوى الأساسي، على سبيل المثال، لكنه في حال عدم الاستقرار في سوريا سيتفاقم أكثر.

مصالح صهيونية حيوية

وأضاف: “إسرائيل”، مثلما عبّر وزير الحرب “إيهود باراك”، مؤخراً، لا يمكن أن تسمح لنفسها بأن لا يكون لديها علاقة مع دولة واحدة على الأقل من الدول الأساسية في المنطقة: مصر،إيران، السعودية وتركيا، وفي ضوء أن التغيرات في مصر تشير إلى شكوك حيال مستقبل الدولة، والمواجهة العلنية معإيران، وحقيقة عدم وجود اتصالات مع السعودية، يملي تحسين العلاقات مع تركيا بشكل معين.

3. حماية الجنود المشاركين في السيطرة على سفينة “مرمرة” من دعاوى قضائية: لأنّ الخشية أن يستطيع تقرير “بالمير” الأممي، عندما يتم نشره تشكيل قاعدة لدعاوى ضد جنود الجيش الإسرائيلي، ومحاولة التوصل إلى موافقة تركية بعدم تقديم الدعاوى التي تشكل عنصراً إضافياً يساهم في استعداد “إسرائيل” لاعتذار محدود، رغم أن المؤسسة القضائية في تل أبيب مقتنعة بعدم ترتب “ذيول” قضائية بعد تقديم الاعتذار.

4. العلاقات التجارية بين الدولتين: فالعلاقات الاقتصادية تنجح بالتطور والتوسع إلى جانب التوتر السياسي، وفي ضوء كون تركيا و”إسرائيل” لديهما اقتصاد كامل بمعان كثيرة، فإن حكومة العدالة والتنمية تؤكد كثيراً على استخدام وسائل لسياسة خارجية لدفع الاقتصاد التركي قدماً، وإضافة لذلك، فإن كان التوتر بين الدولتين سيتفاقم، فإن رجال أعمال كثر من الطرفين من شأنهم الخوف من التعاون.

العلاقات الأمنية

ويصل “عيران” بتقييمه للموقف إلى خلاصة داخلية تركية مفادها أن استقالة رؤساء الجيش هي دلالة لعملية تحدث منذ عدة سنوات أساسها ضعفه كلاعب سياسي على الساحة الداخلية، وهو وضع لا يوحي بالراحة من ناحية “إسرائيل”، لأنه في الماضي حثّ التعاون الوطيد معها، كما يجب الاعتراف بأن هذا وضع لا رجعة فيه في المستقبل القريب، وأن قضم القوة السياسية للجيش التركي تقابل بتأييد واسع وسط الشعب التركي، فضلاً عن وجود اتفاق جارف في تركيا يطالب “إسرائيل” بتقديم اعتذار على أحداث القافلة.

ويضيف: هذا الاعتذار المحدود، لن يعيد العلاقات الصهيونية التركية إلى الوضع الذي كانت عليه في سنوات التسعينيات، ولكن هناك أسباب مهمة تدفع “إسرائيل” للإعراب عن استعداد لاعتذار كهذا، مرتبطة بتغيرات إستراتيجية بتشكيل محتمل لميزان استراتيجي جديد في المنطقة.

لأن استقالة قادة المؤسسة العسكرية هو “الختم النهائي” في تحييد الجيش كلاعب سياسي كبير، وتقع في صلب ثورة صامتة تمر بها تركيا منذ فوز حزب العدالة والتنمية في السلطة للمرة الأولى أواخر عام 2002، حيث نجح في تقويض موقع الجيش “حامي” العلمانية، وإلحاق الضرر بنواح أخرى من ميراث “أتاتورك”.

ويرى “عيران” أن عملية تحييد القوة السياسية الداخلية للجيش تكتسب أهمية قبل كل شيء فيما يحدث داخل تركيا، كما لديها دلائل فيما يخص السياسة الخارجية والأمنية، وبشكل خاص العلاقات مع “إسرائيل”، لأن التغيرات الدرامية في تشكيلة قيادة الجيش التركي تؤدي لتكثيف الآمال، من إمكانية إعادة إحياء العلاقات الأمنية بينهما.

مع العلم أن نجاح رئيس الحكومة، “أردوغان” في تقويض موقع الجيش، سيجعله يبذل جهوداً للمحافظة على هذا الإنجاز، ومنع الجيش من النمو مجدداً كلاعب ذو تأثير سياسي على الساحة الداخلية.

موقع معهد أبحاث الأمن القومي، 8/8/2011

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات