الإثنين 12/مايو/2025

قراءة صهيونية في مستقبل العلاقات مع تركيا بعد الانتخابات البرلمانية

قراءة صهيونية في مستقبل العلاقات مع تركيا بعد الانتخابات البرلمانية
قالت المحافل الصهيونية أنه إلى منتصف سنة 2010، بلغت العلاقات بين الكيان وتركيا “حضيضاً” لم يسبق له مثيل، بعد حادثة سفينة مرمرة أواخر شهر مايو/ أيار، ومع ذلك ينبغي فحص العلاقات بينهما، لا في السياق المتبادل فقط، لأن التدهور السريع يشير إلى تغير أعمق في تصور تركيا العام، فالجذور العقائدية لحزب العدالة والتنمية، وخيبة الأمل المتراكمة من عدم تقدم التفاوض في دخول الاتحاد الأوروبي، بعثت تركيا على إحداث تغيير في سياستها الخارجية نحو تعزيز العلاقات بجاراتها القريبات.

وجرى تثبيت تغيير توجه تركيا في إطار نظري في كتاب وزير خارجيتها “أحمد داود اوغلو” المعنون بـ”عمق استراتيجي”، وفي مقالته “صفر مشكلات في سياسة تركيا الخارجية”، حيث يتحلل من العنصر العثماني في أساس هذا التوجه، لكن الماضي العثماني، إلى جانب اللغة والديانة المشتركتين بين مناطق واسعة حول تركيا، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، عناصر مهمة في هذا التوجه، زيادة على ذلك، تكمن في التغيير بذور احتكاك مع “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في المستقبل.

سوريا وإيران

وأشارت الأوساط إلى أنه مع انطلاق الانتخابات البرلمانية التركية، يمثَّل التغيير البارز بأفضل صورة بعلاقات تركيا المحسنة باثنتين من جاراتها القريبات هما إيران وسوريا، إلى ما قبل اندلاع الثورة السورية، من خلال:

– دُفعت إلى الهامش النزاعات السالفة على لواء الإسكندرونة، والحقوق في المياه، وتأييد سورية لحزب العمال الكردستاني

– قوّت الدولتان علاقاتهما التجارية، ونفذتا تدريبات عسكرية مشتركة.

– أجرى رئيسا الدولتين زيارات رسمية متبادلة.

ومن جهة إيران، تتصل المرحلة الجديدة من العلاقات بين تركيا وإيران صلة مباشرة بالصراع السوري الإسرائيلي، فقد كان الحوار المحسّن بينهما مصدر قلق عند حلف الأطلسي و”إسرائيل”، وتركيا منذ سنين، حتى قبل سيطرة حزب “العدالة والتنمية”، تتعامى عن بعثات السلاح من إيران إلى “حزب الله” التي تتم باستعمال المجال الجوي لتركيا وسورية، كما كان برنامج إيران الذري العسكري سببا آخر للتوتر الصهيوني التركي، حيث صوتت تركيا في مجلس الأمن معارضة للقرار 1929 الداعي لزيادة العقوبات عليها.

وأكدت أن “اردوغان” هو السياسي التركي المتقدم في انتقاد “إسرائيل”، ولم يمر أسبوع دون تصريح انتقادي منه يندد بها، لأن جذوره العقائدية مغروسة عميقا في الإسلام، وفي مطلع حياته السياسية كان عضوا في حزب الرفاه الذي تولى زعيمه نجم الدين أربكان رئاسة الحكومة زمناً قصيراً بين عامي 1996-1997، مع العلم أن تفسير غضبه من “إسرائيل” ينبغي أن يدمج لتوجهاته وجذوره العقائدية، وبين الدور الجديد الذي أرادته تركيا لنفسها في الشرق الأوسط، ما يعني أنه إذا كان هذا الوضع، فان “إسرائيل” لا تستطيع أن تعمل سوى القليل جداً لمصالحة رئيس حكومة تركيا الحالي واللاحق بعد الفوز المحقق في الانتخابات.

وتقرأ محافل عسكرية أخرى أنه قد يتبين أن معضلة تل أبيب بشأن استمرار التعاون العسكري مع أنقرة غير ذات صلة إذا استمر الضعف المنهجي لمكانة جيشها، ففي شباط فبراير 2010 اعتقل أكثر من ستين ضابطاً كبيراً في الخدمة والاحتياط، واتهامهم بالتخطيط لانقلاب عسكري، مع العلم أن المؤسسة العسكرية التركية شكلت “عاملاً مركزياً” في تشجيع التعاون مع “إسرائيل”، وهناك إشارات في أنقرة اليوم ترى أن نتائج الانتخابات القادمة سيعقبها “تضاؤل” للتعاون العسكري مع تل أبيب بلا شك، ولا يتوقع أن يجتهد جيش أنقرة لاستمرار وجود العلاقات معها، رغم الاستقبال الحافل لوزير “ايهود باراك” في زيارته لأنقرة في يناير 2010، ولذلك أسرع سلاح الجو لاستخلاص استنتاجات من تدهور العلاقات مع تركيا، وانتقل لليونان على أنها بديل في المجال الجوي للتدريبات العسكرية.

وتختم المحافل الصهيونية قراءتها للانتخابات، بأنه توجد اليوم أدلة كافية على التوصل إلى استنتاج أن “إسرائيل” خسرت تركيا، بقيادة حزب العدالة والتنمية، بصفتها شريكة إستراتيجية، وإن تغيير سياستها الخارجية والإقليمية سيزيد التوترات بينهما، لأنه لا يتوقع أن تهب “إسرائيل” لتركيا الفرص التي تريدها كوسيط، ومن المناسب أن تصبح التأثيرات في مجال التوازن الاستراتيجي في المنطقة عنصراً ثابتاً في الحوار الاستراتيجي لـ”إسرائيل” مع المجموعة عبر الأطلسي، لان مصالح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد تناقض مطامح تركيا في المنطقة.

وهنا لابد لـ”إسرائيل” أن تنجر إلى تحرشات لتصريحات وأفعال تركيا، أو أن ترفض آلياً مبادرات حكومية لحكومتها، لأن رئيس الحكومة القادم سيستغل كل عمل إسرائيلي لمصلحة سياسته، مع هذا، قد لا تُحدث التغييرات العامة المخطط لإجرائها سنة 2010 تغييراً في السياسة التركية وسيطرة حزب “العدالة والتنمية”، وكل خطوة أو رد من قبل “إسرائيل” قد يؤثران تأثيراً هامشياً فقط في النتائج.

وهكذا فإن فوز الحزب الحاكم، قد يُحدث تغييراً مهماً في التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وسيقتضي هذا الوضع جواباً استراتيجياً على هيئة إحداث نظام جنوبي من الدول التي سيقلقها نشوء محور متطرف شمالي يشمل إيران وتركيا وسوريا.

القناة الأولى، 14/6/2011

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات