الثلاثاء 13/مايو/2025

رئيس الموساد السابق يفجر قنبلة سياسية وعسكرية بين الصهاينة

رئيس الموساد السابق يفجر قنبلة سياسية وعسكرية بين الصهاينة
تواصلت القراءات والتفسيرات الصهيونية لتصريحات التي شبهت بـ”القنبلة”، التي فجرها رئيس “الموساد” السابق، مائير داغان، حول عدد من التحديات التي تواجهها “إسرائيل” خلال الفترة القريبة القادمة، وعلى الرغم من انشغال القيادة السياسية والأمنية بها، إلا أنها فضلت عدم إصدار بيانات، بهدف إنزالها من العناوين، حيث رفض رئيس الحكومة ووزير الحرب التعقيب عليها.

وقالت أوساط سياسية رفيعة المستوى في “تل أبيب” إنّ ما يثير القلق الشديد لـ”داغان” ليس شهر أيلول، كما يعتقد وزير الحرب، ايهود باراك، خوفاً من اندلاع مواجهات واسعة وزحف فلسطيني نحو القدس والمستوطنات، وإنما موقف القيادة الصهيونية الذي وصفه بـ”غير المسؤول” في مواجهة هذا الموقف، وقد يحمل تهديداً حقيقياً على وجود الدولة!

ورغم أنّ “داغان” لم يطرح خطة محددة للسياسية الصهيونية في المرحلة القادمة، لكنه تحدث بشكل يعبر عن طبيعة الموقف الراهن، الذي يحمل بين طياته العديد من الأخطار المرتقبة، ولهذا خرجت الكلمات منه لتعبر عن الحقيقة التي يراها هو، من منظاره الأمني الاستخباري.

وقد عبر بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يثق كثيراً في القيادة الحالية، وقدرتها على تحمل الموقف، وكيفية التعامل مع استحقاق أيلول القادم، حيث يكمن الخطر الحقيقي ما ستتعرض له “إسرائيل” من ضغوطات وعزلة، مما سيدفع القيادة الحالية لاتخاذ قرارات غير مسئولة، وفتح مواجهة عسكرية مع إيران، مما يعتبر أكبر التهديدات التي قد تلحق بها.

واعتبر “داغان” أن “إسرائيل” قد تواجه في هذه الحالة موقفاً شبيهاً لما حدث في الأيام الأولى لحرب أكتوبر 1973، خاصة أنه يقدر نتائج اندلاع حرب واسعة في هذه المرحلة، ستكون نتائجها كارثية عليها، ويجب منع اندلاعها، مما دفع ببعض المعلقين لتعليق على تصريحاته بوصفها “ضبط نفس عسكري ومبادرة سياسية”.

زوبعة عسكرية

من جهته، انتقد الوزير، يوسي بيلد، بشدة أقوال “داغان” المعارضة لاستخدام الخيار العسكري ضد إيران، رغم وصفه له بالإنسان “المتزن والمتروي وحسن النية”، غير أنه أخطأ حين ناقش موضوع إيران على الملأ، وأن على “إسرائيل” التوضيح أنها ستبذل كل جهد لحماية وجودها دون الخوض في التفاصيل، وذكر وزير التعليم “غدعون ساعر” أنه توقع من “داغان” قدراً أكبر مما وصفه بـ”كبح الجماح الذاتي”.

فيما عبر وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، عن أسفه لما قال إنّ “أصحاب المناصب الحساسة الذين يعتزلون الخدمة يشعرون على الفور بحاجة للإدلاء بتصريحات مطولة وغير منضبطة”، وقال وزراء آخرون أن تصريحاته “مست بقوة الردع” الصهيونية، لأن الخيار العسكري يجب أن يكون على الطاولة كخيار مؤكد بعد العقوبات، ولأن هذه التصريحات قد تؤدي لتخفيف تشديدها.

وفي غمرة هذه الزوبعة السياسية والأمنية والعسكرية حول هذه التصريحات، كشف رئيس الحكومة السابق “أيهود أولمرت” النقاب عن محادثة هاتفية مع “داغان” في أحد أيام شهر مارس 2007، حيث حضر إليه، وأخبره بمعلومات في غاية الأهمية، أعتبِرُها نادرة، ومنذ قيام “إسرائيل” لم يبلغ رئيس للحكومة بمثلها، لأنه عندما عرض “داغان” ما لديه من معطيات “ساد الصمت جميع أنحاء المكان”، وساعتها فهمت بأن الأمور ليست في نصابها، وفي غاية الخطورة، لاسيما وأن القضية وجودية ومصيرية!

وقال المعلق الحزبي “ألوف بن” العاصفة التي أثارتها تصريحات “داغان” لم تهدأ بعد، مما دفعه لأن يذكر في محادثات مغلقة تفسير معارضته للهجوم على إيران، معلناً أنه وقف إلى جانب قائد الجيش السابق “غابي أشكنازي” ورئيس الشاباك السابق “يوفال ديسكين”، ورئيس الاستخبارات العسكرية السابق “عاموس يدلين”، لمنع ما وصفها “مغامرة خطيرة”، قد يقدم عليها الثنائي “بنيامين نتنياهو وإيهود باراك”، خاصة وأن الحديث يدور عن شخصيات بحكم مناصبها “كاشفة” لأسرار الدولة، وشاركت في نقاشات سرية معهما، لكنه يخشى الآن من عدم وجود من يمنع وقوعها.

المصفي الأسطوري

ومما يكسب تصريحات “داغان” مصداقية إضافية، ما ذكره المحلل السياسي، ناحوم برنياع، حول ما وصفها بـ”الهالة الأمنية” لداغان المعروف في الأوساط الإستخبارية بـ”المصفي الأسطوري” من “الموساد”، وعشق الجمهور الإسرائيلي “للشخصيات الجيمس بوندية” التي تخلق نزعة القوة الأمنية، ولذلك فإنه في عمره الـ66، وبتجربته العسكرية والاستخبارية، يذكر أكثر من أي شخص آخر بشخصية “أريئيل شارون”، الزعيم المحبوب الأكبر في الجيل الماضي، لاسيما وأنه يعتبر تلميذه النجيب، ويتمتع بتأييد العصبة التي أحاطت به.

وتوقع “برنياع” أنه إن لم يسكت “داغان”، وواصل الهجوم على “نتنياهو”، فإنه سيستخدم وسائل أكثر حدة، كتسريب تفاصيل محرجة عن الإهمال في اغتيال رجل حماس محمود المبحوح في دبي.

“آري شابيط” الباحث الصهيوني الذي أدار الحوار في جامعة “تل أبيب”، وشهد إطلاق “داغان” لتصريحاته المثيرة للجدل، قال إنّه مثلما كانت الصدمة الأساسية لـ”أريئيل شارون” هي الهزيمة “الإسرائيلية” في اللطرون عام 1948، فإن صدمة “داغان” هي السقوط الإسرائيلي في سيناء في الأيام الأولى من أكتوبر 1973.

وعلى خلفية هذه الصدمة، يشعر “داغان” بالواجب الأخلاقي الأسمى لمنع حرب صعبة غير ضرورية، ولذلك فهو غير مستعد لأن يكون شريكاً في الصمت، كالذي سبق حرب 1973. ورغم عدم إيمان “داغان” بالإخلاء الفوري للمستوطنات، لكنه يعتقد أنه من مصلحة “إسرائيل” أخذ زمام المبادرة السياسية، ويؤمن بالتعاون مع الدول العربية المعتدلة، ويؤيد نقل أراضي واسعة في الضفة الغربية لمسئولية الفلسطينيين.

ويواصل “شابيط”: حين يدقق رئيس “الموساد” السابق في البدائل الإقليمية، فإنّه يشعر بالقلق مما يدور في الجارة مصر، لملاحظته ضعف وفقدان سيطرة لدى النظام العسكري الحالي، كما لا ترجع مخاوفه من “الإخوان المسلمين”، بل من الفوضى، وفي المقابل، فإنّه يرى في السعودية الدولة الأهم والأقوى في الشرق الأوسط، حيث يرتبط تأييده لمبادرة السلام السعودية بما وصفه “علاقته الوطيدة مع الرياض”.

ورغم مفاجأة “داغان” لمستمعيه في الجامعة بجزء من حديثه القوي والمقلق، لكنه يقدر أن الأيام الحالية غير عادية، وأن الدقيقة هي 90! رئيس الشاباك الأسبق، “يعكوب بيري”، الذي عرف “داغان” طيلة سنوات، يقول: لقد تسرح الرجل بعد سنوات كثيرة في الخدمة، وينبغي سماعه، والإنصات إليه بتركيز، كل كلمة يقولها تخرج بشكل مدروس، ولها أساس، لأنه يعلم كيف يتحمل المسئولية عن حديثه”.

ويواصل: “داغان” ببساطة يقظ أمام الواقع، ويفهم أنه على “إسرائيل” تقديم مبادرة في المجال السياسي، لأننا نتجه نحو أيام صعبة ليست سهلة، لذلك علينا أن نسمع الأشخاص الآتون من المنظومة التي كانت طيلة سنوات على صلة بشكل عميق بالأمور العسكرية والمدنية.

موقع الجيش الصهيوني، 7/6/2011

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات