العلاقات الأردنية الصهيونية واحتمالات المستقبل بين الجانبين

– الموقف من إيران: يرى الباحثون “الإسرائيليون” أنّ الأردن انتقل من اعتبارها إخطبوطاً إلى تقبل دعوة لم تتم بعد من قبل الملك الأردني لزيارة طهران، ناهيك عن رفض الأردن في سياساته العلنية ضرب إيران عسكرياً، ويفسر باحث “إسرائيلي” ذلك بأنّه ناتج عن أن إيران أصبحت أقوى وفي طريقها إلى امتلاك سلاح نووي من ناحية، وأن الأردن لم يعد واثقا أو مطمئنا للحماية الأمريكية من ناحية أخرى، وقد يكون القبول الأمريكي للتغيير الجذري في دول عربية مثل مصر وتونس عمّق ضرورات تكييف الأردن لشبكة علاقاته الإقليمية.
– الدور الهام الذي لعبته الأردن في محكمة العدل الدولية لإصدار قرارها بخصوص الجدار الذي رأت فيه مقدمة لتفريغ سكاني قد يهدد التوازن السكاني فيها، وهو مؤشر على أن الأردن سينتقل من إستراتيجية التكييف (بفعل المتغير الخارجي) إلى إستراتيجية التكيف( بالاستجابة للمتغيرات الداخلية).
– التحول في الموقف الأردني من اعتبار الدولة الفلسطينية مصدر قلق إلى اعتبارها هدفا حيويا، ولعل ذلك غير منفصل عن الفكرة السابقة، وربما إدراك نخب “شرق أردنية”، لها امتداداتها الرسمية، خطورة المشروع الصهيوني على الكيان السياسي الأردني عزز من التوجهات الحكومية الأردنية في هذا الاتجاه، بل أصبحت لدى بعض الشرائح من هذه النخب هواجس من “شرائح نخبوية فلسطينية” قد تكون موافقة ولو بشكل ضمني على تصورات كتلك التي أتينا على ذكرها.
– إسرائيل تنظر إلى الأردن على اعتبار أنها دولة “عازلة. وأن السلام معها يحول دون انتشار قوات عربية على أراضيها ضد إسرائيل”، غير أن التحولات في العراق وتطورات الأوضاع الأخيرة في سوريا ومصر وغيرها من الدول العربية جعلت التصور الإسرائيلي في هذا المجال في حالة من الهواجس المتضاربة، فثمة مؤشرات مشجعة (خفوت الشعار الفلسطيني بشكل واضح في الثورات العربية، أو فكرة الوحدة ..الخ، قياسا بغلبة شعارات الفساد والديمقراطية).
بينما هناك مؤشرات مقلقة من أن تتمكن القوى الدينية واليسارية المناهضة للمشروع الصهيوني من قطف ثمار هذه الثورات عبر صناديق اقتراع أو غيرها، وهي تصورات تجعل احتمالات استمرار السلام في المنطقة أمرا غير مؤكد بقدر كاف.
ولا شك أن قدرة “إسرائيل” على توظيف شبكة علاقاتها الدولية للضغط على الأردن لتكييفه هي قدرة لا مجال لتجاهلها، وهو أمر لا شك أيضا أنه حاضر في أذهان صناع القرار السياسي الأردني، وقد يكون الانضمام لمجلس التعاون عامل مساعد لتحسين القدرة التفاوضية للأردن أمام أية ضغوط دولية غير مواتية.
ويكفي التوقف عند مثال محدد وهو موضوع الرغبة الأردنية في إنتاج الوقود النووي لأغراض حل مشكلتي الطاقة والمياه في الأردن، وهو الموضوع الذي رفضته “إسرائيل” وأبدت الولايات المتحدة نوعا من التناغم فيه مع الموقف “الإسرائيلي”، ووصفت صحيفة “هآرتس” “الإسرائيلية” رد الفعل الأردني بأنه ” غاضب ومصر على موقفه”.
وانعكس هذا القلق الأردني في الشعور بتراجع العلاقات الأردنية الإسرائيلية، فقد عبّر الملك عبد الله عن ذلك عام 2010 بقوله أن العلاقات بين الطرفين ” لم تكن سيئة ومتوترة في أية فترة منذ معاهدة السلام كما هي عليه الآن”، يقصد منذ عقد المعاهدة الأردنية الإسرائيلية.
وإن النظرة التاريخية للعلاقات الأردنية “الإسرائيلية” تحمل ملامح متباينة من مرحلة لأخرى، لكن تطور المشروع الصهيوني في المنطقة يشير إلى أن الاتجاه العام للمستقبل المتوسط والبعيد لعلاقات إسرائيل مع المنطقة ومن ضمنها الأردن سيتجه للتوتر من جديد، وهو ما يتضح في المؤشرات التالية:
1. تنامي وزن الشارع العربي في صنع القرار السياسي العربي، ولما كان الاتجاه العام في الشارع العربي أكثر عداء “لإسرائيل” من أغلب النخب الحاكمة، فإنّ نجاح المسار الديمقراطي في الدول العربية سيوصل قوى أقل استعداداً لتمرير المشاريع الصهيونية، وهو ما قد يعزز نزعة التصادم. وإذا فشل المشروع الديمقراطي وعادت المنطقة إلى الإنقلابات العسكرية فإن القادة الجدد سيسعون لتأسيس شرعيتهم على شعارات تجد صدى لها في الشارع، وتمثل القضية الفلسطينية أحد هذه الشعارات، وفي كل الحالات لن تكون الأردن بمنأى عن هذه التحولات وإن اختلفت التفاصيل من دولة عربية لأخرى، وهو ما يفضي لتوتر في العلاقات الأردنية الإسرائيلية مجددا.
2. استمرار قيادات وأحزاب ومفكرين إسرائيليين في إثارة موضوع الوطن البديل وطرح الموضوع في وسائل الإعلام أحيانا وفي داخل مؤسسات الحكومة الإسرائيلية أحيانا أخرى، وهو ما أدى إلى اقتناع شرائح متزايدة في النخب الأردنية المختلفة إلى التعامل مع المشروع الصهيوني من اعتبار الموضوع مجرد ” دعاية سياسية” إلى اعتباره خيارا استراتيجيا لدى إسرائيل، مع إدراك هذه النخب مخاطر مثل هذا المشروع إذا دخل إلى دوائر صنع القرار الأمريكي عبر اللوبي الصهيوني، لاسيما وأن التخلي الأمريكي عن “الحلفاء” تجسد في حالات عديدة عربية وغير عربية ( منذ فيتنام الجنوبية مرورا ببينوشيه في التشيلي إلى شاه إيران وتايوان وجورجيا وصولا إلى حسني مبارك وبن علي وعلي صالح..الخ).
3. الملابسات الثنائية في العلاقات الأردنية “الإسرائيلية”، وقد لاحظنا ذلك في قضية المشروع النووي الأردني، وفي قضية ملابسات التداخل الفلسطيني الأردني ومحاولة إسرائيل استثمار هذا التداخل لصالحها بأشكال مختلفة( مثل علاقة حماس والإخوان الفلسطينيين وموضوع القدس)، ناهيك عن عدم تطور هذه العلاقة كما لاحظنا من تصريحات الملك.
4. ظهور تكتلات سياسية أردنية جديدة تعتبر التصدي للمشروع الصهيوني أحد أسس تكتلها، وهو ما يتضح في تشكيل الجبهة الوطنية للإصلاح التي ضمت قوى سياسية(يسارا ويمينا)، ويجمعها العداء للمشروع الصهيوني.
5. إصرار “إسرائيل” على حل أية مآزق تواجهها على حساب البيئة الإقليمية، ولما كانت الأردن هي الأكثر التصاقاً “بإسرائيل” من حيث البعد الجيوسياسي أو البعد الجيواستراتيجي، فإنّ ذلك سيدفع إلى مزيد من الإدراك في المجتمع الأردني للخطر الصهيوني على الكيان السياسي الأردني.
ذلك يعني أن مسار العلاقات الأردنية “الإسرائيلية” هو أميل إلى التراجع في المدى القصير(من سنتين إلى ثلاث سنوات)، لكن طبيعة النظم السياسية العربية التي ستخرج من رحم الثورات المتلاحقة ومدى ديمقراطيتها ستنعكس على المدى المتوسط والبعيد(5-10 سنوات) على النظام السياسي الأردني من ناحية وعلى سياساته الإقليمية والدولية من ناحية أخرى ومن ضمنها العلاقات مع “إسرائيل”.
مركز الجزيرة للدراسات، 6/6/2011
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...