عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

وهم تغيير نظام الحكم السياسي في الكيان الصهيوني

وهم تغيير نظام الحكم السياسي في الكيان الصهيوني
استعرض “عوفر شيلح”، النظام السياسي الإسرائيلي، وأوضح أنه نظام يقوم على حكم أقلية ذات مصالح شخصية تعمل على إفساد الحياة السياسية. وأضاف أنّ ما يسمِّم النظام السياسي الإسرائيلي هو وجود قادة بلا حسّ قيادة، وخوف الإسرائيليين من تقرير مصيرهم بيدهم.

فالجمهور الإسرائيلي لا يحرِّك ساكناًً ولا يغيِّر شيء، وكلّ ما يستطيع أن يفعله الإطاحة بقادة ليقبلهم بخنوع بعد عدة سنوات كأنّ الدولة خلت ممن يصلحون للقيادة. وأشار إلى أنّ الجانب الإسرائيلي في أمسّ الحاجة إلى قادة يريدون الحكم، وجمهور يطالبهم بذلك بشكل يومي، وأيّ حل آخر سيكون مجرد خداع لاستمرار الفوضى.

يطالب العديد من الخبراء والمحلِّلين الإسرائيليين بتغيير النظام السياسي على الفور لإنقاذ إسرائيل، وما لم يَقُله هؤلاء عن النظام السياسي الحالي أنه يمنع الحاكم من الحكم، ويترك مصير الدولة في يد أقليّة ذات مصالح شخصية تعمل على إفساد السياسة، وتشويه صورة الدولة. الإسرائيليون أناس عمليّون، عندما يُثقب إطار السيارة لا يطيقون الحديث النظري عن طبيعة المطاط المصنوع منه الإطار، يريدون فقط أن تقول لهم كيف يتمّ إصلاح الثقب، لكنّ إدارة النظام السياسي ليس كقيادة السيارة، والحل العملي التقني لا يُجدي في هذه الحالة.

وما من شيء في النظام السياسي الإسرائيلي يمنع الحاكم من الحكم، بل بالعكس هو يفتقد للضوابط والتوازنات التي تجعل من رئيس الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أكثر خضوعاً للنظام السياسي من رئيس وزراء إسرائيل. فعندما أراد (الرئيس الأمريكي السابق جورج) بوش تقديم خطّة إنقاذ الاقتصاد الأمريكي خلال أزمة 2008، وأراد (الرئيس الأمريكي باراك) أوباما إحداث ثورة في النظام الصحي الأمريكي؛ اضطرا إلى حشد كلّ ما يستطيعان من أعضاء للكونغرس لدعم ذلك. خطط بوش وأوباما عُرضت على الكونغرس، وعادت بعد تقليصها وتهذيبها، ثمّ بعد ذلك دخلت اختبار السلطة القضائية التي تتمتع بالقوّة.

وفي المقابل؛ بمجرّد أن يقرِّر رئيس وزراء إسرائيل شيئاً، يُصوِّت عليه الكنيست وفقاً لكتل تصويتية مُصنّفة سلفاً، والسلطة القضائية (الإسرائيلية)، على رغم الشكاوى من طغيانها، إلاّ أنّ تدخّلها يكون في أضيق الحدود. صحيح أنّ الحكومة ائتلافية مُشَكّلة من وزراء سياسيين يمكثون لمدد قصيرة، ولكن ما يسمِّم السياسية الإسرائيلية ليست السياسة نفسها، ولكنّ أشياء أخرى لا تتعلّق بمفردات النظام نفسه، ومنها وجود قادة بلا قيادة، وخوف الإسرائيليين من تقرير مصيرهم بيدهم.

وعندما يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي اتخاذ قرار مصيري، مثل (رؤساء الوزراء السابقين مناحيم) بيغين و(إسحق) رابين و(آريئيل) شارون، يقوم بذلك دون أن يرى حاجة لتبرير قراره للجمهور، وبالتأكيد أي رئيس وزراء يرغب في شنّ حرب، وهو قرار طالما حظي بإجماع الجماهير، أو تطبيق خطط اقتصادية راديكالية.

سنجد أنّ هذه القرارات مرّت في إسرائيل دون أدنى معارضة سياسية أو جدل جماهيري على خلاف ما يحدث في أي دولة ديموقراطية أخرى. المسؤولون (الإسرائيليون) ذوو النفوذ والمكانة في المجتمع والجيش ووزارة المالية على سبيل المثال دائماً ما يخضعون للقرارات المفروضة عليهم من القادة دون مناقشة بداية من أوسلو والانسحاب من لبنان وانتهاء بفك الارتباط عن غزة.

ماذا عن الجمهور؟ متى حرّك الجمهور الإسرائيلي ساكناً، منذ الاحتجاج على التقصير في حرب 1973، والإعلام يواجه خطراً مصيرياً، وبقاؤه مرتبط بعمله داخل النظام، والجمهور نفسه متجمِّع حول فكرة الضحية والتهديد الوجودي لإسرائيل، وكلّ ما يستطيع أن يفعله هو الإطاحة بالقائد في الانتخابات فقط ليقبله بخنوع مرّة أخرى بعد عدة سنوات. دُلّوني على ديمقراطية في العالم يعود فيها الأشخاص الذين هُزموا في الانتخابات مثل (بنيامين) نتنياهو و(إيهود) باراك لتولِّي السلطة بعد عدّة سنوات كما لو أنّ الدولة فقدت جميع أبنائها ولم يبق سواهما.

ما من طريقة لإنقاذنا من أنفسنا، فإسرائيل بحاجة إلى قادة يريدون أن يحكموا، وجمهور يطالبهم بذلك بشكل يومي، وأيّ حل آخر سيكون مجرّد خداع للإبقاء على الفوضى القائمة، وخلق وهم أننا نستطيع حلّ كلّ شيء بتغيير قانون أو اثنين.

معاريف، 6/5/2011

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات