السبت 10/مايو/2025

النائب الشيخ محمد أبو طير: نحن مع المصالحة شريطة ألا تكون على حساب الثوابت الفلس

النائب الشيخ محمد أبو طير: نحن مع المصالحة شريطة ألا تكون على حساب الثوابت الفلس
ما بين حماس الشباب وحكمة الشيوخ تتبلور شخصية هذا المقدسي الثائر الذي جمع بين الدعوة والوطنية والمقاومة والسياسة فكان نموذجًا للعطاء الفلسطيني المميز … ورغم تغييب السجن له نحو ثلاثين عامًا  في الأسر إلا أنه الحاضر دومًا في وجدان الشعب والقضية … فعبق المقاومة لا يفارقه كما الحال مع الذِّكر الذي يزين لسان دومًا، وعشقه للوطن والقدس باقٍ لا يستطيع أحد أن ينزعه من وجدانه .. رغم نزعهم لجسده من قلب القدس وحواريها عنوة .. رفض السكن في عاصمة السياسة والمال والاقتصاد والدبلوماسية  ( رام الله ) وارتضى أن يسكن في  ( كفر عقب ) أقرب قرى محافظة القدس الشمالية لمدينة القدس كي يبقى مطلا عليها وعلى قبتها الصفراء ومسجدها المبارك .. إنه الشيخ المقدام النائب المقدسي المبعد محمد أبو طير ( أبو مصعب ) … التقاه المركز الفلسطيني للإعلام فكانت هذه المقابلة:

س )  المولد والنشأة  … متى وكيف وأين ؟

ج ) ولدت عام 1951م  في بلدة ( أم طوبا ) التي تقع في الجنوب الشرقي لمدينة القدس والملاصقة لبلدة صور باهر، وهي قرية عربية إسلامية تعود جذور تأسيسها إلى العهد الكنعاني … يسكنها أناس مسلمون فلسطينيون مميزون في طيبتهم وانتمائهم لأرضهم ومقدساتهم ودينهم … يزين هذه القرية عدد من المساجد التي تحتضن الخيرين من أبناء القرية، وقد عملت إمامًا لمسجد القرية طيلة 35 عامًا، تزوجت بفضل الله وأنجبت خمس بنات وابنين ولي من الأحفاد عشرة.

س) كيف بدأت مسيرتكم التربوية والعلمية ؟

ج ) تعلمت في مدارس القرية، وانتقلت للدراسة الثانوية في مدينة القدس الحبيبة حيث التحقت بمدرسة ثانوية الأقصى الشرعية التي كان مقرها في باب السلسة بالقرب من المسجد الاقصى .. في هذه المدرسة تكونت ملكتي الإيمانية والوطنية حيث عبق المكان وتطور الأحداث… في المدرسة الشرعية تعلمنا أحكام الدين بلا شك لكنا تعلمنا في الوقت نفسه حب الوطن والحرقة عليه .. وبدأ التفكير لدينا كيف نحمي هذا الوطن الذي يسلب أمام أعيننا من يهود على مسمع مليار ونصف مسلم، لقد كان لهذه المدرسة ولمعلميها الأثر الكبير في تكويني الدعوي والجهادي والسياسي، بل من جوار الأقصى انطلقت النية للعمل المقاوم .. فعوامل التحفيز كثيرة وعبق المكان كما سبق وأن تحدثت كان يدفع في هذا الاتجاه.
ثم انتقلت إلى عمان ثم بيروت حيث التحقت بجامعة بيروت العربية ودرست فيها سنتين لكنني لم أتمكن من إتمام دراستي بسبب الأوضاع السياسية والتحاقي بالثورة.
أعدُّ الآن كتابًا شاملا كاملا عن 30 عامًا في الاعتقال في سجون الاحتلال.

س) القدس تهود والحفريات الصهيونية تشطب التاريخ وتطمس الحضارة .. أين أنتم .. وماذا قدم المقدسيون للقدس والأقصى ؟

ج) قلبي يعتصر ألمًا وأنا أشاهد هذه المدينة الحزينة معراج النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهي تهود يومًا بعد يوم .. لقد كنت شاهد عيان على بدايات التهويد والتهيئة لذلك حتى قبل احتلال المدينة من الصهاينة .. كنت شاهد عيان عندما أقدمت السلطات الاردنية عام 1966م على ترحيل 500 عائلة فلسطينية من حارة الشرف إلى مخيم شعفاط وكان ذلك من خلال اتفاق بين إسرائيل والأردن لتهيئة هذه الحارة لتصبح فيما بعد حارة اليهود ؟! .
لقد شاهدت بأم عيني هدم أحياء كاملة في مدينة القدس وهدم قصور الأمويين، كما كنت شاهدًا على حرق المسجد الاقصى المبارك من قبل الصهيوني ( روهان كوهين ) في شهر آب 1969م وساهمت مع شباب القدس وفلسطين في إطفاء النار المشتعلة التي أحرقت قلوبنا ..
    كما تابعت عن كثب الحفريات المستمرة تحت المسجد الاقصى وكنا دومًا نستنجد بالخيرين من أبناء هذه الأمة الذين جندوا أنفسهم للدفاع عن الأقصى والذين كان على رأسهم شيخ الأقصى الشيخ المجاهد رائد صلاح.
لقد دافع عن القدس علماؤها وخطباؤها، وكان في مقدمتهم روحي الخطيب والشيخ عبد الحميد السائح والشيخ حلمي المحتسب والشيخ سعيد صبري والأستاذ المهندس حسن القيق والحاج حسين سلهب والحاج راضي السلايمة والحاج رشدي الشويكي … وكان من الخطباء من أجّجوا الروح الجهادية والوطنية في أهالي القدس للدفاع عنها: الشيخ عادل الشريف والشيخ جميل الخطيب والدكتور الشيخ محمد صيام والشيخ حامد البيتاوي والشيخ محمد فؤاد أبو زيد والشيخ عكرمة صبري والشيخ رائد صلاح وغيرهم.
كما قدم الشعب الفلسطيني مئات الشهداء وآلاف الجرحى دفاعًا عن المسجد الأقصى والقدس وذلك خلال الانتفاضة المباركة عام 1987م وانتفاضة النفق وانتفاضة الاقصى … لقد سال الدم الفلسطيني بحرارة في ساحات الأقصى … هم القدس كبير كبير، يحتاج إلى جهد العرب والمسلمين حكومات وشعوبًا  ولكن بكل أسف لا بواكي علينا ؟!!!!. عقدت عشرات القمم العربية وشكلت عبر منظمة المؤتمر الإسلامي لجنة القدس التي يرأسها العاهل المغربي ولكن كل ذلك كلام في الهواء فالقدس بحاجة إلى من يدافع عنها ويذود عن حوضها ويحافظ عليها من التهويد والتهديد الصهيوني اليومي.

س ) كيف انخرطتم في المقاومة .. وماذا عن مسيرتكم الجهادية ؟

ج ) أحببت المقاومة والجهاد منذ نعومة أظفاري؛ فالقدس والعيش فيها ومتابعة ما يحصل لها يؤجج نار المقاومة في قلوبنا .. لقد تقدمت في العمل الفدائي منذ الصف الثاني الثانوي، ومن أجل ذلك سافرت خارج الوطن وعايشت أحداث أيلول في الأردن في أيامها الاخيرة، فيما التحقت بالعمل الفدائي رسميًا عام 1970م واستمرت الرحلة إلى عام 1974م وأنا أتنقل بين قواعد الثورة في سوريا ولبنان، فقد عملت في الأمن المركزي لفتح، ولخلافٍ ما تحولت للقطاع الغربي وعملت مباشرة مع القائد سعد صايل ( أبو الوليد ) ، بعدها كان لزامًا علي أن أعود إلى الوطن لإجراء بعض الترتيبات، لكن تم اعتقالي بعد عودتي يوم 13/9/1974م.

س) الشيخ أبو طير كان قائدًا في السجن كما هو خارجه .. ماذا عن دوركم القيادي داخل السجون الصهيونية ؟

ج) أهم عمل نعتز به ونفخر داخل السجون هو تأسيس الجماعة الاسلامية التي كانت نواة لحركة حماس وتنظيمها اليوم في سجون الاحتلال، وقد كان هذا التأسيس عام 1977م في سجن الرملة، وقد كنت أميرًا عامًا للجماعة الاسلامية من عام 1977م إلى عام 1985م، وأما العمل الثاني الذي أفخر به هو إشرافي على صفقة تبادل الاسرى التي أبرمتها منظمة الجبهة الشعبية القيادة العامة حيث كلفت بذلك رسميا من القيادة العامة.
في عام 1992م انتخبت أميرًا عامًا لحماس في سجن الخليل حتى عام 1995م، وفي عام 1996م تم انتخابي أميرًا عامًا لحماس في سجن عسقلان حتى عام 1998م، مارست عملا تثقيفيًا وتعبويًا داخل السجون وكان لذلك عظيم الأثر على شباب حماس داخل السجون.

س) ما هي الأسباب التي أدت إلى إبعادكم عن القدس ؟

ج) بلا شك أن ممارستي للعمل المقاوم ومقارعة الاحتلال كانت هي السبب إضافة إلى حضوري السياسي وخاصة بعد انتخابي في المجلس التشريعي الفلسطيني، كذلك عملي الدعوي في المساجد والجامعات، إضافة إلى الاعتقالات المستمرة، فقد أعيد اعتقالي بعد فوزي في انتخابات المجلس عام 2006م، وجرت عملية الاعتقال يوم 29/6/2006 م وتم الإفراج عني يوم 20/5/2010م وتم إبعادي عن القدس يوم 8/12/2010م تحت حجة انتمائي لحماس … لكن السبب الرئيس  لعملية الإبعاد حسب ظني هو تفريغ مدينة القدس من نخبها الإسلامية والوطنية وترك الشعب الفلسطيني في القدس يتيمًا تعصف به رياح التهويد حيث مالت.

س) كيف تنظرون إلى مستقبل حماس المقاوم في ظل العمل السياسي الرسمي ؟

 

ج)  حركة حماس حركة شاملة تجمع ما بين الدعوة والسياسة والمقاومة .. وقد كان شعارها الانتخابي ( يد تبني ويد تقاوم )، وأي حركة لم تزاوج بين السياسة والمقاومة تكون كسيرة الجناح .. أبارك هذه المزاوجة ولولاها لما كان هذا الصعود وهذا التصعيد .. القسام  انتزعت شاليط من دبابته وهي في أوج عطائها الحكومي السياسي فلا تناقض بين النهجين بل المطلوب الجمع بينهما حتى تكتمل المعادلة.

س) كيف تنظرون إلى المصالحة في ظل الظروف الراهنة ؟

ج) نحن مع المصالحة شريطة ألا تكون على حساب الثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها الحفاظ على مشروعية المقاومة وحقنا في ممارستها. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات