الغول: آلاف الأسرى في سجون العدو يعانون الموت البطيء

أكد المستشار محمد فرج الغول وزير شئون الأسرى والمحررين في الحكومة الفلسطينية على أن الأسرى في سجون الاحتلال يتعرضون لهجمة شرسة ومستمرة من قبل إدارات السجون طالت كافة جوانب حياتهم، وجعلت منها جحيما لا يطاق، حيث يبتكر الاحتلال الأساليب التي تنتقص من حقوقهم وتضيق على معيشتهم وتحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية.
وأشار الوزير الغول خلال مقابلة خاصة أجراها معه مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أن الاحتلال يحرم أكثر من 1500 أسير مريض من العلاج اللازم، وتمارس بحقهم سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي تركتهم فريسة سهلة لتلك الأمراض تنهش أجسادهم المنهكة بفعل ظروف السجن القاسية.
وبين أن الاحتلال يحرم الآلاف الأسرى من زيارة ذويهم في انتهاك مكشوف لمبادئ اتفاقية جنيف الرابعة التي تمنح الأسرى حق الزيارة بشكل شهري ومتواتر، إضافة إلى استمرار اختطاف 12 نائبا من نواب المجلس التشريعي، دون اعتبار لوضعهم القانوني وحصانتهم البرلمانية، وبين أن الاحتلال يتعمد تشريع انتهاكاته بحق الأسرى ليوهم العالم بأنها قانونية ولا يوجد بها مخالفة لأي من القوانين والتشريعات، مبينا أن كل هذا التفاف على حقوق الأسرى.
وفيما يلي نص المقابلة:
* بداية حدثنا عن آخر الإحصائيات التي تتعلق بالأسرى وخاصة القدامى؟ وماذا عن ظروف اعتقالهم؟
فيما يتعلق بأعداد وأوضاع الأسرى في سجون الاحتلال فسلطات الاحتلال تختطف في سجونها حوالي (7000) أسير فلسطيني وعربي، بينهم (37) أسيرة، و(300) طفل، وهناك (12) نائبا في المجلس التشريعي.
ومن بين الأسرى (695) أسير من قطاع غزة، و(390) من القدس ومناطق الـ48، والباقي من الضفة الغربية المحتلة، وهناك ما يقارب من (200) معتقل إداري، بدون تهمه وبدون محاكمة وغالبيتهم تم التجديد لهم لفترة اعتقالية أخرى لمرة أو أكثر، ومن بين الأسرى (850) أسير يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد لمرة أو لعدة مرات.
وبخصوص الأسرى القدامى وهم المعتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، وصل عددهم إلى ( 305 ) أسرى وهؤلاء من كافة المناطق، من بينهم 132 أسير امضوا ما يزيد عن عشرين عام وهم عمداء الأسرى، و31 أسير امضوا ما يزيد عن ربع قرن، بينما هناك 4 أسرى امضوا أكثر من 30 عاماً داخل السجون.
وعن شهداء الحركة الأسيرة فقد ارتقى في سجون الاحتلال (199) أسيرا شهيداً كان أخرهم الشهيد (محمد عابدين) من القدس استشهد نتيجة الإهمال الطبي المتعمد والتعذيب.
ولايزال الاحتلال يمارس كافة وسائل التعذيب بحق أسرانا بأوامر رسمية حيث يعتبر كيان الاحتلال الوحيد في العالم الذي أجاز التعذيب وشرعه بقرار من محاكمة صورية، ليعطي بذلك رخصة للمحقق وأجهزة الأمن المختلفة لديه في مواصلة تعذيب الأسرى، إضافة إلى أن الأسرى يعانون من سياسة اقتحام الغرف ليلا للتفتيش والاعتداء عليهم بالضرب والشتم والمعاملة المهينة واستمرار التفتيش العاري ومصادرة ممتلكاتهم الخاصة.
أما العزل الانفرادي المميت الذي تعاقب فيه سلطات الاحتلال الأسري لسنوات طويلة حتى أصبح بعضهم عرضة للأمراض النفسية الصعبة نتيجة عزله وحيدا لفترات طويلة، كما حدث مع الأسير “عويضة كلاب ” من غزة، هذا عدا عن احتجاز المئات من الأسري لشهور وسنوات دون محاكمة أو تهمة تحت مسمي الاعتقال الإداري وفرض الغرامات المالية الباهظة عليهم واستغلال حاجة الأسري للشراء من الكنتين.
* قبل نحو شهرين تعرض أسير لمحاولة اغتيال “بحبة سم” ما تعليقكم على هذه الجريمة؟
نحن تلقينا هذا الخبر ببالغ القلق والإدانة حيث انه سابقة خطيرة بهذا الشكل أن تتم محاولة اغتيال أسير بهذه الطريقة المباشرة، وعبر أحد الأسرى المتعاونين، صحيح أنها طريقة جديدة في شكلها ولكن في مضمونها فهذه سياسة ممنهجة لدى الاحتلال بقتل الأسرى بشكل بطئ ليوحي بعدم مسئوليته المباشرة عن عملية القتل، وهذا حدث وتكرر مع العديد من الأسرى الذين استشهدوا بعد تحررهم من الاعتقال، حيث أطلق الاحتلال سراحهم بعد إصابتهم بأمراض خطيرة، ثم توفوا بعد تحررهم بشهور أو سنوات ومنهم الأسير المحرر “فايز زيدات” من الخليل والذي استشهد بعد تحرره من السجون بستة أشهر فقط، حيث أصيب بمرض السرطان داخل السجون.
وبخصوص حادثة محاولة اغتيال الأسير هيثم عزات صالحيه” من رام الله والمحكوم بالسجن المؤبد مرتين، فنقول أنه تعرض لمحاولة اغتيال واضحة عندما قام ضابط من الشاباك، بتسليم احد العملاء حبه دواء أو سم ليضعها في كاس القهوة لذلك الأسير في سجن إيشل. مما أدى إلى إصابة الأسير بأعراض مرضيه خطيرة أهمها فقدان التركيز وخدلان في الشق الأيمن من وجهه وجسده وإطرافه، وفقدان السيطرة على عملية التبول وهى أعراض تشبه أعراض الجلطة، ورغم ذلك لم تقدم إدارة السجن بنقله إلى المستشفى للعلاج، ولا زالت حالته الصحية صعبة.
وقد اعترف الاحتلال بمسئوليته عن عملية الاغتيال بشكل واضح ومباشر وذلك من خلال مساومة الأسير على عدم الحديث عن محاولة اغتياله، لوسائل الإعلام أو للمؤسسات الحقوقية والمحامين، مقابل تقديم العلاج المناسب والناجع للسم الذي أعطى له، وقد عبر الأسير عن رفضه المطلق لهذه المساومة، ونحن نسعى لكشف هذا الأسلوب الخبيث لاغتيال الأسرى، حتى لا يتكرر مع غيره من الأسرى، وهذه الجريمة تفتح الباب للتحقيق في حوادث الوفاة التي تعرض لها الأسرى، سواء داخل السجن أو بعد تحررهم بفترة قصيرة، وبالتالي يجب إيفاد لجنة طبية خاصة لمعانية الأسير المستهدف، والوقوف على طبيعة الدواء الذي تم إعطائه له، وكذلك التعرف على حالات المرضى الخطيرة، وما يتعرضون له من إهمال طبي متعمد.
* هل أنتم راضون عن الجهود التي بذلتموها من أجل تدويل قضية الأسرى؟
هذا الهدف هو من أولويات عمل الوزارة، وقد قطعنا شوطا جيداً في هذا المضمار، وراضون عن مجهودتنا في هذا المجال، واستطعنا بفضل الله أن نصل بتلك القضية إلى أماكن ومؤسسات جديدة، وشهد العام الماضي حراك محلى وعربي ودولي ملحوظ نحو تفعيل قضية الأسرى، وشهدنا عدة مؤتمرات دولية هامة من اجل تحقيق هذا الهدف بدأت في غزة ثم الجزائر والمغرب، وينتظر عقد مؤتمرات أخرى في عدة دول في العالم، بما فيها المؤتمر الهام الذي سيعقد في مقر الأمم المتحدة بسويسرا.
ونحن نعتبر أن الأهم من عقد المؤتمرات في هذه المرحلة هو تطبيق وتنفيذ ما تم التأكيد عليه في توصيات المؤتمرات واللقاءات والجلسات التي عقدت من اجل قضية الأسرى سابقاً، حيث كانت قد خرجت بتوصيات مميزة على صعيد تدويل القضية ورفعها إلى المؤسسات الدولية، ولكن هذه التوصيات بحاجة إلى متابعة دائمة لضمان تنفيذها، وخاصة التوصيات على الصعيد القانوني كاستصدار قرار بطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية في لاهاي، حول الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال، وفقا لأحكام القانون الدولي ذات الصلة، باعتبارهم أسرى حرب، ولهم الحق المشروع في مقاومة الاحتلال، وعقد اجتماع للدول الأطراف الموقعة على اتفاقيات جنيف، وذلك لبحث امتناع إسرائيل ورفضها تطبيق هذه الاتفاقيات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والطلب من هذه الدول تحمل مسؤولياتها السياسة والقانونية بموجب المادة الأولى المشتركة من اتفاقية جنيف الرابعة.
ونشير إلى التوصية التي خرجت عن ملتقى الجزائر بتأسيس شبكة عالمية لدعم الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، وتعمل على متابعة تطبيق توصيات الملتقى على مستوى مجلس الأمم المتحدة، ومن ثم إرغام الهيئات الدولية على تحمل مسؤولياتها كاملة حيال ما يعانيه الأسرى.
وكذلك ما أوصى به مؤتمر المغرب بتشكيل ائتلاف دولي داعم ومناصر لقضية الأسرى والمعتقلين على المستويات الحقوقية والقانونية والإعلامية مكون من شخصيات عربية ودولية أخرى.
* كيف تقييمون التغطية الإعلامية لقضية الأسرى في سجون الاحتلال؟
كما هو معروف فإن لوسائل الإعلام أهمية كبيرة في تسليط الضوء على قضايا شعبنا العادلة وعلى رأسها قضية الأسرى، ووسائل الإعلام تعلب دوراً هاماً في هذه القضية ولكن ليس بالشكل الذي نطمح إليه وننتظره من وسائل الإعلام، حيث أن معظمها يتعاطى مع قضية الأسرى كقضية موسمية، أي ترتفع درجة اهتمامها بقضية الأسرى مثلاً قبيل اقتراب يوم الأسير الفلسطيني في 17 من نيسان من كل عام، وتعتقد للوهلة الأولى بأن قضية الأسرى على سلم اهتماماتها إلا أنه وبعد انتهاء هذه المناسبة، لا يجد الأسرى مكاناً يذكرون فيه، وكذلك الأمر إذا تعلق بحادثة اقتحام لسجن معين، أو استشهاد اسري داخل السجون، تصعد وسائل الإعلام من تناولها لقضية الأسرى، وبعد انتهاء زخم الحدث نجدها قد بدأت بالابتعاد عن قضايا ومعاناة الأسرى وما يتعرضون له داخل السجون.
نحن نريد من وسائل الإعلام هو أن تُبقى قضية الأسرى حية وحاضرة في كل وقت، وان تسلط الضوء على أوضاعهم السيئة، وعلى الانتهاكات التي يتعرضون لها، والاهم التركيز على ارتكاب سلطات الاحتلال جرائم حرب بحق الأسرى، ومخالفة القانون الدولي الإنساني، وهذا الأمر لا نريد الحديث به إلى الشعب الفلسطيني فقط، إنما نريد أن نصل بها إلى الرأي العام الدولي، حتى نستطيع أن نسجل إدانة لهذا الاحتلال، ونشكل ضغوطات دولية عليه لنجبره على وضع حد للانتهاكات التعسفية لحقوق الأسرى، وتحسين ظروف احتجازهم وفقاً لما تنص عليه المواثيق الدولية ذات العلاقة بالأسرى، ومن ثم العمل على إطلاق سراحهم كحق مشروع.
وهناك قضية هامة جداً هو عدم التعاطي مع قضية الأسرى كأرقام، فقضية الأسرى إنسانية بالدرجة الأولى، وكل أسير خلفه عشرات القصص التي تهز المشاعر وتحرك العواطف، يجب البحث عنها وإثارتها في وسائل الإعلام، ويجب أن تتوحد كل الجهود وتستفز كل الإمكانيات من اجل إعادة الاعتبار لقضية الأسرى لتغدو الهم الأول لدى الجميع.
* أصدرتم في وزارة الأسرى تقريرا قبل أيام يتحدث عن الأسرى المعاقين، ما هي رسالتكم في هذا الجانب؟
بالفعل يوجد في سجون الاحتلال (27) أسيراً فلسطينياً يعانون من الإعاقة الجسدية بأشكالها المتعددة وذلك نتيجة إصابتهم بالرصاص أو القذائف أثناء وقبل عملية الاعتقال، أو بسبب اعتقال ذوى الاحتياجات الخاصة، هذا عدا عن العشرات من المعاقين نفسياً، ولا يقدم لهم العلاج لهم المناسب لحالتهم المرضية أو نوع الإعاقة التي يعانون منها، ويتعرضون للموت البطيء في سجون الاحتلال نظراً لإهمال علاجهم بشكل مستمر.
ويعاني الأسرى المعاقون دون غيرهم أوضاعاً نفسية وصحية متردية في ظل سياسة الإهمال الطبي المتعمدة والمبرمجة التي تتبعها إدارة السجون، والانتهاكات التعسفية والقمعية والاستهتار بصحتهم وحياتهم، مم
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يقتحم مجمع المدارس في حلحول ويشدد إجراءاته العسكرية في الأغوار
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب عدد من الطلبة بالاختناق، اليوم الأحد، جراء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي منطقة مجمع المدارس في بلدة حلحول...

إصابة مواطنين برصاص الاحتلال في بنت جبيل جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شخصان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، في بلدة مارون الراس الحدودية، قضاء بنت جبيل، جنوب لبنان....

حماس: الموقف العربي من حرب التجويع والإبادة لا يرقى لمستوى الجريمة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام شددت حركة "حماس" على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب جريمة حرب مركبة في غزة، باستخدامها التجويع سلاحا ضد...

السلطة تقطع رواتب عدد كبير من الأسرى في سجون الاحتلال
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام أقدمت السلطة على قطع رواتب عدد من الأسرى والأسيرات، والمحررين والمحررات، في خطوة أثارت استياء واسعًا في...

الأورومتوسطي: إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في قطاع غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل بالقصف المباشر على قطاع غزة ما معدله 21.3 امرأة...

الصحة تحذر من تسارع مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وزارة الصحة من أن مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية في "تسارع خطير"، فميا أفادت بأن مستشفيات القطاع استقبلت...

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...